طباعة هذه الصفحة

الأمين العام لاتحاد الكتاب الفلسطينيين، مراد السوداني لـ»الشعب»:

الرئيس تـــبـون دعّـم موقف الجزائـر الــثــابت تجاه فلسطين

حوار / نورالدين لعراجي

 ثــقــافــة المــقــاومــة في مــواجهــة الروايــة النــقيــضــة الاحــتــلالــيــة

 الــثــقافــة الفــلسطــيــنية ثــابتــة على خــارطــة الابــداع العــربي والــكــوني

أثنى الأمين العام لاتحاد الكتاب والأدباء الفلسطينيين الشاعر مراد السوداني على قرار رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون الرافض للتطبيع مع الكيان الصهيوني مثمّنا الدور الذي تقوم به الجزائر في دعم القضية الفلسطينية سياسيا ثقافيا ودوليا.
واعتبر حضوره كضيف شرف في المعرض الدولي للكتاب بالجزائر يدخل في هذا الإطار.


- «الشعب»: تقومون بزيارة إلى الجزائر في إطار التبادل الثقافي بين دولة فلسطين والجزائر على هامش فعاليات الصالون الدولي للكتاب في دورته 25. كيف هو الواقع الثقافي الفلسطيني اليوم؟
 مراد السوداني: أشكر جريدة «الشعب» الجزائرية على هذه الفرصة والاستضافة في هذا الوقت بالذات الذي نحتاج فيه جميعا الى مقولة ثقافية تليق بهذه الامة التي حتما ستعود الى اولها وأحقها وحقيقتها بما يليق بوعيها وتراثها وواقعها وثقافتها وحضارتها وثابتها.
حقيقة الواقع الثقافي الفلسطيني هو جزء من الواقع الذي تحياه فلسطين قضية وشعبا ومعاناة في كل السياقات وفي كل الجغرافيات، ليس فقط في الوطن المحتل فلسطين، بل حتى في المنافي والهجاج، لأن المعاناة والتراجيديا الفلسطينية مازالت تتفصد على جسد وروح فلسطين منذ ما يزيد عن 125 عام واتحاد الكتاب جزء من هذا السياق العام، يواجه الرواية النقيضة الاحتلالية ويقاومها بكل مكونات الابداع بالثقافة العميقة بإصرار فلسطين على ثقافة المقاومة التي يجترعها مثقفو ومبدعو فلسطين.
 لذلك أقول أن المثقف الفلسطيني على ثغرة من ثغر الثقافة والمواجهة فلا يؤتين من قبله، على الرغم من حالة التخلي (بين قوسين) من الاقربين والأبعدين ليس فقط عن المثقف الفلسطيني بل عن فلسطين التي أراد الربيع الأسود والاستطالات والاستراتيجيات الحاسمة الكونية من امريكا والعدو الصهيوني ومن تبعهم لقطف رأس القضية الفلسطينية التي رفعت «لا» كبيرة قيادة وشعبا ومثقفين لصدّ هذه الرياح الصفراء التي أرادت أن تعشب نقاط الضوء والأنساق الخضراء في القضية الفلسطينية سياسيا وثقافيا وإبداعيا لاغتيال فكرة فلسطين ومعناها الآجل.
إن فلسطين فكرة جمالية، فضلا عن أنها قضية سياسية نحن ندافع عن جمالها عن ترابها الحر والمعافى الذي هو إكسير سماوي في مواجهة هذا الطوطم النووي الملغوم وندافع عن كل تفاصيل الحياة الفلسطينية في مواجهة الموت والقتل وشرعة الذبح اليومي الاحتلالي ونعلي الجمال كقنطرة عليا دفاعا عن اسباب الحياة.

- كيف كان حال الكتيبة المؤسسة للاتحاد العام للكتاب والأدباء الفلسطينيين؟
 المثقف الفلسطيني منذ 1972 وشمت الكتيبة المؤسسة للاتحاد العام للكتاب والأدباء الفلسطينين عندما دشنت الاتحاد العام للكتاب والصحفيين حينها بمقولة «بالدم نكتب لفلسطين» اجترحها ووشمها واحد من شهداء فلسطين الاعلامي الكبير والمثقف الفلسطيني حنا مقبل رحمه الله الذي أخذ غيلة ودفع دمه ثمنا لمقولته فشكرا له مرتين مرة لأنه قال ومرة لأنه فعل.
ونحن في الكتيبة المؤسسة للثقافة الفلسطيينة منذ نوح ابراهيم الذي استشهد وبندقيته على يديه في مواجهة العصابات الصهيونية والبريطانية، صعدا بالشاعر الفارس عبد الرحيم محمود الى الشاعر غسان كنفاني الذي مازالت ساعة يديه تدق حين وجدت على ذراعه بالطابق الخامس ببيروت، وهو دليل على أن الزمن الفلسطيني مازال سيالا بحق وحقيقة.
 هذه فلسطين وأنه لن تسقطه اللحظة مرورا بالشهيد كمال ناصر والشهيد علي فودة في بيروت وهاني جوهرية الشهيد ناجي العلي والقائمة تطول لكتاب وأدباء وشعراء ومثقفين فنانين فلسطينين اغتالتهم قائمة المجرمة غولدامائير وهي قائمة مفتوحة على الفنانين والمثقفين والإعلاميين الفلسطينين لإسكات الصوت الفلسطيني لأنهم يخشون هذه الحقيقة الصادعة بالحق والساطعة بشمس فلسطين المهيمنة مواجهة لهذا النقيض الاستيطاني.
نحن في الاتحاد العام للكتاب والأدباء الفلسطينيين نعيش كل هذه الحمولة ونرث هذه الراية العالية على احدي الثقافة والمواجهة بما يؤكد قدرة المثقف الفلسطيني على الصمود ورفض كي الوعي الفلسطيني لأنهم أرادوا من خلال الربيع الاسود كي الوعي الفلسطيني لخلق الوعي الفلسطيني الجديد وكي الوعي العربي وخلق الوعي الجديد في محاولة لشرخ الوعي الجمالي الفلسطيني والعربي معا نيلا من فلسطين وتاريخها وذاكرتها.
لذلك المثقف الفلسطيني والاتحاد العام للأدباء والكتاب هو وريث تضحيات محمولة على الدم المجيد وبطولات عالية ووارفة ومازال يواصل طريق الحرية المشتهاة من اجل فلسطين واحدة موحدة في عاصمتها القدس لا شرقية ولا غربية بل هي لأهلها الطيبين المناضلين الذين مازالو يدافعون كحجارتها العتيقة عن حق وحقيقة المدينة وذاكرتها وحضارتها يصدون يوميا عن عتباتها ومقدسها العالي وسدرة بهائها هذا النقيض ألاحتلالي والجراد الادمي للمستوطنين.
 لذلك الاتحاد العام مازال امينا على الكلمة البندقية بما يليق بالثقافة الفلسطينية المقاومة ومازال محاصرا في الأرض المحتلة وهو بحاجة الى تفكيك هذا الحصار لكي يكون جزءا من النسيج العربي والعمق العربي نحو السياق الانساني تثبيتا ووشما للثقافة الفلسطينية وتثبيتا لحضورها على خارطة الابداع العربي والكوني.

- على ذكر خارطة الابداع العربي، هل نشهد كتابات جديدة تمجّد ذاكرة غسان كنفاني وبقية الكتّاب الفلسطينيين بالصالون الدولي للكتاب؟ هل وهناك مشاركة أدبية لأدباء فلسطينيين في هذه الطبعة؟
 في الحقيقة تشرّفت شخصيا بتلقي دعوة من الشاعر يوسف شقرة رئيس اتحاد الكتاب الجزائريين وبرعاية وزيرة الثقافة والفنون الدكتورة صورية مولوجي للمشاركة كأمين عام للاتحاد العام الكتاب والأدباء الفلسطينيين في فعاليات الصالون الدولي للكتاب بالجزائر.
وأتمنى لكتّاب فلسطين المشاركة في الطبعات المقبلة لاسيما السياقات الثقافية، وأن يتوسّع الفعل الثقافي المشترك بين اتحاد الكتاب والأدباء الفلسطينيين واتحاد الكتاب الجزائريين الذين نرمي واياهم عن قوس واحد بما يليق بالثقافة العربية والدفاع عن ثوابت الأمة لصدّ كل رياح التطبيع التي تزحف من أجل اغتيال فكرة فلسطين كسرة للعرب وغرة للكون.
اتمنى مع الوزيرة الدكتورة صورية مولوجي اعادة تفعيل المشروع الثقافي الذي بادر به اتحاد الكتاب الجزائريين وخاصة مشروع طباعة كتب للمبدعين الشباب بالأراضي المحتلة، آملا ان يستمر المشروع الثقافي المشترك ويخرج للنور ويفكّ الحصار عن كتاب الداخل والشتات.
وفي هذا السياق، دعني ارفع تحية باسم المثقفين الفلسطينيين الى رئيس الجمهورية الجزائرية عبد المجيد تبون الذي صدح بقولة واضحة في رفض التطبيع العربي الذي يجمل الوجه البشع لهذا النقيض ألاحتلالي والذي يزحف من اجل ارضاء العدو الصهيوني، هذا موقف مقدر من فلسطين سياسيا وابداعيا وثقافيا.
 ونحن كمثقفين نرى بأن الرياح المسمومة التي تهب من نوافذ التطبيع العربي من خلال هذا الزحف الموجع والمؤلم فبدلا من التضامن والوقوف مع قضية الامة فلسطين، نجد كثيرين يقفون مع نقائض فلسطين وعلى رأسها هذا الاحتلال الصهيوني الذي مازال يواصل القتل والموت والدمار والحصار لفلسطين ولم نبرح في فلسطين من بيت العزاء منذ ما يزيد عن 125 عام ولم نبدل تبديلا.

- على ذكر التطبيع، ظلّ موقف الجزائر مع قضية الأمة فلسطين موقفا أزليا حكومة وشعبا، ويكفي أن إعلان دولة فلسطين كان من الجزائر سنة 1988 بحضور الرئيس الراحل ياسر عرفات ابو عمار، هل فكرتم في ترجمة هذه المواقف الانسانية إبداعيا بين كتاب البلدين؟
 نعم كان ومازال هناك تعاون مشترك بين اتحاد الكتاب الجزائريين ونظيره الفلسطيني وبدعم من وزارة الثقافة الجزائرية تمّت طباعة ما يزيد عن 100 كتاب في سابقة مازلنا نحتفظ بعرفان عال من اجل هذه اللفتة التي نتمنى على وزارات الثقافة العربية ان تحذو حذو الجزائر، لأنها لا تقول من اجل فلسطين بل هي تفعل في الوقت الذي لا يقول كثيرون تفعل الجزائر الكثير من اجل فلسطين.
 فهذه المبادرة فكّت الحصار بشكل فعلي وحقيقي في دعم الاقلام الفلسطينية التي لا تجد متنفسا في العمق العربي لتعرّف بإبداعاتها وثقافتها سواء من المكرسين او من الاجيال الجديدة تطلع من حدائق النيران مثبتة مقولة فلسطين الثابتة والراسخة والصامدة. وضمن هذا الإطار اصدرنا عن بيت الشعر المغربي انطولوجيا الشعر لعديد من الشعراء الفلسطينيين في الوطن والشتات بالتعاون مع بيت الشعر في الجزائر.
 نحن بحاجة الى ان نستنسخ مبادرة ما بيننا واتحاد الكتاب الجزائريين الذين لا يألون جهدا في دعم وإسناد كتاب وأدباء فلسطين سواء هنا في المشهد الثقافي الجزائري باحتضان كتابنا الفلسطينيين دعما واسنادا بما في ذلك الشتات.
 وكان من المفترض قبل رحيل الشاعر الكبير خالد ابو خالد رئيس اتحاد الكتاب الفلسطينيين في دمشق ان يكون معنا هنا بالجزائر أحد قناطر النضال الفلسطيني والده الشهيد محمد صالح الحمد احد القادة الخمسة مع القسام في ثورة 1936.
 بالتالي هذه الاسماء التي طالما أحبت الجزائر تجد لدى المشهد الثقافي الجزائري حضورا ومحبة نريد ترجمة هذا الامر بتوسيع افكار المشاركة الفلسطينية الثقافية مابين الاتحادين بما فيها وزارة الثقافة للبلدين تعميقا وتعزيزا للفعل الثقافي بما يمدّ هذا الجسر الممتد على المحبة والعطاء مابين فلسطين والجزائر.
والجزائر لم تتخلّ عن فلسطين في أشد اللحظات الذي جفف شريان الدعم الى فلسطين واستذكر بالمناسبة زيارة الرئيس محمود عباس الى الجزائر وما لاقاه من ترحيب الابواب المشرعة لفلسطين الى جانب الدعم الذي قدم لفك الحصار المالي.
وبعد ان جفّفت الكثير من المنابع والقنوات عن فلسطين ومنظمة التحرير جاءت الجزائر كعادتها لكي تكون فارقا واستثناء في عالم عادي لكي تقرع جرسا ومرجلا عاليا من الوعي، لكي تقول يجب ان نفكك هذا الصمت المريب عن فلسطين.
 ويجب ان نسند فلسطين في هذه اللحظة المرة بعد محاولات تزييف القضية الفلسطينية محوا وتزييفا لكي ترفع راية بيضاء، فما كان من فلسطين الا ان رفعت لاءها الكبرى ضد كل محاولات المحو والالغاء.

- بالعودة إلى الكتابات الابداعية الفلسطينية، كيف هو حال النص الأدبي الفلسطيني اليوم على ضوء الاختلالات الموجودة في المشهد الثقافي العربي؟  
 نعم هذه الاختلالات التي صدعت جدران الثقافة العربية من خلال ما تسرّب اليها من مقولات شوهاء وسوداء وباهتة والتباسات معمّمة ومقصودة لإدخال «الهزيمة» في كثير من النصوص والسياقات صدى ذلك هب على فلسطين.
ولكن المناعة التي يتمتع بها المثقف الفلسطيني الثابت على ثابت فلسطين مازال ممسكا بالثقافة الفلسطينية مازال مرابطا على أحد المواجهة في منازلة هذا النقيض الاحتلالي ومقولته البئيسة، لذلك اقول بأن النص الفلسطيني مازال يتوارث نص المقاومة لأن فلسطين لم يحرّر منها شبر حتى هذه اللحظة وما تزال على قيد المنازلة والمواجهة وعلى قيد المناجزة ضد هذا النقيض.
بالتالي حريتها المشتهاة كاملة غير منقوصة مثلما هي فلسطين كاملة غير منقوصة، من اول مدادها الى آخر زنادها مازالت تصرّ على الكرامة الوطنية وعلى الثقافة الوطنية، دفاعا ليس عن فلسطين وحدها بل على سقف العروبة المنهوب لذلك مازال النص الفلسطيني موارا بكل هذه التراجيديا وكل هذا الوجع ومازال هادرا وثائرا بما يليق بهذه الفلسطين وبتضحياتها الجسام.

- خاضت السينما الفلسطينية في الأرض وبالشتات عدة تجارب لاقت استحسان النقاد منها الافلام القصيرة والطويلة، محققة نجاحا مميزا بالوطن العربي وخارجه، هل هو انتصار سياسي بملامح ثقافية فنية؟
 كل مكونات الابداع الفلسطيني بتنوعها تواصل الدفاع عن ثابت فلسطين وتواجه كل هذا الادعاء وكل هذه الزيوف الاحتلالية التي يعممها النقيض الاحتلالي في العالم من اجل اغتيال معنى فلسطين.
ونحن كمثقفين ومبدعين فلسطينيين مطالبين حقيقة بأن نواصل هذا الطريق الطويل ونؤكد دائما على ضرورة فضح هذا الاحتلال البشع واقول اي نص لا يليق بالقضية الفلسطينية واي فعل ثقافي او سينمائي او مسرحي او تشكيلي باهت يضعف فكرة فلسطين ومعناها.
ولابد من الاشارة الى بعض المتكلمين من حيوبهم  والمستطيعين بغيرهم حقيقة في بعض مناحي الثقافة الفلسطينية الذين اسقطتهم اللحظة من أجل الدعم الذي يتلقونه من هنا ومن هناك وفق مشارط و اشتراطات الدعم.
 ولا يخفى على احد أن الاتحاد الاوروبي أوقف الدعم للمنهج الفلسطيني حتى تغيّر ما بها، يريدون كي الوعي الفلسطيني وان يستبدلوا الوقائع الفلسطينية بالزيوف الاحتلالية باهتة يريدوننا ان نتخلى عن كل ما يتعلق بالكرامة والوطنية الفلسطينية في اطار الرضا والقبول بهذا النقيض الاحتلالي لنقبله عاديا وما لم يكن ولن يكون لأننا نواجه احتلالا يريد محو وعي فلسطين الجماعي وشرخ الوجدان الفلسطيني وهذا هو التحدي امامنا جميعا كمبدعين ومثقفين.

-  هل من كلمة تختتمون بها هذا اللقاء؟
 اقول ان الجزائر وفلسطين قنطرتان عاليتان للأمة وللخير العام بما يؤكد كل السياقات في الدفاع عن اسباب الحياة ومنازلة كل الشرور.
ونحن نأمل من القمة العربية المقبلة بالجزائر التي حتما ستجعل فلسطين في عين الاهتمام والأضواء الكاشفة بما يؤكد فلسطين وإسناد ودعم القضية الفلسطينية كعهدنا بالجزائر وما تقوم به من استضافة للوفود العربية والفلسطينية للمّ الشمل الفلسطيني ورأب الصدع الفلسطيني، هو في اطار الاحترام الذي تتطلّع به الجزائر دوما من اجل فلسطين وهي معها ظالمة او مظلومة.
ومازالت هذه المقولة ثابتة في عين القيادة الجزائرية وفي قلوب الشعب الجزائري الذي لازال يؤكد يوما بعد يوم انحيازه وانتماءه لفلسطين حتى تعود نقطة ضوء وسعة بما يليق بهذه الأمة وثوابتها.