طباعة هذه الصفحة

فرصة مناسبة للرّبح بقالمة

تغيـير الأنشطـة التّجاريـــة وسيلـة أسـرع لبلوغهـا

قالمة: إلياس بكوش

 أضحت ظاهرة تغيير الأنشطة التجارية ـ أو ما يعرف بالتجارة «المناسباتية» ـ لصيقة بالأسواق الجزائرية التي أبى منشطوها إلا أن يستثمروا الأحداث والمستجدات لجني الأموال والربح السريع غير المشروط؛ فبعد أن أغرقت الأسواق والمحلات الجزائرية في الأسبوعين الفارطين بالكتب والأدوات المدرسية، تحوّلت الدكاكين لصنع وبيع الزلابية وقلب اللوز والحلويات الشاميّة والحلبية المعروفة، والتي انتشرت كالفطريات في أحياء وأزقة الشوارع والأحياء، ممّا أعطى هذه الأخيرة صبغة مميزة لا تتكرّر إلا في رمضان.

 إذا كان شهر رمضان شهرا للتوبة والغفران والتسابق نحو العمل الصالح، فهو بالنسبة للكثيرين فرصة لا تعوّض للربح والكسب المضاعف، مما جعل الكثير من الباعة والتجار يغيّرون نشاطهم التجاري وفق ما يتطلبه «الموقف»، فاتجه العديد منهم لتحويل نشاطه رغم تعليمات الوزارة الوصية الصريحة في هذه الناحية، والتي لم تقم بإمضاء ولا موافقة واحدة هذه السنة، على أمل أن يجنوا ثروة بمجرد نهاية الشهر الكريم.
«ج» أحد هؤلاء الشباب، حوّل نشاطه من بائع لشواء إلى بائع زلابية، وهو معتاد على هذه النقلة كل سنة.
حدّثنا عن استعداداته الأخيرة لاستقبال الشهر الكريم، مشيرا إلى الربح الذي يجنيه كل سنة من خلال عمله هذا، بالرغم من غلاء المواد الأولية لإعداد الزلابية، إلا أنه يستطيع مضاعفة مكسبه كل مرة. وعن قانون منع تغيير النشاطات من طرف المديرية الوصية، أكد هذا الأخير جهله تماما بهذه التعليمة، ولن تؤثر عليه لأنه يقطن بحي شعبي لن تطاله حملات التفتيش.
أما «ن» صاحب دكان المواد الغذائية بقالمة،  فأحدث تغييرا بسيطا بنشاطه، إذ استقدم براميل كبيرة لحفظ اللبن ليبيعه طيلة الشهر المبارك نظرا لازدياد الطلب على هذه المادة الغذائية، موضحا أنه يحرص على أن يكون اللبن لبن بقرة.
ولبائعي الدجاج نصيبهم من التغيير، إذ بدأنا نرى «الديول»، «الرشتة» و«الحمص» تزين واجهات المحلات، وهي معروضة بكيفية جذابة للغاية.
ولعل أكثر ما يميز هذا الضيف العزيز بقالمة، هي «المحشاشات» التي تستقطب الشباب ولاية قالمة من خلال ما توفّره لهم من حلويات تتصدرها «البقلاوة»، «المحشي» و«الحلويّات الصّغيرة» في جو منسجم مع «الدومينو» والجلسات الشعبيّة المميّزة.
فما إن يحل شهر رمضان المبارك، حتى تكتظ شوارع وأرصفة المدينة بأطفال من الجنسين تقل أعمارهم عن 15 سنة، ليس للتسوق أو مساعدة أهاليهم في حمل أكياس الخضر والفواكه واللحوم، وإنما من أجل أخذ مكان في الأسواق اليومية للمدينة، والتشمير على سواعدهم والعمل طوال اليوم كما يفعل الكبار، واكتشاف عالم التجارة وتسويق كل ما تصنعه أنامل أمهاتهم من ديول، مطلوع، حلويات أو بعض الحشائش الخاصة بالأطباق كالدبشة والمعدنوس أو بيع كل أنواع العصير، هؤلاء ليسوا كباقي الاطفال، فهم أطفال المناسباتية أو الموسمية أو يمكننا أن نسميهم بأطفال رمضان، يدخلون أسواق المدينة من أبوابها الواسعة، ويروجون لمختلف سلعهم التي يتهافت عليها الناس بشكل منقطع النظير، ويستغلون هذا الإقبال في توفير ما يمكن توفيره من مصاريف.
لا يختلف اثنان على ضرورة تربع طبق البوراك على مائدة الإفطار في رمضان لدى شريحة واسعة من القالميين على غرار الكثير من الجزائريين، إذ بات من الأطباق التي لا تغادر المائدة على مدار شهر كامل من الصيام، ويعود السبب في ذلك إلى لذته، وعدم تفريط الناس في تناوله حتى وإن اضطروا لاقتنائه يوميا.
ففي سوق شارع التطوع، يصطف عدد من الأطفال حاملين أوراق الديول عارضين بيعها على المتسوقين، خاصة وأن السوق مشهور ببيع الخضر والفواكه، ويقصده عدد كبير من سكان الولاية، تقول «خديجة» وهي إحدى البائعات في السوق، إنّ والدتها تقوم بتحضير الديول في البيت خلال أيام السنة لكنها تضاعف من عملها خلال شهر رمضان نظرا لزيادة الطلب على هذه المادة التي لا يخلو بيت منها.
كما أنّ العديد من الزبائن يحضرون إلى البيت لطلب نصيبهم من الديول، تقول خديجة إن هذا العمل متعب لكننا نجني من ورائه مبالغ كبيرة، وتضيف قائلة إن العديد من الفتيات في العائلة قمن باقتناء السميد استعدادا للعمل في شهر رمضان وتحصيل مبلغ من المال، من خلال عرض بضاعتهن على أصحاب المحلات التجارية، الذين يطالبون بزيادة الإنتاج في هذا الشهر تحديدا.