طباعة هذه الصفحة

مشروع قانون عُرض على الحكومة

تعزيز مكافحـــة جرائــم تمويـل الإرهاب وتهريب وتبييض الأمـوال

رضا ملاح

  أدوات وآليات جديدة لمجابهــة مخاطــر الجــرائم العابــرة للقــارات

  ميزاب: الجزائر لها تجربة رائدة.. وتعمل بمقاربة متكاملة الأبعاد

  رخيلة: الجزائر قدمت كــثيرا في مجـــــال مكافحــــة تمويـــل الإرهـاب

للجزائر تجربة رائدة ومكانة دولية في مكافحة جرائم منظمة عابرة للقارات، مثل ظاهرة الإرهاب وتمويله، ما يجعلها حريصة دوما على مواكبة التحديات والوقاية من مخاطر مماثلة، من خلال تكييف تشريعات وأدوات قانونية، مثلما هو حاصل في مشروع قانون جديد عُرض في آخر اجتماع الحكومة.

في إطار التطور السريع والمتعدد الأشكال لجرائم مكافحة تبييض رؤوس الأموال وتمويل الإرهاب وتمويل انتشار أسلحة الدمار الشامل، يندرج نص مشروع تمهيدي لقانون يعدل ويتمم القانون رقم 05 ــ 01 الـمؤرخ في 6 فيفري 2005.
المشروع التمهيدي الذي عرضه وزير العدل في آخر اجتماع للحكومة، يرتبط بأهداف وأبعاد عديدة، منها ما يتعلق بتوصيات مجموعة العمل الـمالي الدولي من حيث تكييف التشريعات والأدوات مع الـمعايير الدولية الجديدة.
في عرض المشروع، أشار وزير العدل إلى أن تعديل هذا القانون في إطار مواصلة تكييف تشريعنا الوطني مع الـمعايير الدولية الجديدة في مجال مكافحة تبييض رؤوس الأموال وتمويل الإرهاب وتمويل انتشار أسلحة الدمار الشامل، الـموصى بها من طرف مجموعة العمل الـمالي الدولية «GAFI»..
في هذا الشق، يلخص الخبير الأمني أحمد ميزاب، في تصريح لـ«الشعب» أبعاد المشروع في نقاط أساسية، تشمل وضع قوانين وآليات تتماشى مع تحديات متعلقة بتبييض رؤوس الأموال، وتمويل الجماعات الإرهابية، والتكيف مع تحديات عابرة للحدود لها أبعاد عديدة.
التعديل له علاقة، أيضا، بالتجربة الجزائرية الرائدة في هذا المجال. وهذه التجربة من بين الأسباب الموجبة لتكييف الأدوات والمواد القانونية بما يسمح بتعزيز مكافحة هذه الجرائم، بحسب المصدر.
ومثلما هو معلوم، تتبنى الجزائر، يقول ميزاب، مقاربة وقائية تجاه هذه الجرائم تسهم في الحد من مخاطرها: «مشروع التعديل يتعلق أيضا بجانب تعزيز المقاربة الجزائرية وتكييف الآليات القانونية، والوقاية من جرائم لها تأثيرات اقتصادية، اجتماعية وأمنية».
ووفق ميزاب، يقصد بالتكيف مع المعايير الدولية الجديدة، سياسات وأدوات مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب وانتشار أسلحة الدمار الشامل. مضيفا: «في إطار تقييم المخاطر المرتبطة بهذه الجرائم هنالك جزء متعلق بغسل الأموال والمصادرة وتحديد طبيعتها، وكيفية مصادرتها..إلخ».
يشير المتحدث كذلك، إلى تحديد وضبط المفاهيم، العقوبات المالية المستهدفة ذات الصلة بانتشار التسلح وتمويل الإرهاب: «نتكلم عن قوانين خاصة بمؤسسات مالية، العناية الواجبة تجاه العملاء والمحافظة على السجلات، المراسلات المصرفية وخدمات تحويل الأموال، الرقابة الداخلية للشركات والفروع في الخارج، الإبلاغ عن العمليات المشبوهة، صلاحيات ومسؤوليات السلطات المختصة».
إلى جانب المساعدة القانونية المتبادلة في تجميد الأموال والمصادرة وتبادل المجرمين، وكل هذا – يضيف- يدخل في إطار المعايير الدولية، لذلك يستهدف مشروع التعديل أيضا آليات تسمح بتعزيز التنسيق الدولي.
بالمقابل، يبرز ميزاب أنه لا يمكن إغفال تجربة الجزائر الناجحة في مكافحة الإرهاب. ومن بين مرتكزاتها التأكيد على ضرورة التنسيق والتعاون الدوليين، أي تبني نسق دولي لمحاربة الجرائم ووضع آليات خاصة في إطار تجريم دفع الفدية وتثبيت نجاعة المقاربة وبعد النظر.
انطلاقا من متطلبات عديدة، ومن طبيعة التحديات وتزايد المخاطر المرتبطة بالجرائم المذكورة، ترتكز مساعي الجزائر على وضع مقاربة متكاملة، سواء في بعدها القانوني، الأمني، السياسي، الاقتصادي والاجتماعي.
بالعودة إلى النصوص التشريعية، يعتبر تبييضاً للأموال في نص القانون رقم 05 - 01 الـمؤرخ في 6 فيفري 2005، الآتي:
1 - تحويل الممتلكات أو نقلها مع علم الفاعل بأنها عائدات إجرامية، بغرض إخفاء أو تمويه المصدر غير المشروع لتلك الممتلكات أو مساعدة أي شخص متورط في ارتكاب الجريمة الأصلية التي تحصلت منها هذه الممتلكات، على الإفلات من الآثار القانونية لأفعاله.
2 – إخفاء أو تمويه الطبيعة الحقيقية للممتلكات أو مصدرها أو مكانها أو كيفية التصرف فيها أو حركتها أو الحقوق المتعلقة بها مع علم الفاعل أنها عائدات إجرامية.
3 – اكتساب الممتلكات أو حيازتها أو استخدامها مع علم الشخص القائم بذلك وقت تلقيها أنها تشكل عائدات إجرامية.
4 - المشاركة في ارتكاب أي من الجرائم المقررة وفقا لهذه المادة أو التواطؤ أو التآمر على ارتكابها أو محاولة ارتكابها والمساعدة أو التحريض على ذلك وتسهيله وإسداء المشورة بشأنه.
وتعتبر جريمة تمويل للإرهاب، في مفهوم القانون ذاته (المادة 3)، كل فعل يقوم به كل شخص بأية وسيلة كانت، مباشرة أو غير مباشرة، وبشكل غير مشروع وبإرادة الفاعل، من خلال تقديم أو جمع الأموال بنية استخدامها كليا أو جزئيا، من أجل ارتكاب الجرائم الموصوفة بأفعال إرهابية أو تخريبية، المنصوص والمعاقب عليها بالمواد من 87 مكرر إلى 87 مكرر 10 من قانون العقوبات.
من خلال كل ما سبق ذكره، ينوه الخبير في القانون الدستوري، عامر رخيلة، في تصريح لـ«الشعب»، بالمقاربة الجزائرية التي تربط بين مسألة تبييض وتهريب الأموال بتمويل الإرهاب.
ويشرح رخيلة ذلك قائلا: «حسابات بنكية في عديد البنوك استعملت لتمويل الإرهاب، لذلك تربط الجزائر بين تهريب الأموال وتمويل الإرهاب. وللأسف، توجد حتى دول تمول الإرهاب».
ويواصل، موضحا، أن الجزائر تتبنى مقاربة لا توجد فيها استثناءات في محاربة الجرائم العابرة للقارات أو الحدود وما أكثرها اليوم: «هناك قوانين تخضع لمعادلات دولية تتحكم فيها قوى دولية».
المشروع التمهيدي يعدل ويتمم القانون رقم 05 ــ 01 المؤرخ سنة 2005، هو مشروع لتكييف النصوص التشريعية مع المعايير الدولية، يتماشى، وفق رخيلة، مع تجربة الجزائر التي استفادت منها كثير من الدول. يقول في هذه النقطة: «الجزائر قدمت كثيرا للمنظمات الدولية في مجال محاربة تمويل الإرهاب، سواء في صياغة نصوص أو رسم سياسيات».
تقييم المخاطر
في إطار الجولة الثانية من تقييم مجموعة العمل المالي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا GAFI-MOAN لأنظمة مكافحة مخاطر تبييض الأموال وتمويل الإرهاب وانتشار أسلحة الدمار الشامل، يذكر أنه صدر المرسوم التنفيذي رقم 20-398 (ديسمبر 2020)، يخص تنصيب لجنة وطنية لإجراء تقييم وطني لمخاطر الجرائم المذكورة.
وكلفت هذه اللجنة بإعداد الاستراتيجية الوطنية لمكافحة هذه الأشكال من الجرائم وعرضها لموافقة الوزير الأول، واعتماد قائمة السلطات الرقابية المختصة فيما يتعلق بالفئات المختلفة من الأشخاص الخاضعين لإعلان الشبهات وتعزيز الحوار بين هذه السلطات والخاضعين.
ولكي تحافظ الجزائر على مكانتها المعترف بها دوليا في مجال مكافحة هذه المخاطر، أكد الوزير على أنه «يتوجب على اللجنة الوطنية، بل على كل واحد منا أن يبذل قصارى جهده من اجل إنجاح هذه الخطوات الحاسمة حتى تستقبل بلادنا عملية التقييم سنة 2022 بكل ثقة ودون أن تتعرض لإدخالها في القائمة الرمادية لمجموعة العمل المالي».
ومن أهداف تنصيب اللجنة المحافظة على مكانة الجزائر المعترف بها دوليا في مكافحة هذه المخاطر، أكد وزير المالية لدى تنصيبها بأنه «يتوجب على اللجنة الوطنية، بل على كل واحد منا أن يبذل قصارى جهده من أجل إنجاح هذه الخطوات الحاسمة حتى تستقبل بلادنا عملية التقييم سنة 2022 بكل ثقة ودون أن تتعرض لإدخالها في القائمة الرمادية لمجموعة العمل المالي».