طباعة هذه الصفحة

حدث وحديث

حرب بالوكالة

فضيلة دفوس
07 ماي 2022

لن نحتاج إلى ذكاء ثاقب لنكتشف بأن الحرب المندلعة في أوكرانيا هي حرب بالوكالة يخوضها الغرب ضدّ روسيا حتى وإن كانت واشنطن تقول بأنها غير معنية بالمواجهة العسكرية بين موسكو وكييف، إلا من حيث إقدامها على مساعدة هذه الأخيرة للدفاع عن نفسها ضد جارتها الأكثر قوة.
مؤشرات كثيرة وتصريحات عديدة صادرة من هنا وهناك  تبيّن بأن أوكرانيا هي في واقع الأمر مجرّد ساحة لحرب يتحمّلها شعبها وجيشها وتموّلها وتديرها عن بعد أمريكا التي أخذت على عاتقها مهمّة تحويل هذه المواجهة إلى حرب استنزاف تضعف روسيا وتحدّ من قوّتها لتخلو لها الساحة الدولية للنفوذ والهيمنة.
فبالرغم من أن إدارة البيت الأبيض التزمت ببقاء القوات الأمريكية خارج القتال، و رفضت فرض حظر طيران في سماء أوكرانيا حتى تتفادى وضع القوات الأمريكية و الروسية في قتال مباشر، فإن الحقيقة على الأرض تقول العكس تماما، حيث تؤكّد بأن الحرب بالوكالة التي يُنكرها البيت الأبيض واقعة بالفعل.
 وبأن أمريكا انجرفت إليها بإرادتها، وما يثبت ذلك، هو الدّعم العسكري التي تقدّمه الدول الغربية و على رأسها أمريكا  بسخاء لا نظير له لكييف، فمنذ بداية العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا في 24 فيفري الماضي، قدّمت واشنطن ما مجموعه 3.7 مليار دولار لأوكرانيا، كما زوّدتها بأسلحة فتاكة مثل مدافع هاوتزر ورادارات مضادة للمدفعية، إضافة إلى المعلومات الميدانية الاستخباراتية ذات الصلة بالعمليات العسكرية على الأرض، وعبّأت الدول الأوروبية وحشدتها  لتقديم مزيد من المساعدات وضخّ المزيد من الأسلحة  المتطورة بالإضافة طبعا إلى فرض سلسلة لا متناهية من العقوبات القاسية على روسيا.
في الواقع كلّ الدلائل تشير إلى أن أمريكا لا تريد للحرب الروسية الأوكرانية أن تنتهي، لهذا لا يسمع لها صوت يتحدث عن المفاوضات أو تنشغل بسبب تعثّرها، بل على العكس تماما، فكلّ حديثها عن التسليح والمساعدات والتمويل والعقوبات، ما يعني أنها وجدت في العملية العسكرية الروسية الفرصة التي لا تتكرّر لإغراق روسيا في حرب استنزاف قد يصعب الخروج منها سالمة أو منتصرة.  لا شك أن العملية العسكرية الروسية ماضية لتأخذ منحنيات وتطوّرات لم تكن متوقّعة، ومن هذه التطوّرات، تحوّلها إلى حرب بالوكالة تديرها أمريكا التي تخرج على العالم يوميا بتقارير مفصلة عن العمليات العسكرية ومدى تقدّم أو تراجع القوات الروسية وحجم الفشل هنا أو التقدّم هناك، ما يدلّ على تورّطها المباشر في إدارة العمليات العسكرية، ولهذا فإن الجميع يتوقع حرب استنزاف طويلة هناك.