اعتبر أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية الدكتور رابح لعروسي، أن الرئاسيات القادمة ستعرف منافسين من العيار الثقيل، سواء تعلق الامر بالمرشح الحر عبد المجيد تبون أو بالنسبة لرؤساء الحزبين المتمثلين في جبهة القوى الاشتراكية “الأفافاس” وحركة مجتمع السلم، متوقعا أن تشهد الحملة الانتخابية مستوى راقيا من الخطاب لم تعرفه من ذي قبل.
قال الأستاذ لعروسي في تصريح لـ “الشعب”، إنّ ترشح الأمين الوطني الأول يوسف أوشيش عن حزب جبهة القوى الاشتراكية “الأفافاس”، وعبد العالي حسين شريف عن حركة مجتمع السلم “حمس” وهما يمثلان حزبين سياسيين هامين في الجزائر، وهو ما سيجعل التنافس شديدا بالنظر الى القاعدة النضالية والانتشار الجغرافي لكل واحد منهما.
لفت الأستاذ لعروسي أنه منذ إعلان الرئيس تبون عن تنظيم انتخابات رئاسية مسبقة يوم 7 سبتمبر القادم، لم نسمع - لأول مرة - عن أي مقاطعة لهذا الاستحقاق، وهي نقطة يراها إيجابية وهامة في مسار الاستقرار السياسي والمؤسساتي، ومن جهة أخرى قال إن أسماء المترشحين بعد دراسة الطعون من قبل المحكمة الدستورية وقبوله ملفات المترشحين الثلاث تبون، أوشيش وحساني، يؤكد انها أحزاب مهيكلة وذات قواعد نضالية.
كما أوضح في هذا الإطار، أن مرشّحي “حمس” و«الافافاس” قد مرّا على السلطة المستقلة للانتخابات والمحكمة الدستورية ما تعلق بملف الاستمارات وجمع التوقيعات في إطار القانون، وهذا يدل على أن الحزبين لديهما انتشار قاعدي عبر الوطن، حيث يتواجد حزب “الأفافاس” في 31 ولاية، بينما حركة مجتمع السلم في حوالي 50 ولاية، كما أنهما حزبين وطنيين بامتياز.
ريعتقد المتحدث أن اجتياز مرحلة التصفيات كانت سهلة بالنسبة لهذين الحزبين فيما تعلق بشروط واجراءات الترشح، وهذا ما يعكس - حسبه - تواجد الحزبين في الساحة السياسية، ومن جهة أخرى يؤكد حجم الانضباط التنظيمي، وقد ثبت ذلك من خلال عملية جمع التوقيعات التيمرت بسلاسة وقد استطاعوا جمع العدد الكافي.
كما يرى الأستاذ لعروسي أن الحزبين يمثلان عمق المجتمع الجزائري، حيث أن حزب جبهة القوى الاشتراكية يمثل التيار الديمقراطي والوطني في نفس الوقت، ويتواجد بقوة في منطقة القبائل، أسسه الزعيم التاريخي الراحل حسين آيت أحمد، مذكرا أن آخر ترشح لقيادة “الأفافاس” للرئاسيات كان سنة 1999 باسم هذا الأخير الذي يمثل رمزية وطنية، كما أن هذا الحزب الاشتراكي يمثل أحد الاطياف السياسية في الجزائر، وهو يعكس توجها سياسيا ومشروعا مجتمعيا.
وبالمقابل كان آخر دخول لسباق الرئاسيات بالنسبة لقيادة حركة مجتمع السلم سنة 1995، حيث ترشّح مؤسسها الراحل محفوظ نحناح ويعكس هذا حسب الأستاذ لعروسي تواجد وتجذر الحركة في المجتمع الجزائري، يعكس التيار الإسلامي في الجزائر، وهو يمثل تيار الاعتدال والوسطية، كما يعتبر كذلك حزبا منضبطا لديه قواعد نضالية والتزام قاعدي رغم الهزات التي عرفها الحزب في مرحلة معينة.
وأبرز لعروسي في السياق، أن دخول الحزبين في المنافسة الانتخابية هو تجديد للدماء وتجديد للروح داخل الحزب السياسي، موضحا انه مهما كانت المشاركة في الانتخابات فهي تحضير لمواعيد سياسية أخرى قادمة تتمثل في الانتخابات التشريعية ثم المحلية وهي الرزنامة السياسية الانتخابية.
وأضاف في السياق أن هذه الانتخابات الرئاسية هي تحريك وبعث حالة الاستنفار في القواعد النضالية بالنسبة للحزبين، مشيرا الى ان القيادة الحزبية للتشكيلتين هي جديدة، وتعد الرئاسيات فرصة لإثبات التواجد لكليهما.
وأشار المتحدث الى أن مرشحي الحزبين هما منافسين للمترشح الحر عبد المجيد تبون، الذي تقف وراءه مجموعة من الأحزاب السياسية التي دعمت ترشحه على غرار الأغلبية البرلمانية الى جانب نشطاء من المجتمع المدني، كما ذكر بأن الاستحقاق سيكون مفصليا بالنسبة للخطاب السياسي، ويعتقد أن المرشح الأخير سيراهن على التزاماته 54، فيما سيراهن مرشحا الحزبين الآخرين على برنامجهما ومشروعهما المجتمعي، كما ينتظر حسب المتحدث أن يكون هناك رقي في مستوى الخطاب السياسي خلال الحملة الانتخابية.