طباعة هذه الصفحة

الخبير الدولي في التنمية الاقتصادية .. الدكتور هادف لـ «الشعب»:

الاستثمار في خصوصية الإقليم المحلي لتحريك عجلة التنمية

فايزة بلعريبي

 ترجمة أهداف التنمية المستدامة إلى مخططات استراتيجية

 إعداد دليل يروج لجاذبية الإقليم وفرص الاستثمار به

 الاستثمار في الصناعات التحويلية والثقيلة لإنعاش المسار التنموي

 تشجيع المقاولاتية وإدماج المؤسسات الناشئة في التحول الاقتصادي

 تحيين مهام بنك التنمية المحلية لمرافقة المشاريع التنموية

تغير لون المؤشرات الاقتصادية من اللون الأحمر إلى لون التفاؤل، وتحولت الجزائر في غضون سنتين إلى ورشة اقتصادية بجميع ركائزها التنظيمية والتخطيطية والتنفيذية، وقد جعل رئيس الجمهورية من لقاء الحكومة - الولاة، محطة راسخة لتذكير الولاة والمنتخبين المحليين عموما، وكل ذي مسؤولية تتصل بخدمة المواطن وصون حقه في العيش الكريم.
اليوم وقد تكللت الباقة التنظيمية التي تحكم العلاقات الاقتصادية بين الدولة والمؤسسات والمستثمر، بحزمة من القوانين بدءا بمراجعة قانون البلدية وتجديد قانون الاستثمار، وصولا إلى النصوص التطبيقية المرافقة له، تكون الدولة الجزائرية قد أنجزت الكثير وبقي أمامها الكثير، ما يجعل الولاة أمام خيار كسب الرهان خاصة بعد رفع التجريم عن الفعل التسييري وتأمين مناخ الأعمال بنصوص قانونية محفزة.


 يرى الخبير الدولي في التنمية الاقتصادية، الدكتور عبد الرحمان هادف، أن التنمية المحلية تحتل مرتبة الصدارة في ترتيب  أولويات الحكومة من أجل تجسيد مشروع التحول الاقتصادي  لما يمكن أن يؤديه باعتباره محرك للدورة الاقتصادية على المستوى المحلي.
كما اعتبرها من الأولويات التي تسهر الدولة على تأمينها، تبرهن على ذلك سلسلة  اللقاءات بين الحكومة والولاة المتتالية، حيث كان الحديث عن التنمية المحلية والرقي بمناطق الظل إلى مستوى معيشي كريم، محورا رئيسيا خلال كل لقاء.
وأوضح الخبير في تصريحات لـ»الشعب» أن مقاربة التسيير المحلي قد تغيرت من مقاربة  إدارية  تقييمية إلى عملياتية، ستمنح للتنمية المحلية حركية تسمح للفاعلين على المستوى المحلي بالنشاط في ظروف أكثر استقلالية، خاصة بعد قرار رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون برفع التجريم عن أفعال التسيير، حيث غالبا ما يقع المسؤول ضحية الرسائل المجهولة.
إلى جانب التعديلات المزمع إدراجها في قانون البلدية الجديد، من المنتظر أن يطرح هذا الأخير للنقاش على مستوى المجلس الشعبي الوطني في الثالث من شهر أكتوبر المقبل، وما يحمله من ضمانات للمنتخبين المحليين، أهمها توسيع الصلاحيات وحرية المبادرة في إطلاق المشاريع الاستثمارية من خلال تجسيد لامركزية القرار، ليصبح دور المسؤول المحلي عملياتيا  أكثر منه إداريا، معتبرا إصلاح الأطر القانونية والتنظيمية مكسبا يعزز ركائز الحوكمة الرشيدة.
وأضاف هادف أن تحريك عجلة التنمية من خلال الجماعات المحلية، رهان يتطلب تحسينا في الأداء من الجانب التنظيمي، الإجرائي والعملياتي، كما شدد على ضرورة تحسين مناخ الأعمال على المستوى المحلي ومرافقة الاستثمار من خلال تثمين المقومات المحلية وصناعة الثروة، حسب الخصوصيات الفلاحية والسياحية والثراء من حيث الثروات المعدنية والمنجمية لكل منطقة واستحداث مناصب الشغل.
ويتوقع أن تكون المنطقة المحاذية لمنجم غار جبيلات بتندوف، مثلا، منطقة سياحية بامتياز، إذا ما تم استغلالها بعقلانية واستراتيجية مدروسة، تجعل محصلة هذه النشاطات إيجابية على الساكنة والإقليم المحلي، ليشمل الاقتصاد الوطني الذي سينتعش بعائدات النسيج الإقليمي الثري الذي تزخر به بلادنا.
وأشار المتحدث إلى ضرورة ترقية جاذبية الإقليم المحلي من خلال استراتيجية ممنهجة عصرية تعتمد على أدوات الذكاء الاقتصادي، بدءا بإعداد دليل جاذبية الولايات وإعداد مخططات اتصالية تروج للفرص الاستثمارية والمقومات الطبيعية والبشرية التي تتميز بها كل ولاية على حدة.
وقال إن المسؤول المحلي مطالب اليوم بتفعيل كل الأدوات والآليات، التي تسمح بإرساء تنافسية بين الولايات وتكامل محلي لتحقيق تنمية محلية مدمجة ومندمجة ذات تناسق وطني، وتفادي أخطاء الماضي التي شوهت المشهد التنموي في بلادنا، نظرا لعدم التوازن والعدل في توزيع الثروات.
المسار التنموي يتطلب تحسين مصادر التمويل ومرافقة من طرف المؤسسات المالية لمرافقة المشاريع التنموية حيث ستسمح هذه التمويلات ذات الخصوصية - حسب المتحدث -  ضرورة إعادة توجيه وتحيين مهام بنك التنمية المحلية، ليصبح أحد الآليات لتمويل المشاريع التنموية، وتحسين الجباية المحلية ما يتطلب الرفع من مردوديتها، وتمكين البلديات من الاستفادة من عائدات الجباية بصورة عادلة ومتوازنة، في ظل العدد المرتفع للبلديات الفقيرة الذي بلغ ألف بلدية، تنفيذا لتعليمات رئيس الجمهورية، ولا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال توسيع الوعاء الجبائي بإنشاء مؤسسات جديدة وتوسيع نشاط المؤسسات الاقتصادية المتواجدة من قبل إضافة إلى تجنيد أكثر فعالية لمديريات الضرائب على مستوى الولايات.
وأبرز المتحدث أن التوجه الجديد للجزائر يتمثل في تشجيع اقتصاد المعرفة واللجوء إلى الحلول التكنولوجية والابتكارية، خاصة وقد أبلى شبابنا البلاء الحسن في هذا المجال، حيث تجسد ذكاء الشاب الجزائري وقدرته على الابتكار في إنجازات وأفكار ابتكاريه ترقى إلى العالمية. كما دعا إلى تشجيع روح المقاولاتية لدى أصحاب المشاريع المبتكرة ومرافقة المؤسسات الناشئة، كقيمة مضافة تساهم في الرفع من قيمة الناتج الخام المحلي من خلال وضع أطر قانونية من أجل المساهمة بنجاعة في هذه النقلة التنموية التي تشهدها بلادنا.
إن الخوض في مسار تنموي ـ يتابع الخبير ـ  يستدعي بالدرجة الأولى إعداد مخططات استراتيجية للتنمية المحلية وفق منهجية استراتيجية بحتة، بعد أن كان الاعتماد على مقاربة تخضع للميزانية المخصصة مع العمل على تغيير نمط التسيير الاقتصادي على المستوى المحلي  إلى نمط عصري، بحوكمة عصرية مستدامة من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة وترجمتها إلى مخططات تسمح بتجسيد مشاريع من شأنها تحقيق الأمن الغذائي، المائي والطاقوي، كخطوط حمراء للاقتصاد الوطني، تعمل الدولة على تأمينها.