طباعة هذه الصفحة

مع تزايد معدل الإصابات بالفيروس

مستشفيـات في حالة تأهب لمحــاصرة كــورونا

صونيا طبة

تتجنّد المؤسسات الاستشفائية وجميع الأطقم الطبية عبر الوطن لمواجهة مخاطر الارتفاع المسجل في عدد الإصابات بفيروس كورونا، خلال الأيام الأخيرة، من خلال الإسراع باتخاذ الإجراءات الاستباقية اللازمة لتفادي تأزم الأمور وخروجها عن السيطرة بتسخير كافة الإمكانيات المتاحة على ضوء تزايد معدلات الإصابة بهذا الفيروس ووضع المراكز الإستشفائية في حالة تأهب قصوى.

وتحسبا لأيّ طارئ، أكدت المؤسسات الصحية استعدادها لاستقبال جميع المصابين بالفيروس، والذين تتطلب حالتهم التكفل الاستعجالي، وإمكانية اللجوء إلى فتح مصالح أخرى موجّهة للتكفل بمرضى كورونا، وذلك في حال عودة الضغط على مصالح العلاج، وتسجيل عدة حالات خطيرة تستدعي التكفل العاجل في المستشفى، من خلال رفع طاقة الاستيعاب من الأسرة الموجهة للمرضى، والعودة لفرض قواعد صارمة للحدّ من انتشار وتفشي الفيروس داخل المستشفيات، خاصة وأنّ القيود والإجراءات التي كانت مفروضة من قبل  في تراجع عقب تخلي أغلب زوار المستشفيات عن ارتداء الأقنعة ودخولهم للمصالح الطبية بأريحية دون إلزامهم باحترام البروتوكول الوقائي وتسجيل تراخ كبير من قبل إدارة المستشفيات في اعتماد التدابير الصحية المرتبطة بالوقاية من فيروس كورونا.
 وبعد تخطي الحالة المقلقة التي لازمت الهياكل الصحية في الموجات السابقة مخلفة أعدادا هائلة من الإصابات وعدد من الوفيات، تنفس عمال الصحة من أطقم طبية وشبه طبية الصعداء نظرا لانخفاض عدد حالات الاستشفاء بسبب فيروس كورونا وبلوغها أدنى مستوى، منذ بداية الجائحة، مع السيطرة التامة على الوضع على مستوى المصالح الطبية، ما مكنهم من استعادة قواهم من جديد بعد معاناة طويلة عاشها الأطباء والممرضون في مواجهة الوباء والتكفل بجميع المرضى، خاصة في الموجة الأخيرة التي تسببت في إصابة عدد كبير من مستخدمي الصحة بالفيروس واستمرارهم في العمل بالرغم من كثرة الإصابات نظرا لحدّة الضغط وحجم العمل في ظل التزايد المتسارع لعدد الحالات المتوافدة على المؤسسات الاستشفائية.
 ويتخوّف العديد من المرضى المصابين بأمراض مزمنة صعبة، من الإصابة مجدّدا وما ترتب عنها من معاناة،  بسبب خطورة الإصابة بالفيروس باعتبارهم أكثر عرضة للمضاعفات، بالإضافة إلى تعطل الخدمات الصحية وتأجيل الفحوصات والعمليات الجراحية غير الاستعجالية، وهو الأمر الذي ينعكس سلبا على هذه الفئة من المرضى التي لم تتمكن من إجراء الفحوصات اللازمة والاستفادة من العلاج، خاصة بالنسبة للمصابين بالسكري وارتفاع الضغط الدموي والمصابين بأمراض القلب والشرايين وحتى مرضى السرطان.
 وأكد أطباء ومختصون أنّ انخفاض منحنى الإصابات بفيروس كورونا لفترة معنية لا يعد مؤشرا عن تخطي مرحلة الخطر نهائيا وعدم عودة الانتكاسة الوبائية، خاصة وأنّ الفيروس يعرف انتشارا واسعا في بعض الدول الأوروبية وزيادة عدد الرحلات الجوية والبحرية يجعل الجزائر عرضة لتسجيل مزيد من الإصابات إلى الوطن وانتشار الفيروس بشكل أكبر، ما يستدعي تشديد المراقبة الصحية عند الحدود والاعتماد على الصرامة في فرض التدابير الاحترازية ومراقبة القادمين من الدول الموبوءة بكورونا.
وشدّد الأطباء على ضرورة اتخاذ الاحتياطات اللازمة وتوخّي الحذر لتجنّب الأسوأ بالاستمرار في التقيّد بالإجراءات الوقائية والعودة إلى اللقاح الذي يعد أفضل وسيلة وقائية من شأنها حماية الـمواطنين من مخاطر انتشار عدوى السلالات المتحورة، مشيرين إلى أنّ تجنيد الأطقم الطبية يبقى قائما لمواجهة أيّ مخاطر ومستجدات ولكن بإمكان المواطنين عدم الوصول إلى الاستشفاء وتعريض حياتهم للخطر.
وحذروا من الاستهتار في التعامل مع الوضع الوبائي الحالي خاصة في موسم الاصطياف الذي تكثر فيه التجمعات والمناسبات، وقد يتسبب في ارتفاع سريع في عدد الإصابات، بالإضافة إلى ضرورة رفع حالة التأهب والمراقبة الطبية عبر نقاط العبور الجوية والبحرية والبرية، لاسيما بالنسبة القادمين من دول تعرف انتشارا لفيروس كورونا، وتسخير كافة الإمكانيات المتاحة على ضوء تزايد معدلات الإصابة بالفيروس.
 
«العودة الاستعجالية لتطبيق البروتوكولات الصحية”
من جهته، كشف رئيس النقابة الوطنية لممارسي الصحة العمومية، الدكتور الياس مرابط لـ« الشعب “، أنّ جميع المؤشرات الصحية المتعلقة بوباء كورونا تؤكد أنّ الجزائر دخلت في موجة جديدة من انتشار فيروس كورونا، منذ أسبوعين، بعد تسجيل العديد من الحالات في مناطق مختلفة من الوطن، موضحا أنّ الإصابات التي تم تشخيصها، إلى حدّ الآن، أغلبها غير خطيرة.
وأوضح الدكتور مرابط أننا في بداية الموجة التي انطلقت في العديد من البلدان الأوروبية من عدة أسابيع والأمر لا يختلف عن الموجات السابقة التي كانت تعرف ارتفاعا تدريجيا للإصابات قبل بلوغ الذروة، مضيفا أنّ وجود حركية على مستوى الحدود الجوية والبحرية والبرية يمكن أن يتسبب في تزايد معدل الإصابات داخل الوطن، خاصة مع تزامن الموجة مع موسم الاصطياف الذي تكثر فيه التنقلات بين الولايات لقضاء العطل الصيفية وكذا مناسبات الأعراس والختان والاحتفالات، ما يشكل خطرا أكبر ويؤدي إلى زيادة انتشار الفيروس.
وأضاف الدكتور مرابط أنّه بالرغم من أنّ الأعراض التي تظهر لدى المصابين بفيروس كورونا من خفيفة إلى متوسطة وتأتي على شكل حمى وإرهاق وصداع، إلا أنّ الحذر مطلوب لتفادي تزايد انتشار عدوى الفيروس الذي يجعل الوضع خطيرا ويصعب التحكم فيه، مشيرا إلى أنّ الفئات الهشة من كبار السنّ والمصابين بالأمراض المزمنة هم ضحايا الاستهتار وعدم الالتزام بالقواعد الاحترازية، باعتبارهم معرضين أكثر  لمضاعفات الفيروس ودخول مصالح الإنعاش عكس الأشخاص الذين لديهم مناعة قوية.
وتابع بأنّ الأطقم الطبية وشبه الطبية مجنّدة، وعلى استعداد متواصل لمواجهة المخاطر المرتبطة بالفيروس في ظلّ اكتسابهم تجربة خلال الموجات السابقة والتي تمكنهم من التصدي لانتشار فيروس كورونا، مشيرا إلى أنّهم بحاجة إلى توفير مزيد من الحماية والإمكانات والمستلزمات الوقائية الطبية الضرورية وتحسين ظروف عملهم، موضحا أنّ مستخدمي الصحة يواجهون العديد من الصعوبات في التكفل بالمرضى ويتعرضون بالدرجة الأولى إلى خطر الإصابة بالعدوى.
ودعا إلى ضرورة العودة الاستعجالية لتطبيق البروتوكولات الصحية على مستوى جميع المؤسسات والإدارات العمومية ورفع مستوى المراقبة الصحية عبر الحدود، بالإضافة إلى مضاعفة الجهود بتنظيم حملات تحسيسية توعوية حول أهمية الالتزام بالإجراءات الوقائية البسيطة لتفادي الأسوأ من خلال ارتداء القناع الواقي في مختلف الأماكن المكتظة، وكذا تطهير الأيدي واحترام مسافة الأمان والالتزام بكافة التدابير الاحترازية، لاسيما الإقبال على أخذ الجرعات المعزّزة من اللقاح التي تساهم في ضمان حماية من مخاطر الفيروس.
وقال رئيس النقابة الوطنية لممارسي الصحة العمومية إنّ الحملة الوطنية للتلقيح ضد فيروس كورونا كانت ضعيفة بالرغم من الإمكانيات المتاحة والدليل عدم التمكن من بلوغ نسبة عالية من الملقحين لاكتساب مناعة جماعية، خاصة وأنّ أغلب المواطنين يقبلون على اللقاح بدافع الحصول على جواز التلقيح للسفر إلى الخارج، في حين أنّ القليل منهم يتوجّهون إلى مراكز التلقيح للحماية من مخاطر الفيروس، مبرزا أهمية العمل على إعادة بعث حملات التطعيم على المستوى الوطني.
وحسب الدكتور مرابط فإنّ مواجهة مخاطر الموجة الجديدة تتطلب تنسيقا وعملا مشتركا بين جميع القطاعات من خلال الاعتماد على مخطط استعجالي لمحاربة الوضع الوبائي الذي يتغير إلى الأسوأ ويستدعي المساهمة الواسعة في عملية التحسيس والتأقلم مع الوضع الجديد عبر مناقشة مستمرة لتطورات الحالة الوبائية في ظل ظهور المتحورات الجديدة وتكثيف العمل الميداني في المستشفيات ومختلف المؤسسات العمومية واتخاذ إجراءات استباقية تتكيف مع الوضع.
 استدراك التأخر
من جانبه، أشار عضو اللجنة العلمية المكلفة بمتابعة ورصد وباء كورونا البروفيسور رياض مهياوي، إلى ارتفاع عدد الإصابات بفيروس كورونا في العديد من الدول الأوروبية يهدد بزيادة خطر انتشار الوباء في الجزائر بسبب القادمين من البلدان الأوروبية التي تسجل ارتفاعا مخيفا للإصابات اليومية بفيروس كورونا.
وقال عضو اللجنة العلمية المكلفة بمتابعة ورصد وباء كورونا إنّ الفيروس المنتشر حاليا يتسبب في أعراض خفيفة تأتي على شكل زكام كارتفاع درجة الحرارة والفشل وآلام في المفاصل وعلامات أخرى غير معقدة، مؤكدا أنه لحدّ الآن لم تسجل المستشفيات أية حالات خطيرة لفيروس كورونا تستدعي الدخول إلى مصالح الإنعاش نظرا لطبيعة الفيروس الحالي، كاشفا أنّ قطاع الصحة على استعداد للتصدي لأيّ خطر محتمل.
وشدّد عضو اللجنة العلمية المكلفة بمتابعة ورصد وباء كورونا على ضرورة العودة لتطبيق التدابير الاحترازية للوقاية من تفشي الوباء بشكل أكبر وتجنّب مخاطره، خاصة في موسم الاصطياف أين تكثر التجمعات والسفر والرحلات الدولية، محذرا من التراخي في الالتزام بالقواعد الوقائية كارتداء الأقنعة في إطار الاستعداد لمواجهة أيّ طارئ والتحلي بروح المسؤولية.
وبخصوص أهمية الاستمرار في التلقيح، أجاب البروفيسور مهياوي أنّ اللقاح ضروري لتعزيز الوقايه من مضاعفات الفيروس، خاصة الجرعات المعزّزة التي تساهم في حماية الفئات الأكثر عرضة لمخاطر الإصابة بالفيروس من كبار السنّ والمصابين بالأمراض المزمنة، موضحا أنّه بالرغم من حملات التوعية والتحسيس حول أهمية التلقيح وتوفير جميع الإمكانيات، إلا أنّ الجزائر لم تصل إلى تحقيق المناعة الجماعية بتلقيح أكبر نسبة من المواطنين.
ودعا البروفيسور مهياوي الجميع إلى استدراك التأخر في التلقيح ضد فيروس كورونا من خلال الإقبال على اللقاح بالنسبة لغير الملقحين من قبل والاستفادة من الجرعة الثالثة المعزّزة للأشخاص الذين تلقوا اللقاح منذ أشهر، مشيرا إلى أنّ الجزائريين لديهم الخبرة في التعايش مع الوباء والتصدي للمخاطر بعد التجربة الصعبة في مواجهة الموجات السابقة التي تسبّبت فيها متحورات الفيروس