طباعة هذه الصفحة

حدث وحديث

أيقونة فلسطين

سعيد بن عياد
14 ماي 2022

لم يكفهم اغتيالها بقناص مجرم، بل حاولوا اختطاف التابوت، الذي سجيت فيه شهيدة الكلمة الحرة والصورة الموثقة الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة، التي أعادت القضية الفلسطينية إلى صدارة المشهد الدولي، وسط تطورات أحداث عالمية أعادت توجيه الرأي العام الدولي على حساب حقوق الشعوب المستعمَرة والمضطهدة في نيل الحرية وإقامة دولتهم المستقلة كما هي تطلعات الشعب الفلسطيني.
لقد قاومت ابنة القدس الاحتلال الصهيوني إلى آخر رمق، فنالت تقدير ومحبة شعوب الوطن العربي والإسلامي وأحرار العالم؛ اعتراف يصنفها عن جدارة أيقونة فلسطين، لما أثبتته من وفاء للوطن وإخلاص لمهنة الصحافة، تطارد المحتلين لتفضح جرائمهم، خاصة في جنين والشيخ جراح والقدس الشريف، واضعة القضية الفلسطينية بوصلتها الدائمة حتى ولو كانت حياتها ثمنا تدفعه، وهو ما جرى.
أكثر من هذا، وضعت الشهيدة القوى الدولية الكبرى بأذرعها الإعلامية أمام حقيقة ممارستها ازدواجية المعايير في التعامل مع الجريمة الشنعاء ومن خلالها القضية الفلسطينية، التي تحل اليوم ذكرى نكبتها 74، لتتذكر الأجيال مدى المؤامرة الكبرى للحركة الصهيونية المتغلغلة في دواليب القرار الدولي الذي لا يزال عاجزا عن تفعيل مضامينه ميدانياً، مما يضع منظمة الأمم المتحدة واللجنة الرباعية أمام مسؤولياتها لإعادة مسار الحل السياسي إلى السكة السليمة ضمن قواعد الشرعية الدولية.
غير أن الأمل في استئناف ديناميكية الحل الأممي الواضح، وفقا لقرارات الجمعية العامة وما تبعها من تنازلات عربية، لم تحقق الهدف المنشود، لا يبدو في الأفق القريب، بالنظر لمواقف حكومات العواصم الكبرى، مثل واشنطن ولندن وباريس، التي لم تعلن عن موقف قوي تجاه الجريمة البشعة، بينما يواصل الكيان الصهيوني انتهاج حرب إبادة تصنف في خانة النازية الجديدة؛ أمر لا يمكن أن يواجه سوى بالرفع من وتيرة المقاومة، مثلما كانت تقوم به الفقيدة، التي جعلت من الصورة الحية سلاحا يوميا سلط الأضواء على جرائم الاحتلال الغاشم، ولعل تلك المطاردة أحد أسباب تصفيتها.
إن تلك الجريمة التي تضاف إلى سجل الاحتلال العنصري، لن تثني أبناء الشعب الفلسطيني عن مواصلة مسيرة المقاومة بكل أشكالها من أجل استقلال الدولة الفلسطينية وفقا للشرعية الدولية التي تبقى الضامن الأساس للاستقرار.