طباعة هذه الصفحة

من المنتج إلى المستهلك

مبادرة لتسويق أسماك البلطي بأسعار تنافسية

ورقلة: إيمان كافي

تعد الجدوى الاقتصادية أهم ما يسعى قطاع الصيد البحري وتربية المائيات إلى تحقيقه، منذ نشأته عبر الولايات الجنوبية، كما تشكل النجاعة الاقتصادية المرجوة من تربية المائيات في المياه العذبة في هذه الولايات تحديدا، أحد أبرز الأهداف.

وتشكل من ناحية أخرى وفرة هذه المنتجات ومساهمتها في تغطية احتياجات السكان واستطاعتها أن تكون بديلا للمنتجات البحرية، سلسلة مرتبطة بانتشار هذا النشاط ومعدلات الاستثمار فيه وأيضا مدى اهتمام باعة الأسماك عبر هذه الولايات بتوفير هذا النوع للمستهلك، وكذا إقبال المستهلك على اقتنائه من جانب آخر.
وبهذا الصدد، خطت مديرية الصيد البحري وتربية المائيات بورقلة بالتنسيق مع الغرفة المشتركة ما بين الولايات للصيد البحري وتربية المائيات خطوات واسعة في مجال إدخال ثقافة استهلاك منتجات أسماك المياه العذبة، حيث نظمت على مدار السنوات الفارطة العديد من الحملات للتعريف بهذا المنتج السمكي من خلال برمجة عدة حصص لتذوق أسماك المياه العذبة وعبر مبادرات لتكوين متربصين وربات بيوت في تقنيات طهي هذا النوع من الأسماك، وقد أتت بثمارها، حيث يلاحظ أن الكثير من المواطنين عبر هذه الولايات أضحوا يبدون تقبلهم لأسماك المياه العذبة، وهذا ما عزّز من حركية تسويقها عبر عدد من المزارع، بهذه الولايات وحتى من خلال محلات بيع الأسماك في بعض الولايات الجنوبية بشكل متفاوت.
ولازالت أيضا عملية تحسيس وإرشاد الفلاحين الذين يملكون أحواض السقي الكبيرة والتي تفوق سعتها 1000 متر مكعب، من أجل استغلالها في الاستزراع السمكي مستمرة من طرف مديرية الصيد البحري وتربية المائيات بورقلة، وهذا من أجل تشجيعهم على دمج الفلاحة مع تربية المائيات، وذلك لتحقيق الوفرة والكميات المراد بلوغها من إنتاج أسماك المياه العذبة ودعم تسويقها في فائدة المواطنين عبر الولايات الجنوبية والاستفادة من الاستزراع السمكي في مجال إنتاج الأسمدة الطبيعية.

أسعار تنافسية لأسماك
المياه العذبة في رمضان

في سياق متصل، ذكر مدير الغرفة المشتركة ما بين الولايات للصيد البحري وتربية المائيات، فوزي هبيتة، في حديث لـ«الشعب”، أن أول عملية تسويق لأسماك البلطي الأحمر، انطلقت هذا الأسبوع من مزارع بولاية توقرت، وتعد هذه الخطوة بحسبه، تجسيدا للمبادرة التي أطلقتها وزارة الصيد البحري والمنتجات الصيدية من المنتج إلى المستهلك.
وقامت غرفة الصيد البحري وتربية المائيات لولاية ورقلة بالتنسيق مع الهيئات ذات الاختصاص عبر مزارع بولاية توقرت بمرافقة المهنيين لتسويق منتجاتهم من أسماك البلطي بأسعار تنافسية لا تتعدى 500 دج، وقد حظيت هذه العملية بإقبال كبير من قبل المستهلكين على أن تواصل الغرفة مساعيها، خلال الأيام القادمة، لمرافقة المهنيين في تسويق أسماك البلطي من المنتج إلى المستهلك.
وفي تفصيله حول هذه المبادرة، أكد مدير الغرفة فوزي هبيتة أن مبادرة الغرفة الجزائرية للصيد البحري، تهدف بالأساس إلى توفير منتوج أسماك البلطي، خلال شهر رمضان، بأسعار تنافسية، وذلك لسد النقص الموجود في الأسماك البحرية، وفي نفس الوقت، تعتبر فرصة للتعرف على أسماك المياه العذبة من نوع البلطي الأحمر التي تنتج محليا، من خلال تشجيع مربي الأسماك على بيع منتوجاتهم وبأسعار تضامنية في شهر رمضان لا تتعدى 500 دينار للكيلوغرام الواحد عن طريق مرافقة غرفة تربية المائيات.
وهي مبادرة ستستهدف أيضا عددا من الولايات التابعة للغرفة المشتركة ما بين الولايات لتربية المائيات والصيد البحري بورقلة، وسترافق الغرفة من خلال هذه المبادرة المهنيين المنخرطين فيها، عن طريق تسويق منتجاتهم من الأحواض السمكية من المنتج إلى المستهلك مباشرة وبسعر تضامني، بحسب المبادرة الوطنية لوزارة الصيد البحري وهذا حتى لا يخضع المنتوج السمكي من المياه العذبة لسلسلة التسويق والتوزيع التي تتعدد فيها عملية البيع التي تؤدي إلى ارتفاع السعر، كما تعتبر هذه المبادرة فرصة لتحسيس المربين بأهمية استغلال قلة وفرة منتوج الأسماك البحرية وتعويض ذلك بأسماك المياه العذبة، وبالتالي سد النقص من المنتجات البحرية في وقت الراحة البيولوجية، وخلال الفترات التي تكون فيها الظروف المناخية غير ملائمة.
وبمقابل ذلك، فإن توفر هذا المنتوج السمكي مازال بعيدا عن متناول المواطن المحلي في عدد من الولايات على غرار ولاية ورقلة ولعل الحل لتوفيره هو زيادة عدد المنتجين والمسوقين،وذلك عن طريق إنشاء مؤسسات مصغرة، وبالنسبة للتسويق أشار مدير الغرفة هبيتة إلى أن المهنيين من مربي أسماك البلطي يسوّقون منتجاتهم عبر مزارعهم ولكن عملية التسويق تبقى محتشمة ويصعب تمكين المواطن من هذه المنتوجات، لذلك فإن هذه المبادرة ستساهم في تمكين المواطن المحلي من اقتناء المنتوج السمكي وإضفاء حركية أكبر لإنعاش سوق أسماك المياه العذبة.
إضافة إلى ضرورة تسريع وتيرة منح العقار للاستثمارات في هذا المجال والتي مازالت بطيئة إلى حد ما في بعض الولايات، حيث من شأن هذه الخطوة المساهمة في إنعاش هذا القطاع، وإن كان هذا لا يعد السبب الوحيد لعدم وفرة هذا النوع من المنتجات السمكية بالكميات القادرة على تغطية الأسواق المحلية.
واعتبر المتحدث أن المشاريع الجديدة المطروحة في فائدة الراغبين في الاستثمار في هذا المجال، من شأنها المساهمة أيضا في تحقيق انطلاقة جديدة، حيث تم تخصيص 2000 قرض لدعم هذه المشاريع، منها 1000 قرض عن طريق وكالة تسيير القرض المصغر و1000 قرض عن طريق الوكالة الوطنية لدعم وتنمية المقاولاتية “أناد”، كما سيستفيد الشباب الراغب في الاستثمار من العديد من التكوينات التي توفرها الغرفة وتلقى هذه العملية إقبالا نوعا ما بحسب ما ذكر مدير الغرفة.
من جانب آخر، ومن خلال المزايا التي تمنحها الدولة فيما يخص المرافقة التقنية والتسهيلات المقدمة عبر أجهزة الدعم، سيكون السعر في متناول المستهلك، خاصة أن الأعلاف أضحت مصنّعة محليا، بعد أن كانت مستوردة، وهذا ما سيساهم في خفض أسعار أسماك البلطي، كما أن هناك العديد من نقاط بيع أعلاف الأسماك في مناطق مختلفة من الوطن، وهذا ما يعني أن توفر الأعلاف التي تعد الحلقة الأصعب في سلسلة الإنتاج سيكون فرصة لدعم وفرة أسماك المياه العذبة في السوق، وبالتالي المساهمة في خفض أسعارها.
كما أنه ومع صدور قانون إنشاء التعاونيات في مجال تربية المائيات ستقدم مزايا تمنحها الدولة لمربي الأسماك من خلال هذه التعاونيات التي سيتم إنشاؤها، على غرار تخفيض الأتعاب الضريبية والشراء بطريقة جماعية، وهنا الحلقة المهمة هي الغرفة التي ستتكفل بتسويق منتجاتهم من خلال إيجاد نقاط بيع للأسماك وإبرام اتفاقيات مع بائعي الجملة، وبالتالي ينتظر فقط من مربي الأسماك توفير منتجاتهم بحسب ما أكد عليه مدير الغرفة.
وبالعودة إلى سلسلة تسويق أسماك المياه العذبة في الأسواق المحلية بولايات الجنوب، قال محدثنا إن هناك العديد من الولايات الجنوبية التي تم اعتماد نظام المحلات التجارية فيها والمتمثلة في المسمكات التي تتوفر عبرها أسماك بحرية وأسماك المياه العذبة ولاقت رواجا، خاصة في ولايات الوادي وتوقرت، كما أن كثرة عدد هذه المحلات، أصبح عاملا مساهما في خلق جو من المنافسة بحسبه.
ومن جهة أخرى، يرى هبيتة أن الأسواق المهجورة تعد فرصة لتجميع باعة الأسماك بالتجزئة عن طريق وكالة تسيير القرض المصغر، ومن خلال مرافقة الغرفة، حيث يمكن استرجاع هذه الهياكل المتمثلة في الأسواق المهجورة الموجودة في بعض الولايات داخل الأسواق التقليدية والتابعة للبلدية، من أجل تثمينها وتحويلها إلى مسمكات وتمكين الشباب الراغبين في النشاط من توفير المنتوج السمكي بمختلف أنواعه وتسويق منتجات أسماك المياه العذبة للمواطن المحلي.
وكشف في سياق متصل أن هناك مساعي مع مؤسسة ماقرو المكلفة بتسيير السوق الجهوي ببلدية عين البيضاء بولاية ورقلة، من أجل تخصيص منطقة لبيع الأسماك بالجملة عبر هذه السوق، وقد تمت الموافقة المبدئية، حيث سيتم بناء على طلب التجار الراغبين في النشاط عبر هذا السوق تخصيص مساحة خاصة ببيع الأسماك.