طباعة هذه الصفحة

«الشعب» تطّلع على المشروع التمهيدي لقانون الاستثمار

تخليص الفعل الاستثماري من كماشة البيروقراطية

حمزة محصول

لجنة الطعون أقوى ضمان للمستثمرين

يضبط المشروع التمهيدي المتعلق بقانون الاستثمار، جميع الجوانب المتعلقة بترقية الفعل الاستثماري وتحريره وتحفيزه، وكذا إبعاد تدخل الإدارة بشكل نهائي مع تنفيذه وفق أصناف معينة تتماشى والخارطة الكبرى لإعادة هيكلة الاقتصاد الوطني.

بعد قرابة السنتين والنصف من الانتظار، تقترب الحكومة من وضع قانون جديد للاستثمار، برهان تحريك العجلة الإنتاجية وضمان استقرار وديمومة الإطار القانون لأطول مدة ممكنة (على الأقل 10 سنوات).
والملاحظ في وثيقة المشروع، التي خضعت لتنقيح وتطوير في مجلس الوزراء الخاص، الخميس الماضي، أن الاستثمار يحظى بكامل الحرية، على أن يلقى لدى الأجهزة المخولة قانونا، «معاملة شفافة، عادلة ومتساوية».
ووفق ما أطلعت عليه «الشعب»، فإن النص الذي سينزل في الأيام القليلة المقبلة للبرلمان، «يحدد حقوق وواجبات المستثمرين والإجراءات التحفيزية لفائدة الاستثمارات المنجزة دون التفريق بين المستثمرين، سواء كانوا مقيمين (وطنيين) أو غير مقيمين (من خارج الوطن).
وينطلق الإطار المرجعي للمشروع التمهيدي، من دروس مستخلصة «لا يجب ارتكابها مرة أخرى» وتتمثل أساسا في «تفادي التدابير غير الناضجة التي تثقل الترسانة القانونية»، وكذا عدم اللجوء إلى التغييرات المتكررة للإطار القانون من خلال قوانين المالية، مع ضرورة إتاحة المجال الزماني للقانون حتى يؤتي ثماره.
الأجهزة المكلفة
ويقترح الإصلاح، الرامي إلى تحسين مناخ الأعمال، تقليص المتدخلين في فعل الاستثمار، من خلال مراجعة صلاحيات المجلس الوطني للاستثمار وتحديد مهام الوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار بشكل دقيق.
وسيتغير اسم هذه الوكالة ليصبح رسميا «الوكالة الوطنية لترقية الاستثمار»، على أن تختصر تستميتها في الخارج بـ «ألجيريا أنفست» حتى يكون لها انتشار أكبر. وستوضع تحت سلطة الوزير الأول.
ووفق نص المادة 12 من الوثيقة التي اطلعت عليها «الشعب»، فإن المجلس الوطني للاستثمار، الذي أنشئ سنة 2001، سيكلف تحديدا باقتراح استراتيجية وأولويات الدولة في ميدان الاستثمار، ودراسة ووضع حلول لمعوقات الاستثمار وإزالة العراقيل التي قد تحول تطبيق القانون الجديد.
أما الوكالة الوطنية لترقية الاستثمار، وإلى جانب تغيير تسميتها، فستكلف «بترقية الاستثمار وجاذبية الجزائر في الخارج، بالتنسيق مع البعثات الدبلوماسية والقنصلية»، ومرافقة المستثمرين الأجانب بصفتها مسهلا، خاصة في مجال اكتشاف البيئة الجزائرية وربط علاقات العمل.
وتعطي الوثيقة التمهيدية انطباعا جليا عن الرؤية الجديدة لتصنيف الاستثمار في الجزائر، وضمان حريته في القانون المقبل، والتي تقوم على الانتقال من مفاهيم «تقنيـن» و»تقييد الفعل الاستثماري» إلى «تحريره» و»توجيهه».
والتوجيه، في متن النص جديد، لن يتم بموجب مواد قانونية وإنما بحوافز وتدابير واضحة ومحددة بدقة، وتتعلق أساسا بالإعفاءات الضريبية والجمركية.
ومن هذا المنطلق، سيتم استحداث، ولأول مرة، شباك موحد «خاصة بالمشاريع الكبرى للاستثمار والاستثمارات الأجنبية (المادة 17)، على أن يكون على مستوى الوكالة الوطنية لترقية الاستثمار».
كما أن الوكالة مكلفة أيضا بوضع وتسيير أرضية رقمية للاستثمار «لتسهيل إنشاء المؤسسات وإنجاز المشاريع ومتابعتها بالتنسيق مع الهيئات المعنية».
وسيخضع نظام المزايا (التحفيزات) إلى قواعد تصنيف لطبيعة المشاريع الاستثمارية، وما إذا كانت «قطاعية» وتعني أنها تعتبر من القطاعات ذات الأولوية بالنسبة للدولة، أو حسب المناطق أو ما إذا كنت تعتبر «إستراتيجية أو قاعدية بالنسبة للبلاد».
وتعد المشاريع ذات الأولوية تلك التي تشكل بديلا للواردات، وتساهم في تنويع الصادرات وتنجح في إدماج القيمة المضافة على الصعيدين المحلي والدولي وتنجح في جلب التكنولوجيات.
ويمكن أن تشمل هذه المشاريع من مزايا ضريبية وجمركية، ابتداء من تاريخ تسجيلها لدى الوكالة الوطنية لترقية الاستثمار، ووفق جدل زمني محدد.
ومن أجل متابعة أكثر نجاعة للمشاريع الاستثمارية، يحدد المشروع التمهيدي لقانون الاستثمار الجديد، مدة زمنية تتراوح بين 03 إلى 05 سنوات، مع تمكينها لمرة واحدة فقط من مهلة إضافية تقدر بسنة واحدة.
على صعيد الضمانات، يذهب النص الجديد إلى إبعاد الإدارة (البيروقراطية) بشكل نهائي عن الفعل الاستثماري، إذ تنص المادة 06 على أن «الاستثمار المنجز لا يجب أن يكون موضوع مصادرة أو استيلاء عن طرق الإدارة وإنما بموجب تدابير محددة قانونا». وينجم عن الطعن والمصادرة، في حالة حدوثهما، تعويض عادل.
ويعطي النص للمستثمر الحق في الطعن لدى الجهات القضائية، وأيضا أمام اللجنة التي ستوضع لدى رئاسة الجمهورية «وتضم قضاة وخبراء اقتصاديين وماليين وتتولى الفصل في الشكاوى والطعون المقدمة».
تجدر الإشارة إلى أن هذه اللجنة، اقترحت في المسودة الأولية للنص، لتكون تحت وصاية الوزارة المكلفة بالاستثمار (الصناعة)، غير أنه تقرر في مجلس الوزراء الأخير إعطاؤها قيمة أكبر وأثقل بوضعها تحت سلطة رئاسة الجمهورية، في خطوة تؤكد وجود «إرادة سياسية» لدفع الاستثمار وإنصاف المستثمرين واستعادة الثقة المفقودة.