طباعة هذه الصفحة

لا تزال تثـير الاستياء في ڤالمـة

سكنـات شاغرة ومشاريـع معطّلة تنتظــر الانعـاش

إلياس بكوش

 لا يزال ملف السّكن بولاية قالمة من الملفات الأكثر تعقيدا، والتي وضعت الولاية خلال السنوات الماضية على صفيح ساخن، وضعية دفعت الكثير من المواطنين  الى تنظيم وقفات احتجاجية للمطالبة بحقوقهم وتسوية ملفاتهم.

 عرفت العديد من المشاريع السكنية بجميع صيغها بولاية قالمة تأخّرا ملحوظا في عملية تسليمها في الآجال المحددة من طرف المقاولين، بعد أن كان ينتظر أن التسليم حسب المدة المتفق عليها بين المرقيين العقاريين وأصحابها، وذلك عبر المدن الكبرى وخاصة عاصمة الولاية، التي تشهدا تأخرا كبيرا في تسليم عدد لا بأس به من السكنات، شأنها شأن العديد من البلديات، الأمر الذي أدى بأصحابها إلى المطالبة بضرورة التدخل وإعطاء أهمية لهذا التأخر عن طريق تفعيل المراقبة من طرف مديرية السكن.
وحسب بعض المواطنين المتضررين من أزمة السكن الخانقة، أنّهم كانوا يعولون للإفراج عن هذه الحصة خلال الاحتفالات بعيد الثورة المصادف لـ 1 نوفمبر لكن لم تتم عملية التوزيع، مما أثار حالة استياء شديدة خاصة لدى المواطنين المتضررين من أزمة السكن التي أرهقت كاهلهم.
وصرّح بعضهم لـ “الشعب” بأنّهم أصبحوا لا يطيقون صبرا، متسائلين عن سبب تأخر إنجاز السكنات، بالرغم من وعود السلطات التي كانت قد أعلنت في وقت سابق أنّ السكنات أصبحت شبه جاهزة للتوزيع، في انتظار التحقيقات الميدانية التي باشرتها اللجان التابعة لمصلحة السكن.
وأضاف المتحدّثون أنهم يعيشون ظروفا صعبة، منهم من لا يزالون يقيمون مع أوليائهم في مساكن عائلية، وفي ظروف لا تبعث على الارتياح نتيجة لضيق المسكن، ومنهم من استأجروا بيوتا بأثمان باهضة بسبب حرمانهم من حقهم في السكن.

40 مسكنا تساهميا..مرقي عقاري عطّل حلم المكتتبين

 ما تزال صيغة السكن الإجتماعي بولاية قالمة تثير الكثير من الجدل، بالنظر للتأخر الكبير في إتمام الكثير منها، بعضها تحوّل إلى ورشات مهجورة وأخرى تسير بوتيرة جد بطيئة، ليتحوّل هذا الملف إلى حالة خاصة  بسبب انعدام حلول تمكّن المكتتبين من الظفر بشقق انتظروها سنوات طويلة.
يختلف حال مكتتبي مشروع 40 مسكنا اجتماعيا تساهميا جنوب قالمة، عن حال الكثير من نظرائهم في المشاريع السكنية المعطّلة، تنتظر تحرّكا من الجهات المسؤولة للدفع بالقائمين عليها على إنهاء الصراع القائم بينهم وبين المواطنين.
مشروع 40 سكنا تساهميا بمنطقة جنوب قالمة، يعتبر أحد المشاريع المعطلة على مستوى ولاية قالمة، حيث باشر مواطنون عملية الاكتتاب على أمل انطلاق المشروع سنة 2013، وهو ما تم غير أنّ الأشغال أخذت في التباطؤ شيئا فشيئا إلى أن توقفت تماما.
ومع مرور السّنوات تيقّن المكتتبون أنّ أملهم في الحصول على شقق جديدة أصبح ضربا من الخيال، خصوصا وأنّ كافة الشكاوى التي رفعوها لم تأت حسبهم بأي نتيجة، خصوصا وأنّ الملف لا يزال مغلقا، ولم تتم إثارته بكيفية جيدة.
وأكّد المكتتبون أنّهم ومن خلال رحلة البحث عن حل للمشكل، رضوا بتبريرات المرقي، غير أنّه استمر في تقديم الوعود طيلة الفترة الماضية، والنتيجة أن المشروع لم ينته بعد، بل أنّ عددا من العمارات لم تكتمل بعد بالرغم من مرور كل هذه المدة الطويلة.
وينتظر مكتتبو 40 مسكنا تساهميا جنوب قالمة، تدخلا من السلطات المحلية والولائية من أجل إيجاد حل للمشكل الذي يراوح مكانه منذ سنوات، مؤكدين أنه في كل مرة تقابلهم الإدارة بانعدام آلية قانونية تسمح لها بالتدخل، وأن كل ما بإمكانها القيام به هو توجيه إعذارات، والتي أصبحت أمرا عاديا بالنسبة لكثير من المرقين وإجراءً روتينيا.
وعلى الرغم من مرور أكثر من 10 سنوات كاملة على انطلاق عملية إنجاز مشاريع هذه السكنات، إلا أن الأشغال لم تنته بعد، وذلك بأغلب العمارات، حيث لا تزال على حالتها الخام دون إنهاء الأشغال التحسينية، كالدهن والبلاط وتركيب الأبواب والنوافذ وحتى تجهيز الحمام، حسب ما أكده مكتتبون ينتقلون في كل مرة لتفقد سير الأشغال التي تسير بوتيرة بطيئة جدا، فيما هجرت بعض العمارات من العمال.
وفي انتظار إنهاء كافة الأشغال، يواجه المشروع حسب مكتتبيه تحديا آخرا وهو التهيئة الخارجية، من شأنه أن يمدد آجال العمل أكثر، عدا أن تزويد الحي السكني بباقي التجهيزات المتمثلة في المياه، الغاز والكهرباء سيأخذ وقتا أطول، كون العملية ستأخذ بعين الاعتبار الأحياء السكنية المجاورة قيد الانجاز أو التي ستنجز مستقبلا.
واشتكى المكتتبون مؤخرا من صعوبة الوصول من أجل فتح قنوات للاتصال، ومحاولة إيجاد مخرج للمشكل الذي لا زال يراوح مكانه، وحسبهم شهدت بعض السكنات حالات احتلال من طرف مجهولين غير مكتتبين، مؤخرا، كما أن الإشكال نفسه لا يزال مطروحا أمام القضاء.
وأمام هذا الوضع، قدم المكتتبون في مراسلتهم جملة من المطالب على رأسها عزل المرقي العقاري المعني بناء على اجتماع انعقد يوم 03 / 06 / 2021 بمقر مديرية السكن مع اللجنة التقنية الولائية، والذي تمت فيه مناقشة موضوع عزل المرقي العقاري وتداعياته بطلب من المكتتبين، والذي تمخض عنه قبول اللجنة عزله كما تمثلت مطالبهم في إتمام الأشغال بمشروع 40 سكن اجتماعي تساهمي.
وطالب المكتتبون بتعيين هيئة لمراقبة نسبة تقدم الأشغال وتسوية عقود البيع على التصاميم، والسهر على إتمام المشروع في آجال مقبولة، مع ضمان حقوقهم والتدخل العاجل لوضع حد لمثل هذه الممارسات غير القانونية، وإنعاش المشروع من جديد لتمكين المكتتبين من الاستفادة من سكن العمر الذي انتظروه طويلا.
جدير بالذكر، أنّ الكثير من المشاريع السكنية في ولاية قالمة، عرفت نفس الوضعية تقريبا، خاصة فيما يتعلق باستكمال الأشغال، ما اضطر الكثير من المستفيدين إلى استكمال الأشغال من مالهم الخاص أو دخول سكناتهم على حالتها غير لائقة نتيجة أزمة السكن والشكاوى المتكررة للسلطات المعنية دون التدخل لإنصاف هؤلاء في الكثير من الأحيان، ما جعل المستفيدين في حيرة من أمرهم، وطرقوا كل أبواب الإدارات المعنية دون جدوى.

عائلة تعيش في ظروف قاهرة

 أصبح طلب السكن يثير قلق آلاف العائلات، التي أودعت ملفاتها منذ عدة سنوات دون أن تتحصل على شقة لائقة إلى حد الآن، بالرغم من أن الكثير منها تعيش وضعا صعبا بعد أن تضاعف عدد أفراد العائلات، في الوقت الذي تلتزم الجهات الوصية، وعلى رأسها السلطات المحلية، الصمت تجاه هذه الفئة، التي سبق أن تحصلت على وعود بمنحها سكنات تضمن كرامتها.
وناشدت عائلة “ع - ق« التي تعيش في غرفة واحدة منذ سنوات، السلطات المعنية ضرورة التدخل الفوري من أجل إيجاد حل نهائي لحالتها المزرية، بعد حرمانها من سكن اجتماعي لسنوات بالرغم من توفر كافة الشروط فيها للاستفادة من سكن لائق.
وتعيش هذه العائلة التي تتكون من أربعة أفراد في غرفة واحدة ، بحي حاج مبارك في وضعية كارثية، منذ أكثر من 25 سنة، حيث يؤكد أحد المقربين من العائلة أن السكن يفتقد لأبسط ظروف الحياة الكريمة، ويفتقر لأدنى الشروط باعتباره سكنا قديما جدا، ولم يعد صالحا للإيواء.
وحمّل هذا المواطن مصالح بلدية ودائرة قالمة المسؤولية بعد أن حرمتها من سكن لائق، بالرغم من أن جميع الشروط تتوفر فيها من أجل الحصول على سكن لائق، وفقا لذات المتحدث.
وأضاف بأن الجهات المهنية تكتفي بالقول بأنها ستدرس الموضوع وتنظر في القضية، وهو ما جعل العائلة تطالب بالتدخل الفوري للسلطات المحلية من أجل النظر في هذه القضية ومعالجة الوضعية الكارثية التي تقيم فيها.
فكيف - يضيف قائلا - لعائلة كاملة وإلى غاية سنة 2022 أن تعيش في غرفة واحدة ليس بها مدخل للتهوية أو أشعة الشمس بدون نوافذ، معرّضين لخطر أمراض تفتك بهم، فأفراد العائلة جميعهم يعانون من أمراض تنفسية وحساسية مرتبطة أساسا بالوضع الذي يعيشونه”.

سكان القرى والمشاتي يتطلّعون لـ “الريفي”

 لم يتم - حسبهم - الاستجابة لمطالب الكثير من طالبي صيغة السكن الريفي بعديد البلديات الولاية على الرغم من حاجاتهم الماسة لهذه الصيغة التي طالبوا بها مرارا، وتفتقر عديد المناطق الريفية على غرار الركنية حمام دباغ بوحشانة حمام النبايل لهذه الصيغة السكنية، حيث يعيش قاطنوها وسط أزمة سكن خانقة لم تشفع بتحقيق مطالبهم في الحصول على السكن الريفي وإنهاء معاناتهم مع واقعهم المرير، حيث لا يزال طالبو هذا النوع متمسكين بمطلبهم في الحصول على سكنات ريفية لتحسين أوضاعهم المعيشية المرزية.
يطالب العديد من سكان القرى والمشاتي بولاية قالمة، السلطات الولائية بضرورة تخصيص حصص إضافية من السكن الريفي لكون الاستفادات السابقة لم تلب حاجياتهم مقارنة بوضعياتهم السكنية المزرية، وعدد الطلبات التي تعرف ارتفاعا من وقت لآخر.
وقال المعنيون في حديثهم لـ “الشعب”، بأن ذلك من شأنه تحسين إطارهم المعيشي ووقف النزوح نحو مراكز البلدية، وتثبيتهم في محيطاتهم الفلاحية بما يعيد إعمار الوسط الريفي، الذي شهد هجرة في السنوات الفارطة، بسبب كثرة المشاكل على مستوى قراهم.
فيما أكّد بعضهم، أنّ مطلبهم يأتي بهدف القضاء على البيوت الهشة، خاصة بعد تسجيل عشرات الطلبات للحصول على سكن ريفي، وهو ما يسمح لهم ببناء سكنات لائقة تتوفر على جميع الشروط الضرورية.

الفايسبوك لنقل معاناة الضّيق

 في هذا الصدد، تحوّلت صفحة التواصل الاجتماعي لولاية قالمة، إلى منبر لنقل معاناة هذه الفئة عبر مختلف البلديات، إلى والي الولاية ومناشدته للنظر في ملف السكن الإجتماعي خاصة بالنسبة للفئة المقصية، الذي أسال الكثير من الحبر منذ العقد الأخير، حيث لا تخلو هذه الصفحة يوميا من الشكاوى والانتقادات والانشغالات الخاصة بملف السكن بجميع صيغه، إذ يزيد تذمر المحرومين نتيجة عدم تلقيهم أي رد من المعنيين، ومن بين هؤلاء من كتب: “ألم يحن بعد الأوان لأصحاب ملفات السكنات، ونحن ننتظر منذ قرابة 25 سنة”