طباعة هذه الصفحة

كلام آخر

المعادلة الصحيحة

سيف الدين قداش
11 أفريل 2022

يتجلى من الأحداث الجارية في العالم والتقلبات الاقتصادية التي أفرزتها كورونا، أننا أمام حتمية لا تقبل الانتظار أو التسويف، تفرض تطوير القدرات المحلية والإقلاع عن إدمان الاستيراد والاعتماد في الغذاء والسلع الحيوية على الخارج بشكل كبير.
لطالما تردد أن البلاد تملك المؤهلات ويمكنها توفير الحلول، فأين الخلل وما الذي ينبغي إحداثه أو معالجته لتصحيح الأمور والتصدي بشكل جاد وفعال للمشكلات الخطيرة والكبرى في مسألتي الأمن الغذائي والوفرة الاقتصادية.
إن إخضاع المشكلات والتحديات للجان التفكير ونخب الاجتهاد لهو أمر شديد الإلحاح؛ ذلك أن مراجعة تركيبة تخريج الفلاحين والمربين مثلا، بينما يتوفر مئات آلاف الخريجين، هاجسهم البطالة (تم إحداث منحة للتخفيف من الوطأة)، هو أمر يدعو لمراجعة استراتجية التعليم والتكوين من أجل تخريج فلاحين ومربين محترفين في المجال قادرين على تسيير مستثمرات كبرى وتوفير إنتاج أكبر في القطاع الفلاحي، خاصة في المواد الاستراتجية مثل الحبوب والحليب، في حين هناك 48٪ من الأراضي الصالحة للزراعة في حالة بور.
لقد نجحت هولندا في تحويل مساحتها الصغرى لمعجزة كبرى، بطريقتين أساسيتين وأصبحت ثاني مصدر زراعي بعد أمريكا، تمثلت الأولى في العمل وفق قواعد المعرفة الزراعية وبالأساس عبر «جامعة فاجينج» التي كانت الحاضنة العلمية للتكوين في الأراضي المنخفضة وإبداع وتطوير طرق استثنائية مثل الزراعات الدفيئة والرقمية. أما الثانية فكانت الاستغلال الأمثل والذكي للمساحة، أين نجح الهولنديون في تحويل أكثر من ربع المساحة الكلية البالغة 41543 كم مربع، إلى حاضنة إنتاج فلاحي ضخم يغطي الطلب الداخلي ويصدر أزيد من 109 مليار يورو (120 مليار دولار سنويا)، إنها المعادلة التي تحتاج الجزائر لتفعيلها عبر الدمج بين قوة المعرفة وفاعلية استغلال الأرض الشاسعة، والقدرات البشرية المؤهلة.
إن مراجعة آليات الدعم والسير نحو الحوكمة الرشيدة في الإنتاج والاستهلاك، عبر إعادة الاعتبار لأسعار العديد من المنتجات مثل الحبوب والحليب، وجعل سلسلة التوزيع أكثر تنظيما، وتنظيم السوق سواء الجملة أو التجزئة، لتعد فرس الرهان لأي إصلاح زراعي أو صناعي.