طباعة هذه الصفحة

موافقـة «ساحقـة» علـى الدّستـور التّونســي الجديــد

الخطوة التاليــة..تعديـل القانون الانتخابـي

 من المنتظر أن يدخل الدستور التونسي الجديد الذي يراهن عليه الرئيس قيس سعيّد لإحداث القطيعة مع الماضي، وتصحيح الإختلالات التي صاحبت مسار التغيير، حيز التنفيذ، بعد أن نال الموافقة بسهولة من طرف الشعب الذي خرج أمس بأعداد كبيرة إلى الشوارع للاحتفال بنجاح الإستفتاء.
مباشرة عقب إغلاق صناديق الاقتراع، وكشف النقاب عن أن 92.3 % من المشاركين في الاستفتاء صوّتوا بـ «نعم» للدستور الجديد، تدفق المئات من التونسيين للشوارع ابتهاجا بنجاح الاستحقاق الإنتخابي مردّدين شعارات مثل «لا خوف لا رعب السلطة ملك الشعب» و»الشعب يريد تطهير البلاد»، و»بالروح والدم نفديك يا علم»، كما ردّدوا النشيد الوطني، ورفعوا شعارات مناهضة للذين قادوا حملة لدفع الناس إلى مقاطعة الاستفتاء.
وقالت نورة بن عياد «46 عاما» والتي كانت مع ابنها وتحمل العلم التونسي «خرجنا لنحتفل. نحن لسنا خائفين من شيء..من سيخاف فقط هم الفاسدون والمسؤولون الذين نهبوا الدولة».
وقال رجل آخر «الآن وقد أعطيناه تفويضا سياسيا جديدا للتصدي للوبيات السياسية، نطلب من سعيّد أن يهتم بوضعنا الاقتصادي والأسعار».
كما اعتبر كثيرون بأنّ سعيد هو الأمل الوحيد، لإنقاذ تونس من سنوات الفشل والفساد.

تونس دخلت مرحلة جديدة

 هذا، وقد أكد الرئيس التونسي قيس سعيد، فجر أمس الثلاثاء، أنّ «تونس دخلت مرحلة جديدة»، وأنه «يجب محاسبة كل من أجرم في حق البلاد». وأضاف أن أول قرار بعد الاستفتاء على الدستور سيكون وضع قانون انتخابي، وهذا القانون سيغير شكل الانتخابات القديمة، كما أضاف.
وكان سعيّد عقب الإدلاء بصوته، قال إنّ بلاده عاشت «في السنوات الماضية سيئة الذكر الكثير من المهازل والمسرحيات، وكانت فصول القوانين تباع وتشترى وسالت الدماء وكانت النصوص توضع دون أن تجد طريقها للتطبيق».
وشدّد على أنّه «معا سنبني بسواعدنا وأفكارنا وإرادتنا جمهورية جديدة تقوم على الحرية الحقيقية والعدل الحقيقي والكرامة الوطنية».
وأضاف «اليوم نحن أمام خيار تاريخي وللشعب التونسي أن يكون في الموعد مع التاريخ ولا يترك هؤلاء الذين يحرقون الغابات ويوزعون الأموال حتى لا يتوجهون لصناديق الاقتراع»، مشيرا إلى أن السلطات الأمنية أوقفت شخصا يوزع أموالا للتأثير على إرادة الناخبين.
وسيتم اعتماد الدستور الجديد، بمجرد فوزه بأغلبية الأصوات المصرح بها، ولا يشير المرسوم المنظم للاستفتاء الذي أصدره الرئيس سعيّد إلى حد أدنى مطلوب لنسبة المشاركة من أجل اعتماد نتائج الاستفتاء حيث بلغت المشاركة 27 بالمائة.
وقد أتى هذا الاستفتاء بعد سنوات من الانتقال السياسي اتسمت بالتعثر والاضطرابات الاجتماعية المتكررة وفي ظل وضع اقتصادي صعب، وهذه هي الخطوة الرئيسية من أجندة سياسية كان عرضها الرئيس التونسي قيس سعيد منذ إعلانه التدابير الاستثنائية قبل عام.
ويمهّد الدستور الجديد، لتأسيس جمهورية جديدة بنظام رئاسي، قبل تنظيم انتخابات برلمانية مبكرة في 17 ديسمبر المقبل.

الأغلبية قالت «نعم»

 كانت هيئة الانتخابات في تونس أعلنت أن نسبة التصويت في الاستفتاء على الدستور الجديد بلغت 27%. وقالت إن عملية التصويت تمت بشكل سلس، ولم تشهد أي حوادث تذكر.
وكشف حسن الزرقوني، رئيس مؤسسة سيغما كونساي لاستطلاعات الرأي، النقاب عن أن 92.3 % من المشاركين في الاستفتاء بتونس صوتوا بـ»نعم» للدستور الجديد.
ودُعي نحو 9 ملايين و278 ألفا و541 ناخبا تونسيا، إلى الاقتراع على مشروع الدستور، من بينهم 348 ألفا و876 ناخباً مسجلاً بدوائر الخارج، و8 ملايين و929 ألفا و665 ناخبا داخل البلاد.
وقال نجيب البرهومي الناشط والمحلل السياسي، إن نسبة الإقبال مرتفعة مقارنة بالانتخابات التشريعية لسنة 2019 وتعتبر قياسية، مضيفا أنه رغم حرارة الطقس إلا أنها لم تعق التونسيين عن ممارسة واجبهم الانتخابي والتصويت على دستور ينهي حقبة التوترات.
وأضاف أن قيس سعيد يسعى من خلال هذا الدستور الجديد لتأسيس دولة ذات سيادة وإنهاء كل الثغرات التي كانت في دستور 2014 التي عملت على تنامي الإرهاب والفساد.

مواصلة الإصلاحات

 بعد نجاحه في حصد تأييد شعبي واسع على مشروع الدستور الجديد الذي سينقل البلاد نحو حكم رئاسي، سيمضي الرئيس التونسي قدماً في الإصلاحات السياسية، وهو ما تؤكّده تصريحاته التي كشف فيها عن خطوته القادمة.
فقد قال سعيّد، خلال زيارته لشارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة للاحتفال مع أنصاره بإقرار الدستور، إن «أول قرار بعد الاستفتاء على الدستور، سيكون وضع قانون انتخابي جديد يغير الشكل القديم للانتخابات التي لا يعبر فيها المنتخب عن إرادة الناخب»، وذلك استعداداً لإجراء الانتخابات البرلمانية نهاية العام الجاري.
ومن المرتقب أن يقوم الرئيس بتعديل القانون الانتخابي، وفقاً لنتائج الاستشارة الوطنية التي جرت بين شهري جانفي ومارس من العام الحالي. وأظهرت أن 70.7 % من التونسيين اختاروا نظام الاقتراع على الأفراد، بينما اختار 60.8 % منهم تعديل القانون الانتخابي، فيما أيّد 92.2 % فكرة سحب الوكالة من النواب في حال أخلوا بوعودهم.
يذكر أنّه سبق أن أعلن سعيّد أن التصويت بالانتخابات البرلمانية المقررة في ديسمبر المقبل «سيتم على مرحلتين»، وسيكون بالنظام الفردي وليس القوائم الحزبية، على عكس ما كان عليه الأمر في الانتخابات السابقة.