طباعة هذه الصفحة

مسار رياضي وثوري عريق

نور الدين لوحال يسرد تاريخ المولودية

أمينة جابالله

استطاع الكاتب نورالدين لوحال في كتابه أسطورة العميد «la légende du Doyen» أن يوثق لشخصيات رياضية وفنية، مرورا بذكر أسماء الأحياء المحيطة بالقصبة، المقاهي الشعبية والمرافق الرياضية، من خلال بعض المقالات الصادرة في كل من جريدة «المجاهد»، «لوريزون» و»الوطن «، تضمنت تغطيات صحفية حول أنشطة وخرجات العميد، إضافة إلى بعض المواقف التي جرت أحداثها خلال جلسات احتضنتها جدران القصبة العتيقة، لاسيما القعدات مع شيوخ أغنية الشعبي، إلى جانب شهادات مقتضبة مسروقة من الزمن لمشجعي فريق مولودية الجزائر مباشرة من الملاعب.
أوّل ما يتبادر إلى ذهن القارئ فور مشاهدته صورة غلاف كتاب «أسطورة العميد»، خاصة عشّاق الفريق العتيد مولودية الجزائر المعروف باسم العميد، هو لحظات التتويج والانتصار إلى جانب استذكار الركلات القوية والتسديدات المجنونة التي أبدع في وصفها ألمع المعلقين الرياضيين، ناهيك عن هتافات المشجعين وأهازيج الحماس والانتشار المنقطع النظير للعناق الأسطوري لكلا من اللون الأخضر والأحمر، ولكن بعد تصفحه سيكتشف أنه موسوعة تناول من كل بستان زهرة، وفي نفس الوقت قد يختلف قراء كتاب أسطورة العميد الصادر عن «دار تافات للنشر»، والذي يتألف من 293 صفحة إلى أي نوع من أنواع الكتابة ينتمي، ولكن في النهاية سيتفقون وبالأجماع على أنه بادرة أدبية، تاريخية، رياضية، ثقافية واعلامية.

أسطورة العميد..بوّابة تاريخ الرّياضة الجزائرية
 
صرّح المؤلف والصحفي نور الدين لـ «الشعب»، بأنّ أحداث «أسطورة العميد هي بمثابة قصيدة حب لنادي مولودية الجزائر عميد الأندية الجزائرية، التي احتفلت العام المنصرم بالذكرى المائوية لتأسيسها، مشيرا إلى أنّ فكرة الكتابة عن مولودية الجزائر لم تخطر بباله كون أن الفريق أكبر من أن يخصه في إصدار، قد يذكر فيه أشياء وقد تغيب عنه أشياء كما جاء على لسانه في هذا السياق: «طلب مني صديق أن أكتب عن مولودية الجزائر، فقلت له إنّنا نتحدث عنها يوميًا، بالإضافة إلى الكتابة في الصحافة الرياضية، لذلك قرّرت أن أهدي كتابًا إلى MCA في 04 أكتوبر2020، ولكن ظروف جائحة كورونا حالت دون أن يُحتفى بهذه الهدية، لاسيما في ظل وجود العديد من الإصدارات للكثير من الكتاب في مختلف المجالات»، مضيفا أنّ عملية التدوين كانت سهلة للوهلة الأولى، على الأقل فيما يتعلق بالجزء التاريخي، ولكن بعدما توسّع في محاور الكتابة، خاصة فيما تعلق بما تمثله المولودية لعشاقها من ذكريات الطفولة في الستينيات إلى غاية يومنا الحالي، وجد بأنّ الأمر يستدعى الكثير من العناية والاستعانة بالمصادر الموثقة، سواء كانت شهادات حية أو مقالات رصدتها كاميرات وأقلام الصحافة.

المولودية والثّورة

 في ذات الصدد، أضاف المؤلف أنّ «أسطورة العميد» هي نظرة أحد المعجبين العاديين، الموجودة خارج M.C.A، هذا يعني أنه بخلاف القصة، تنقل فكرة المؤلف استحضارًا متعدد الأبعاد، حيث سمحت ديناميكيات MCA للنساء والرجال من المشاركة الثورية للتخلص من سلاسل نير الاستعمار الفرنسي بمساعدة الحركة الثقافية والرياضية، وفي هذا الصدد كان اندلاع نادي مولودية الجزائر، بالنسبة لـ «يا أولاد» نقطة انطلاق نحو فضاء الحرية والتطور الذي لم يكن لديهم مع الطبقة الاستعمارية، تبع ذلك ظهور المدافعين عن التراث الموسيقي الكلاسيكي للجزائر العاصمة، الذين سيساهمون بدافع مدني في الظهور غير المتوقع للحياة الفنية والثقافية في مقر نادي الترقي.

«مرجعية للشّعب الجزائري»

 كما تطرّق نور الدين لوحال في عمله المميّز، إلى نظام الفصل العنصري الذي عاشه الجزائريون آنذاك، كانت المولودية مرجعية للهوية للشعب الجزائري خلال الحقبة الاستعمارية، «لقد كان ناديا رياضيًا، ولكنه كان أيضًا ناديا ثقافيا وسياسيا لمقاومة نير الاستعمار».
بدأ الجزائريّون يتحدّثون عن مولودية الجزائر في المقاهي والشوارع..المولوديون كانوا مسلمين ويتحدّثون العربية، القوميون الذين لبسوا اللونين الأحمر والأخضر، يتزيّنون بالهلال والنجم، انتصار أول على المحتل».
مرّت السنوات وازداد الحماس للمولودية في العاصمة..لعب نادي الجزائر المرموق وفاز بدون أدنى عقدة ضد أندية المستوطنين ذات الإمكانيات المالية الكبيرة، مثل «إيلان دى باب الواد» أو «جاليا سبورت» أو «إيه إس سانتوجين»، وعلى إثر هذه الحركية ومع تزايد عدد الشباب الرغبين في الانضمام، ارتأت لدى مولود الجزولي فكرة بارعة لإنشاء نادي آخر ألا وهو اتحاد العاصمة أو الاتحاد الرياضي لمدينة الجزائر، والذي تأسس يوم الاثنين 5 يوليو 1937 في مدينة الجزائر ليكون هناك نادي اسلامي آخر إلى جانب مولودية الجزائر، حيث كان أول رئيس وأحد مؤسسي الفريق العاصمي هو ارزقي مداد، لتكون ألوان النادي في الأول مقتصرة على الأحمر والوردي حتى 1945، وبسبب مجازر 8 ماي 1945 تمّ تغيير اللون الوردي إلى الأسود حدادا على ضحايا المجزرة، ولقد حقّق أوّل لقب له مباشرة بعد الاستقلال بفوزه بلقب البطولة، وعليه كان ثاني فريق رياضي مسلم يضم تشكيلة أخرى من اللاعبين لهم نفس الهدف السامي، وهو إعلاء الراية الوطنية.

أهازيج..بين الفرح والدّموع

 في سياق متصل، استحضر مؤلف «أسطورة العميد» أوّل أغنية رياضية مهداة للمولودية لصاحبها العملاق الفنان الحاج مريزق، والتي يقول في مطلعها «يا للي تحب تعمل سبور شارك في المولودية هوClub مشهور في شمال إفريقيا»، كما عاد بذاكرة الشعب إلى حقب تاريخية في الرياضة الجزائرية، مثل أحداث 11 مارس 1956 ووفاة 200 مناصر بعد الضرب الذي أعقب المباراة الحاسمة بين مولودية الجزائر وجمعية آسي، ذاكرا في نفس الوقت دعم مولودية الجزائر لإنشاء أندية أخرى مثل شبيبة القبائل ويو إس إم ميزون كاريه أو اتحاد الحراش الحالي، حيث كان يحملان اللونين الأحمر والأخضر وقت إنشائهما.
ويصف المؤلف كتابه بأنه سرد تاريخي غير مخصص بالكامل للمولودية، إلى جانب كونه معجبًا بالنادي، سيقول نور الدين لوحال إن كتابه خاص بالجمهور الوطني، ويستحضر بعض الأندية المختفية مثل جيجل وخنشلة، وأيضًا أحداث رئيسية في ذاكرة كرة القدم الجزائرية مثل ألعاب البحر الأبيض المتوسط لعام 1975، حيث المشاركة الجزائرية الأولى في البطولة، إضافة إلى المرحلة الأخيرة من نهائيات كأس العالم عام 1982.

دعوة لوقف العنف في الملاعب

 في نفس السياق، أكّد المتحدّث بأن هذا العمل يحمل على غرار وقفة احترام واعتراف للعميد، الذي يعتبر قاطرة حضارية لمجتمع يحظى بالتفوق إلى يومنا هذا، بأناقته وحضارته التي تتجلى بشكل بارز في مهاراته التي يشهد لها القاصي والداني من داخل وخارج الوطن، يحمل دعوة في السلام لوقف العنف الذي لم يكن موجودًا في ملاعبنا، أو كما قال: «لأننا إخوة يجب أن نتحلى بالروح الرياضية، وبما أن كل الفرق والأندية الوطنية تجتهد لتصنع الفرجة، يجدر على الشباب أن يكافئوا تعب وعرق اللاعبين بالتشجيع البناء، ليس فقط بالأهازيج، بل بالتصرفات في المدرجات التي ستكون أجمل وأمتع إن أحببنا فريقنا بطريق مبتعدين عن العنف والتعصب متجملين بالحب والاحترام».
للإشارة، ولد نور الدين اللوحال في القصبة عام 1955، ومنذ شبابه الأول جعل من الجزائر البيضاء مصدر إلهامه وبوتقة أدبيته، وأظهر حكاياته وأساطيره ونوافيره، وشعبه مع مرور الوقت.

مقتطفات من كتاب «أسطورة العميد»

-  أنا لست متعصّبًا لـ MCA، لكن من المهم أن نقول إن المولودية كانت حقًا الشرارة التي أطلقت عملية الرياضة الوطنية برمتها مع تجمع المسلمين.
-  المولودية هي أكثر بكثير من مجرد مكان للاجتماع، إنّها مدرسة للتدريب والتعليم والصحوة السياسية.
- عبد الرحمن عوف جالسا بالساحة يتأمّل في جمال البحر، وعلى بعد أمتار منه كان هناك بعض الأطفال يلعبون بكرة مصنوعة من الورق، ويتنافسون عليها وعلامات السرور والبراءة بادية على وجوههم، فلفت هذا المشهد انتباه عبد الرحمن وأخذ يتابعهم باهتمام، وبينما هم يلعبون مرت بجانبهم مجموعة من العساكر الفرنسيين، فنظر الرقيب للأطفال باستعلاء وقال لهم باحتقار: هذه هي حديقة أمراء العرب!! (Voici le Parc des Princes des Arabes) نسبة لملعب حديقة الأمراء بباريس، فبقي عبد الرحمن مذهولا من هذه الجملة، التي أثرت فيه كثيرا وأشعرته بالإهانة وجعلته لا ينام الليل، ومنذ هذه اللحظة وفكرة تأسيس ناد لكرة القدم تراوده أكثر من أي وقت مضى، حيث أصبحت قضية مبدأ بالنسبة له، وفي اليوم الموالي وعند لقائه بأصدقائه طرح عليهم فكرته المتمثلة في تأسيس أول ناد جزائري مسلم ينافس الأندية الفرنسية.
-  كان الدكتور لادي فليتشي (1937-1993) من القصباجي الذي أشاد بجمال قصبته في (بير جباح وفي زوج عون( النافورتان، وكذلك حبه لنادي مولودية الجزائر، مثل أي ابن من أبناء القصبة كان يحب «ألعاب طفولتنا»، بما في ذلك النقل مع محامل العجلات)، وغيرها من الألعاب مثل عظام المفصل والرخام و
 qnibâat de denoyou كومة من حبات المشمش التي ساهمت في تنشئتنا فكريا وذهنيا ونفسيا.
-  تأسّست أولمبيك تيزي أوزو (O.T.O) باللونين الأزرق والأبيض في عام 1904 أو 1912، وكان مقرها في قاعة قرية تيزي وزو البلدية، كان رئيسها بومنديل جوزيف..أولمبياد حسين داي باللونين الأصفر والبنفسجي.