طباعة هذه الصفحة

استـقلال الجـزائـــر وكـوفـية الــثـائـر

بقلم الاسير : أسامة الأشقر

شكل استقلال الجزائر الرسالة الأهم وشارة النصر الحقيقية للشعب الفلسطيني الذي اعتبر نجاح الثورة الجزائرية وطرد الاستعمار الأجنبي من الأرض العربية البداية الحقيقية لإنكفاء قوى الشر والاحتلال وقد أحس كل فلسطيني بطعم هذا الانتصار كأي جزائري يحتفل وسيبقى بهذه المناسبة حتى أصبحت التجربة الجزائرية تدرس في قواعد الثورة الفلسطينية.
عند دخولنا معتقلات الاحتلال الإسرائيلي كانت تجربة الثورة الجزائرية إحدى التجارب العالمية التي درسناها وما زلنا ندرسها لما فيها من عبر ملهمة للمناضلين الفلسطينيين ولكل أحرار العالم. غير أن البعد المعنوي لم يكن هو البعد الوحيد لحقيقة الترابط بين فلسطين والجزائر، فمنذ إعلان استقلال الجزائر أصبحت الرئة الرسمية الأولى التي تتنفس منها الثورة الفلسطينية فكانت أول دولة تفتح ذراعيها لحركة فتح، فكان المكتب الأول الذي يتم افتتاحه بشكل رسمي. وهكذا بدأت الثورة الفلسطينية تتلقى كافة أنواع الدعم السياسي والعسكري والفني، إضافة لفتح أبواب الكليات العسكرية والجامعات الجزائرية لأبناء فلسطين وخاصة لثوار فلسطين الذين ساهموا مساهمة حاسمة في تعديل موازين القوة ونقل التجارب الهامة للمعسكرات الفلسطينية ولساحات القتال الفعلي.
هذا الدعم الذي امتد لتتحول بوابة فلسطين للقوى الصاعدة كالصين وفيتنام وكوبا وغيرها من الدول التي تحررت من الاستعمار بعد منتصف القرن الماضي، وبالفعل ساهم هذا التحول الكبير في نصرة الثورة الفلسطينية عسكريا ولاحقا سياسيا في المحافل الدولية التي كانت أول إنجازاته عندما اعترفت الدول العربية بمنظمة التحرير كممثل وحيد للشعب الفلسطيني الأمر الذي انسحب على الأمم المتحدة التي استقبلت الثائر الفلسطيني وصاحب البندقية وغصن الزيتون، وهو يعتمر كوفيته الفلسطينية   التي أصبحت رمزا لثورة شعبنا ولأحرار العالم.
استقلال الجزائر لم ينعكس على فلسطين قبل أكثر من نصف قرن فحسب، بل إن هذا الاستقلال رافقنا في مسيرتنا الشاقة وما زال حتى الآن فالشعب الفلسطيني لا ولن ينسى آلاف المنح الدراسية لأبنائه ولا يمكن له أن يتجاهل حقيقة أن الجزائر الحبيب البلد الوحيد الذي لم ترق فيه دماء الفلسطينيين، وهو البلد الوحيد الذي يقف «مع فلسطين ظالمة أو مظلومة»، كما قال الرئيس الراحل وابن فلسطين هواري بومدين، وهو لا يشترط مساعداته بأي اشتراطات سياسية أو مواقف دولية.
 وفي لحظة الانحطاط العربي الأليم تقف الجزائر سدا منيعا أمام موجة التطبيع والتآمر والسير في فلك دولة الاحتلال والجزائر من أكثر القوى العالمية، إدراكا لخطورة التغوّل الصهيوني في القارة الإفريقية والتداعيات الخطيرة لهذا الاختراق، وهو بعكس بعض الأنظمة التي انساقت في ركب الهرولة والاستقواء بهذه الدولة المارقة على أبناء جلدتهم. استقلال الجزائر هو استقلال شعب والطريق لاستقلال أمة، وهو السبيل الأقصر للوحدة العربية، وهو النبض الذي ما زال يحرك الأفئدة الطامحة، لأن ترى الأمة العربية وفلسطين بخير. وكل عام وأنتم بألف ألف خير.