طباعة هذه الصفحة

تندرج المسار السياحي «طاسيلي هقار»

الشروع في دراسة مواقع تعود للعصر الحجري الحديث بتمنراست

تمنراست: محمد الصالح بن حود

«تيهتان، أسلي تيركفين» كبداية أولى

شرع عدد من الفاعلين المهتمين بالمجال الثقافي والسياحي والعلمي بولاية تمنراست، (منتدى الأتاكور للترويج للثقافة والسياحة الصحراوية، وجامعة الحاج موسى أخاموك، مركز البحوث في الجيوفيزياء، الجمعية الوطنية كنوز الجزائر)، وتحت إشراف الديوان الوطني للحظيرة الثقافية للأهقار، في معاينة ودراسة مواقع (تيهتان، أسلي تيركفين) المندرجة في المسار السياحي «طاسيلي هقار» على بعد حوالي 270كلم جنوب شرق عاصمة الأهقار، التي مزجت في ميزاتها ما بين المقومات الثقافية والسياحية والعلمية، من خلال جمع معلومات أولية استكشافية حولها، ومنه تهيئتها وحمايتها وترقيتها وتثمين ما تضمنته من أثار وجرد كل ما هو تراث ثقافي وطبيعي.


اعتبر رئيس جمعية منتدى «الأتاكور للترويج للثقافة والسياحة الصحراوية»، أحمد أنسباغور في تصريح لـ»الشعب»، الخرجة الميدانية الاستكشافية أول عمل تشاركي تنسيقي بين المشاركين في مجال التراث الثقافي والتراث الجيولوجي والسياحي، من أجل استكشاف منطقة «تيهتان، أسلي تيركفين» التي تضمّنت أثارا تاريخية غير معروفة سابقا للمنطقتين، وهو ما يبين ـ حسبه ـ أن للمنطقتين مساحة أوسع من المتعارف عليه، مما يتطلّب إيجاد حلول لحماية ما تبقى من الأثار في الأمدين القريب والبعيد.
وأكد رئيس جمعية منتدى الأتاكور للترويج للثقافة والسياحة الصحراوية، أن الرحلة العلمية يسعى من خلالها المشاركون إلى جرد أكبر عدد من الهياكل والعظام المتحجرة والأدوات المستعملة قديما في الحياة اليومية، والرسومات والنقوش الصخرية للموقعين ومحاولة معرفة المساحة التي تتربع عليها، ومنه إيجاد حلول لحماية هذه الأثار التاريخية.
في نفس السياق، أفاد مدير الديوان الوطني للحظيرة الثقافية الأهقار محمود أمرزاغ، في تصريحه لـ»الشعب» أن الخرجة الميدانية التي كانت تحت إشراف الحظيرة الثقافية بالتنسيق مع الشركاء، يسعى من خلالها تهيئة الموقعين السالفي الذكر، وتثمينهما في المرحلة الأولى من أجل حمايتهما والحفاظ على ما يتضمناه، خاصة وأنهما يقعان في المسار السياحي «طاسيلي هقار» الذي يعرف إقبالا كبيرا للسياح، مما يتطلب معرفة عدد أكثر من المعلومات وتقديمها للزوار وتحسيسهم بمدى المحافظة على ما تتضمنه المواقع.

آثار تعود للعصر النيوليتي
كشف أستاذ ما قبل التاريخ بجامعة الحاج موسى أخاموك بعاصمة الأهقار الدكتور سيدي محمد إبا، أن العملية العلمية الاستكشافية الأولية للمواقع اتضح من خلالها تواجد أثار عظمية مكشوفة، ومعطيات هامة بالنسبة لميدان الأثار تعود للعصر النيوليتي أو ما يعرف بالعصر الحجري الحديث، الذي يعتبر آخر عصور ما قبل التاريخ الممتد ما بين 9000 ـ 4500 قبل الميلاد.
وأضاف سيدي محمد إبا أن منطقة «طاسيلي هقار» التي تضمّ العديد من المواقع بما فيها «تيهتان وأسلي تركفت» تضمّ مواقع ذات أهمية لميادين علم الأرض وعلم الأثار    والسياحة، بها بقايا عظمية بشرية وحيوانية غير محدّدة، إلى جانب صناعة حجرية من منتوج تقصيب وأدوات طحن وشقف فخاري أثري.

41 موقعا أثريا في البداية
في نفس السياق، صرّح المتحدث أنه تمّ إحصاء حوالي 41 فضاء دفن بها هيكل عظمي أو أجزاء من هيكل عظمي بشري أغلبها في حالة تحجر، من بين هذه الفضاءات 33 فضاء أو محل دفن محيط بالنتوء الصخري الشمالي، و8 فضاءات أخرى على المحيط الغربي والجنوبي للنتوء الصخري الجنوبي، تحمل بعض البقايا العظمية لون أسود داكن نتيجة تعرّضها للحرق، بالإضافة إلى العديد من الصناعة الحجرية في حالة من التنوع من منتوج التقصيب (شظايا والنصال)، ومطارق، وفؤوس مصقولة وقطع من الحلي، الأساور الحجرية تمّ استخدامها في تحويط مواطن دفن الهياكل البشرية.
هذه المواقع يضيف سيدي محمد إبا تبين أنها في حالة تأثر واضح بالعوامل الطبيعية بالدرجة الأولى، وتأثر بالسلوك البشري السلبي الذي أدت فيه حركة المركبات إلى تهشيم المكونات الأثرية للموقع بالدرجة الأولى والبقايا العظمية، ونقل منتوج الصناعة الحجرية أو التدخل في الفضاءات الموقع من قبل زوار الموقع.
وطالب إبا سيدي محمد باستكمال قاعدة بيانات حول موقع «تيهتان» من خلال برمجة أعمال مسح شامل وجرد ملحق بالأول، لتحديد نطاق الموقع وتهيئته بوضع لافتات توجيهية للزوار وحتى غلق المساحة الحساسة إن أمكن، من أجل المحافظة على ما تحويه المنطقة من آثار مختلفة.