طباعة هذه الصفحة

القــدس عــروس عروبتنـا

قلـــم: جـــلال نشـوان

 فى كل زاوية من زوايا القدس حكاية صمود، وشموخ واعتزاز، فمهما كانت الدروب مظلمة، ستظل القدس بشوارعها تنطق بالحق، هي عاصمتنا الأبدية، هي هويتنا، هي رمزنا، ووجودنا، هي سنابل القمح التي تطل علينا لتضيف لنا العزّة والكرامة والإباء، القدس بأصالتها الضاربة فى أعماق التاريخ وجمالها الآخاذ وإبداعها الذي يفوق الوصف تنطق ولسان حالها يقول: هنا صامدون، ومنغرسون كأشحار الزيتون،  واجبنا تجاه القدس كثير جدا في هذه المرحلة الصعبة من تاريخ قضيتنا، وما تتعرض له من هجمة صهيونية وأمريكية شرسة، وكذلك من المحاولات المستميتة لتهويدها، عملية تهويد القدس مستمرة وتجرى على قدم وساق بعيداً عن الأضواء، ومن دون أن تكون هذه القضية سبباً لزعزعة العلاقات الصهيونية الأمريكية. وبحسب مصادر موثوقة، يجرى الآن بناء أحياء يهودية جديدة والتخطيط لأخرى في الشطر الشرقي لمدينة القدس مثل أحياء صهيونية ( هار حوما، وغفعات همطوس، وعطروت ورمات شلومو. وبموازاة ذلك، تكثف جمعيات المستوطنين جهودها لتهويد حي سلوان وحي الشيخ جراح وجبل المكبر وراس العامود. وفي هذه الأحياء وأحياء فلسطينية أخرى، يواصل الفلسطينيون مواجهة سياسات تخطيط وبناء مستحيلة، ويرى خبراء أن هذا الأمر يحدد ويبلور معالم صهيونية برمتها، تهدف إلى فرض الوقائع على الأرض.
أيها السادة الأفاضل:
 في كل يوم منذ عشرات السنين، يستيقظ عشرات آلاف المقدسيين من أبناء شعبنا، على واقع خطر، هدم بيوتهم أو طردهم منها. خطر يهدّد حياتهم، ما يدفع شعبنا بالدفاع عن المدينة المقدسة، بكل الوسائل ضد المحتل الغاصب الذي يسعى إلى إقامة الأحياء اليهودية لتهويد المدينة وإفراغها من أهلها المقدسيين، لقد دأبت الحكومات الصهيونية المتعاقبة على استكمال مخطاطاتها الاستيطانية، ومصادرة الأراضي والممتلكات، والإخلال بالميزان الديموغرافي، حيث أصبح عدد المستوطنين في القدس يساوي تقريباً عدد المستوطنين في الضفة الغربية، من خلال تشكيل بيئة طاردة لتهجير الفلسطينيين المقدسيين وسحب بطاقات «الهوية الزرقاء منهم. يأتي ذلك ضمن تنفيذ توصية اللجنة الوزارية الصهيونية لشؤون القدس العام 1973، التي تقضي بأن لا يتجاوز عدد السكان الفلسطينيين في القدس 22% من المجموع العام. يضاف إلى ذلك إصدار العديد من القوانين والقرارات مثل «قانون التنظيم والتخطيط وما يترتب عليه من إجراءات قانونية وإدارية تجعل الترخيص والبناء أمراً معقداً، إن لم يكن مستحيلاً، بهدف تضييق الخناق على السكان الفلسطينيين في مدينة القدس، ودفعهم إلى الخروج من المدينة، والعمل على السيطرة على قطاع التعليم، وكي الوعي المقدسي، من خلال فرض المناهج الإسرائيلية في المدارس الفلسطينية، واستبدال أسماء المعالم الفلسطينية بأسماء عبرية، وتسريع وتيرة الحفريات حول المسجد الأقصى وأسفله.
واليوم، وبعد مُضي سبعة عقود على احتلال القدس، والانحياز الدولي المتجلّي في موقف الولايات المتحدة الأمريكية لصالح دولة الإحتلال بشأن القدس، من خلال نقل السفارة الأمريكية إلى القدس باعتبارها «عاصمة لدولة الاحتلال، مما زاد الوضع سوءاً في ظل الأوضاع الفلسطينية الداخلية المضطربة، وانشغال الدول العربية بمشاكلها وأزماتها الداخلية، وغياب استراتيجية وطنية واضحة وموّحدة لتعزيز سُبل وآليات مقاومة عمليات التهويد في مدينة القدس. ستظل هذه المدينة المقدسة مثل الشجرة الشامخة التي تتحدى جميع العواصف والأنواء، وستنير دائما عتمة الطريق.
يا قدس:
 بكيت حتى انتهت الدموع
صلّيت حتى ذابت الشموع،
ركعت حتى ملّني الركوع.
 سألت عن محمد فيكِ وعن يسوع
يا قدس، يا مدينة تفوح أنبياء
 يا أقصر الدروب بين الأرض والسماء.
يا قدس يا جميلة تلتف السواد
من يقرع الأجراس في كنيسة القيامة صبيحة الآحاد.
 من يحمل الألعاب للأولاد في ليلة الميلاد،
 يا قدس يا مدينة الأحزان،
 يا دمعة كبيرة تجولُ في الأجفان.
من يوقف العدوان؟
يا لؤلؤة الأديان
 من يغسل الدماء عن حجارة الجدران.
 من ينقذ الإنسان.
يا قدس يا مدينتي،
 يا قدس يا حبيبتي،
غدًا، غدًا سيزهر الليمون،
وتفرح السنابل الخضراء والزيتون
 وتضحك العيون.
وترجع الحمائم المهاجرة إلى السقوف الطاهرة، ويرجع الأطفال يلعبون ويلتقي الآباء والبنون على رُباك الزاهرة.
 يا بلدي، يا بلد السلام والزيتون.
يا قدس، يا عروس عروبتنا