طباعة هذه الصفحة

عند البدو الرحل بتمنغست

«لغجـيرة» للإفطار و«أمنـار» دليلهـم للسّحور

تمنراست: محمد الصالح بن حود

 بين المدينة والبادية، وفي الصحراء القاحلة، تبقى الرمزية والقدسية لشهر الرحمة والغفران، ليُستقبل رمضان بعادات وتقاليد وطقوس تميز كل منطقة عن الأخرى، تستثني وتفرد الشهر الفضيل عن سائر أيام السنة.

 في إحدى المناطق السياحية التابعة لإقليم بلدية عين أمقل 130 كلم شمال عاصمة الأهقار، تتواجد «إميدير» عبارة عن تجمع خيام يقطنها عدد معتبر من البدو الرحل، نشاطهم الرئيسي رعي الماشية، منطقة تتجسد فيها الحياة البسيطة البدائية، وقساوة الطبيعة والصحراء القاحلة، وتغيب فيها كل مظاهر التطور والتمدن وحتى التكنولوجيا، وأساسيات العيش الرغيد والرفاهية، كل هذا لم يمنعهم من استقبال شهر رمضان الكريم كغيرهم من المسلمين بما يليق بشهر الرحمة والغفران، وبما يليق بشهر ليس كسائر الشهور، رغم ظروفهم الاستثنائية الخاصة.
التمر المنقع بالماء والسمن والدخن للإفطار
قبل أيام من حلول شهر رمضان الكريم، تقوم النسوة في منطقة «أميدير» بتحضيرات خاصة لاستقباله، بتحضير أكلات ووجبات خاصة للإفطار، على غرار تحضيرهم لخلطة يتم فيها وضع «التمر» في الماء لمدة أسبوع، وهذا بعد نزع العلف منه، إلى حين يتشبع جيدا ويصبح رطبا، ليضاف له السمن أو ما يعرف بالتماهق «أودي»، والمصنوع من حليب الماعز وبالطريقة التقليدية الخالصة، ليخلط بـ «البشنة» أو ما يعرف باللغة العربية الفصحى بـ «الدخن» ليتم بعدها تحضيره في شكل كرات تكون هي وجبة الإفطار مع الحليب، دون إغفال المشروب السحري المساعد على مقاومة العطش «لغجيرة»، والحساء المحضر من «زنبو» القمح المحلي.
تقول فاطمة غزلان، مهتمة وباحثة في تراث المنطقة في حديثها لـ «الشعب»، رمضان بين الخيام كما يحلو لها أن تسميه، له نكهة خاصة حسب ما يعبر عنه النسوة في منطقة صعبة، وبعيدة عن كل مؤشرات الحياة العصرية، فكل شيء طبيعي بدءا من الأكلات وصولا إلى طريق العيش.
كما يعتمد البدو الرحل تضيف غزلان فاطمة على الأكلات الشعبية كالكسكس والتقلا في السحور من أجل الإستعداد لمزاولة نشاطهم اليومي المتمثل في الرعي بشكل عادي وروتيني، لكن ما استوقفها تقول غزلان فاطمة، متسائلة كيف يتم تحديد وقت الإمساك ومعرفتهم له في مكان لا ساعة فيه، ولا أي شيء يمكن أن يدلهم على ذلك.
نجوم «أمنار» دليل السّحور
تضيف المتحدثة، كانت إجابة النسوة اللاتي تحدثت معهن، «نعرف وقت السحور من نجوم السماء، فقبل طلوع الفجر تقول المتحدثة تظهر في السماء 03 نجمات يطلق عليها بالتماهق «أمنار» التي تعني نجمات ساطعة مغايرة لباقي النجوم، وهي التي تدلهم على وقت السحور، حتى إذا أفلت يعرف سكان الخيام حلول وقت الإمساك، لتستعد النسوة والرجال ليوم جديد يملؤه الصبر والقوة والفرح بما يمن الله به عليهم من خيرات».
هكذا هي يوميات رمضان بين الخيام، إلى صباح العيد أين يتم تحري هلال العيد عن طريق رصده كتحري هلال رمضان، ليبارك السكان لبعضهم البعض ويتصافحوا في جو أخوي عائلي بهيج.