طباعة هذه الصفحة

تظاهرة «القصبة تحتفل بالشّعبي»

التّواصل بين الأجيال حفاظا على التّراث الموسيقي الشّعبي

أمينة جابالله

 احتضنت جمعية «شباب مواهب وآفاق»، تزامنا ومئوية طابع الشعبي، تظاهرة «القصبة تحتفل بالشعبي»، التي عرفت حضورا لافتا للزوار الذين تجاوبوا مع البرنامج المتنوع المتمثل في عدة معارض للفنون والحرف التقليدية، المرفوقة بموسيقى وأغاني الشعبي بحناجر شباب عاشق لشيوخ وقامات الفن الخالد، وذلك على مستوى أزقة القصبة السفلى المحيطة بمتحفي الفنون التقليدية والشعبية (دار خداوج العمياء) والمنمنمات والخط (قصر مصطفى باشا).

 احتفى، أول أمس، أبناء وحرفيو القصبة السفلى وسط حضور قوي للزوار من خلال تظاهرة «القصبة تحتفل بالشعبي»، التي بادرت بها جمعية «شباب مواهب وآفاق «، بالتراث الجزائري الذي تزخر به منطقة القصبة، لاسيما طابع موسيقى الشعبي الذي تميزت به القعدات والجلسات الحميمية ذات الماركة المسجلة لبنة زمان.
عرف برنامج التظاهرة على غرار اللقاء الفكري الذي تم تنظيمه على مستوى دار مصطفى باشا، قعدات شعبية نشّطها وأتقن في استمالة الجمهور إليها مجموعات شبانية من هواة وممارسي هذا اللون الموسيقي الاصيل، إضافة إلى معارض حيوية أرّخت بظلالها على جوانب عديدة من تراث القصبة التاريخي، التي تنوّعت بين منتوجات حرفية ومشغولات يدوية، وأخرى للنحاس والخزف الفني والآلات الموسيقية وفن الأرابيسك، ومعارض جانبية للفنون التشكيلية.

على هامش مئوية فن الشعبي

 بالمناسبة صرّحت رئيسة جمعية «شباب مواهب وآفاق»، نصيرة دواغي لـ «الشعب»، أنّ التظاهرة التي تتزامن وإحياء الذكرى المئوية لميلاد فن الشعبي، تهدف إلى «مد جسور التواصل بين الأجيال الفنية للحفاظ على مخزون تراث الموسيقي الشعبية، وهو الفن الراقي الذي كان حي القصبة فضاء رمزيا وتاريخيا لميلاده، وقد التفّ حوله كل أبناء مناطق الوطن لما يحمله من قيم فنية وراقية».

أصل حكاية الشّعبي الخالدة

في سياق متصل، أكّد الأستاذ والباحث نور الدين سعودي من خلال اللقاء الفكري، أنّ «فن الشعبي الأصيل ولد وانتشر بالدرجة الأولى بحي القصبة العريق بالعاصمة، وكان روّاده ومؤسّسيه من أبناء القصبة القادمين من مختلف مناطق الجزائر، ليتم تداوله فيما بعد عبر عديد المدن كمستغانم، بجاية، قسنطينة وغرداية، منوّها أنّه من روّاد مدرسة الشعبي، «الشيخ الناظور والشيخ مريزق ليقوم بعدها امحمد العنقى المعروف بذكائه الخارق في النهل من تراث شعر الملحون وعصرنة الموسيقى، من خلال إدخال آلات عصرية كالموندول وهوما أدى إلى انتشارها وشهرتها»، مضيفا في ذات السياق أنّ جيل الفنانين الذين تتلمذوا على يد الشيخ امحمد العنقى، كان لهم اليد في تجديد الطابع الشعبي، وهو مسار طويل مازال قائما لتطوير هذا اللون الفني الأصيل، ومنهم الراحلين الهاشمي قروابي، بوجمعة العنقيس، حسن السعيد، دون إغفال دور الموسيقار محبوب باتي الذي قام بثورة فنية في مجال الشعبي تعكس عبقريته وذوقه الفني الرفيع وكذا الفنان بودالي سفير وغيرهم ممّن أسّسوا لمدرسة الشعبي الأصيلة.

التّكوين للحفاظ على التّراث
 
 في ذات الصدد، استحسن نجل عميد الأغنية الشعبية الشيخ امحمد العنقى المطرب والمؤلف والعازف على البيانو، الهادي العنقى هذه المبادرة للتعارف بين الفنانين من مختلف الأجيال واكتشاف مختلف الإبداعات الفنية»، هامسا في آذان الشباب المحب لهذا الطابع العريق الأصيل رسالة قال في محتواها «أيّها الجيل الفني الجديد الممارس للطابع الشعبي وباقي الطبوع، عليكم بالتكوين لما له أهمية في الحفاظ على التراث الموسيقي الجزائري واستمراريته، وحتى لا تنقطع حلقات التواصل بينكم وبين من كان لهم الدور في بروز موسيقى الشعبي، لابد من إحياء مثل هكذا فعاليات لأنّها تمثّل تاريخ وأسطورة لمسيرة فن كتب بالدم وجابه الاستعمار وانتشى بعطر الحرية، وها هو الآن أمانة في أعناقكم وأعناق كل الأجيال المتعاقبة بإذن الله».

الجوق الشّعبي ودوره في النّجاح
 
 من جهته نوّه الأستاذ بالمعهد العالي للموسيقى وصانع آلة العود، تيرصان عبد القادر، بأهم مكونات الجوق الموسيقي الشعبي الذي يعتمد على آلات مختلفة على غرار الڤيتارة، القانون، الناي، البانجو، الكمان، البيانو، الربابة..كما أضاف بأنه لم يتم إدخال آلة العود، مؤكّدا أنّ «آلة الموندول صنعت بالجزائر لأول مرة من طرف جزائري - إيطالي كان يقطن بحي بباب الوادي ولديها خصائص إيقاعية مغايرة لآلتي البونجو والڤيتارة».
للإشارة، انطلقت تظاهرة «القصبة تحتفل بالشعبي» التي سطّرتها جمعية «شباب مواهب وآفاق»، على أنغام الزرنة والزغاريد، ابتداءً من خط مسار شوارع كل من عمار خوجة، محمد أكلي مالك، الإخوة مشري، دار مصطفى باشا، بموكب «نساء الحايك»، اللواتي أبهرن بطلتهن العريقة أنظار المارة، لاسيما السياح الذين كانوا في جولات سياحية أين ساقهم الطريق إلى أجواء ووسط ذات الاحتفالية الشعبية، كما تضمّن برنامج ذات الفعالية الثقافية التراثية والفنية جلسات بيع بالتوقيع للكتاب نور الدين حموش، نور الدين لوحال وسمير جاما، في حين احتضن مقهى مالاكوف وبعض الساحات القريبة من القصبة السفلى قعدات فنية لمواهب شعبية صاعدة، إلى جانب عرض للحكواتية بمتحف الفنون الشعبية وعرض أزياء رجالي للمصمم رضوان رباعين.