طباعة هذه الصفحة

أمام تعدّد المخاطر والكوارث الطّبيعية

أيّ آليـات للارتقاء بخدمات التّأمــين؟

زهراء - ب

 تهدّد الجزائر 10 مخاطر بين طبيعية وصناعية، وبالرغم من إلزامية التأمين على هذه المخاطر للأشخاص الطبيعيين والمعنويين منذ 2003، إلا أن ثقافة التأمين لم تترسخ لدى المواطن بالشكل المرجو، إذ 5 بالمائة فقط من الجزائريين مؤمّنين لكن في حالة واحدة هي تبادلات تجارية للكراء، أو البيع والشراء فقط، وهو ما يستدعي تبني آليات جديدة، وسياسة تواصلية مثلى من طرف شركات التأمين لاستقطاب المواطنين في هذا الفرع من التأمينات.

كان تدخل الدولة قويا في كل الكوارث الطبيعية والأخطار الصناعية التي تعرّضت لها الجزائر، لامتصاص ثقل وهول الفواجع التي مست الأرواح والممتلكات وتخفيف وطأة الكوارث المسجلة (دعم، مساعدة، تعويضات)، مع تسجيل هبات تضامنية لأفراد المجتمع.
ولكن مع تعاظم هذه الأخطار، مثلما حدث في زلزال بومرداس 2003، وقبلها فيضانات باب الوادي نوفمبر 2001، قرّرت السلطات العمومية إعادة النظر في نظام التأمين والوقاية من المخاطر والكوارث الطبيعية، بإشراك الملاك الحقيقيين أشخاص طبيعيين أو معنويين، في تحمل جزء من مخلفات وأضرار هذه الكوارث.
وسنّت من أجل ذلك الأمر رقم 03-12 المؤرخ في 26 أوت 2003، المتعلق بإلزامية التأمين على الكوارث الطبيعية وبتعويض الضحايا، والذي ينص في مادته المادة الاولى أنه يتعين على كل مالك لملك عقاري مبني يقع في الجزائر شخصا طبيعيا كان او معنويا ما عدا الدولة، أن يكتتب عقد تأمين على الأضرار يضمن هذا الملك من آثار الكوارث الطبيعية.
كما يتعين على كل شخص طبيعي أو معنوي يمارس نشاطا صناعيا أو تجاريا أن يكتتب عقد تأمين على الأضرار يضمن المنشآت الصناعية أو التجارية ومحتواها من آثار الكوارث الطبيعية، أما الدولة المعفاة من الزامية التأمين  فعليها أن تأخذ على عاتقها تجاه الاملاك التابعة لها أو التي تشرف على حراستها واجبات المؤمن.
وحدّدت آثار الكوارث الطبيعية في الاضرار المباشرة التي تلحق بالأملاك جراء وقوع حادث طبيعي ذي شدة غير عادية مثل الزلزال أو الفيضانات أو العواصف أو أي كارثة أخرى.
وبسن هذا النظام التأميني ضد الكوارث في الطبيعية، يصبح التأمين على الكوارث الطبيعية إجباريا، وبقوة القانون، على كل الأشخاص الطبيعيين أو المعنويين الذين يملكون بنايات في الجزائر، سواء كان الانتفاع منها ذات طابع اجتماعي (سكن)، أو مهني صناعي أو تجاري.
وبالمقابل تلزم شركات التأمين المعنية، بإبرام عقود تأمين على الكوارث الطبيعية مع كل من يرغب في ذلك، وهذا يخفف تكاليف الأضرار الناجمة عن خطر الكوارث الطبيعية، ويعزز السلوك الواعي لدى المواطن للانخراط في طلب التغطية من خطر قابل للتأمين، وهو في الأخير منفعة له لتأمين ثروته، مقابل مبلغ مالي بسيط يتنازل عنه لحماية هذه الثروة، وكلما كان رفض هذا المنتوج يكون الخطر أكبر.
وإن كان بعض المختصين والخبراء، يرجعون أسباب عزوف المواطنين على التأمين ضد المخاطر الطبيعية، إلى تدني القدرة الشرائية، والعمل بأحكام جاهزة بالمرجعية الدينية، بحيث يتعاملون مع هذه الأخطار بالقضاء والقدر، فإنهم يربطون ضعف الإقبال على هذا النوع من المنتوج التأميني إلى سوء الترويج لهذا التأمين، وضعف التعريف بهذا المنتج والتوعية بمزاياه، إذ تحوّلت وكالات التأمين في نظرهم إلى مجرد شبابيك لاستقبال المؤمن لهم، وعدم بذل أي مجهود للتعريف بالمنتوج والسعي لتسويقه، بحكم أنه منتج يشترى، بالرغم من أن إجبارية تأمين الكوارث الطبيعية، هي أكثر نجاعة، للتخفيف من تكلفة الخطر وتبعاته الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وتعزز التآزر والتكاتف مع مؤسسات الدولة عند وقوع الكارثة.