طباعة هذه الصفحة

صدر باللّغتين العربية والفرنسية للدكتور هشام مصباح

«الثّورة الجزائرية وإنسانية الإنسان اعترافات فانون وسارتـر»..حقائق مسكـوت عنهــا

أمينة جابالله

 نظرا للرّواج الذي عرفه كتاب الثورة الجزائرية وإنسانية الإنسان، اعترافات «فانون» و»سارتر»  للدكتور هشام مصباح في نسخته العربية الصادر عن كل من دار «الأمير للنشر والتوزيع والترجمة»  ودار «الإخلاص والصواب للطباعة والنشر والتوزيع»، ها هو يطل على القراء من باحثين وأساتذة وطلبة التاريخ بنسخته المترجمة إلى اللغة الفرنسية، حيث راعت دار الأمير المشرفة على عملية الترجمة أن تحمل الطبعة الثانية نفس عدد صفحات النسخة الأصلية دون زيادة أو نقصان.

 أصبح الآن الكتاب المندرج ضمن الكتب التاريخية الأكاديمية، الموسوم بالثورة الجزائرية وإنسانية الإنسان (اعترافات «فانون» و»سارتر») متوفر باللغتين العربية والفرنسية، لصاحبه الدكتور هشام مصباح، حيث من المنتظر أن يكون مرجعا تاريخيا للمهتمين والمختصين بالوثائق والشهادات الحية، لاسيما الاعترافات التاريخية الهامة ذات الدلالة على عِظم وقوة وصدق الثورة التحريرية الجزائرية المباركة، ويعد المؤلف بمثابة تسليط الضوء على جملة من المسائل المسكوت عنها في كتابات بعض المؤرخين.
بكل دقة وتمحيص تمّت ترجمة الإصدار الذي من شأنه أن يتيح للقراء فرصة التعرف على حيثيات دقيقة جاءت على شكل اعترافات حية، لكل من الطبيب والفيلسوف الاجتماعي فرانز فانون المعروف بنضاله من أجل الحرية وضد التمييز والعنصرية، والذي خدم خلال الحرب العالمية الثانية في ما عرف بجيش فرنسا الحرة وحارب ضد النازيين، والفرنسي جان بول شارل ايمارد سارتر ‏الفيلسوف والروائي والكاتب المسرحي والناقد الأدبي المعروف بنشاطه السياسي الذي بدأ حياته العملية أستاذاً، لينتقل بعدها لدراسة الفلسفة إلى ألمانيا خلال الحرب العالمية الثانية، إذ أنه حين احتلت ألمانيا النازية فرنسا، قرر الانخراط في صفوف المقاومة الفرنسية السرية.

قنبلة تاريخية حديثة عن تاريخ الثّورة الجزائرية وإنسانية الإنسان

 أشارت الأستاذة ف / ت المشرفة على القراءة في دار الأمير للنشر والتوزيع، إلى الإصدار في الصفحة الرسمية للدار، حيث قالت: «بأحرف ذهبية يفجّر الكاتب هشام مصباح قنبلة تاريخية حديثة عن تاريخ الثورة الجزائرية وإنسانية الإنسان، وبأسلوب أدبي تاريخي رصين، يعيد من خلاله صياغة التاريخ الثوري الإنساني لأقلام دموية معمرية على أرض طيبة، إذ بين مقدمة وخاتمة يقسم د - هشام كتابه «الثورة الجزائرية» إلى أربعة بنود عريضة كل بند يعلو مجموعة عناوين بالبند الرقيق، يضيف فيها حروفه إلى حروف «فرانز» و»سارتر» مشكّلا من خلالها إلياذة ثورية إنسانية جزائرية. أساسها كلمات نابعة من مشاعر إنسانية نبيلة حبلى بالمفاهيم العميقة، تجاه قضايا الإنسان الحاسمة والمصيرية المعبرة عن واقع شعب مقهور ومضطهد يواجه القتل والبطش بين جدران أرضه، محكوم عليه بسياسة تغتصب حلمه بالاستقلال والكرامة الإنسانية، يفرضها مستعمِر على مستعمَر يرفض الركوع  والانبطاح، يضحّي بالنفس والنفيس  بمجرد التخمين في طمس هويته وانتمائه، مستعمَر متماسك ومتراص صلب يأبى الانكسار، جنّد كل ما هو قابل للتجنيد حتى نساءه شامخات متصديات واقفات جنبا لجنب ثوار عقدوا العزم أن يمحوا العار الفرنسي».
وكما سبق وجاء في تصريح الدكتور هشام مصباح لـ «الشعب» بعد الإصدار الناطق بالعربية حول مضمون العمل، قال الكتاب «يتجلى فيه موقف الطبيب النفساني الفرنسي فرانز فانون، والدور الفعال الذي قام به في الثورة الجزائرية، من خلال انضمامه إلى العمل الثوري ومشاركته فيها، فقضايا العدالة والتحرر لا جنسية ولا وطن لها إلا الإنسان باعتباره القيمة الوحيدة الكبرى التي لا قيمة بعدها، هذا ما خَلّده في مؤلفاته الكبرى التي فضحت الأساليب الإجرامية الفرنسية منذ وجودها في أرض الجزائر، وهو ما تشهد عليه كتب «معذّبو الأرض»، «العام الخامس للثورة الجزائرية» و»أقنعة بيضاء وبشرة سوداء»، وغيرها من المؤلفات التي تدخل في هذا الجانب، إضافة إلى موقف الفيلسوف الفرنسي جون بول سارتر فيلسوف الوجودية الأكثر شهرة في العالم، هذا الفيلسوف الذي رفع شعار الحرية والدفاع عن وجود الإنسان وحقه في الحياة بحرية واستقلالية، ليعبر بذلك عن موقفه الإنساني الخالد تجاه قضايا الإنسان الباحث عن أرضه وشرفه، هذه الأرض التي سلبتْ منه عنوةً بالقوة، هذا ما نجده في مؤلفه «عارنا في الجزائر».
للإشارة، هشام مصباح دكتور تخصص فلسفة العلوم والقيم في الفكر الغربي المعاصر جامعة عبد الحميد مهري قسنطينة، له عدة مؤلفات مثل: كتاب «مفهوم الانسان عند اريك فروم»، «كورونا وسؤال الأخلاق»، «الثورة الجزائرية وانسانية الانسان»، وله إسهامات في عدة كتب جماعية ومقالات علمية المشار إليها في كتاب جامع بعنوان: «الفن رسالة للحوار والتسامح»، وهذا على غرار مشاركته في كل من «التعليم عن بعد في الجامعات الجزائرية»، «أسئلة التجديد في قضايا التربية والتكوين»، «الهجرة الدولية والديناميات السوسيولوجية»، «إدارة الإعلام للأزمات الصحية»، «خريطة التكيف الثقافي للمجتمع العربي بين الأصالة والمعاصرة»، «انعكاسات التطور التكنولوجي على حق الإنسان في السلامة الجسدية»، «التعاقد في الفضاء الرقمي» الصادر عن المركز الديمقراطي العربي برلين، إلى جانب «الفلسفة والعلم»، «رؤية جديدة بعد الجائحة»، مقال بعنوان «جائحة كورونا والوضع الانساني الراهن» في مجلة تدفقات فلسفية مقال بعنوان «مبدا المسؤولية».
اقتباسات من الكتاب
- إنّ الانتصار الذي حققه الشعب الجزائري، وهو انتصار للبشرية جمعاء إذ اهتزت القلوب والعقول في كل مكان، لما كان يقع على أرض الجزائر من صراع بين قوتين: الأولى كانت قوة شر ودمار لا وجود للمفاهيم والقيم الإنسانية مكان في قاموسها، والثانية قوة تسعى إلى الخير وبناء الحق من خلال مطالبتها بحريتها واستقلالها..

-  لقد حان وقت الحرية الحقة وموعد الانتصار بدأ في الاقتراب «أيّها السكان الأصليون في جميع البلاد المتخلفة اتّحدوا»...

-  إنّ الكلمات قد تغيب فلا نجدها ملائمة لما نشعر به ويختلج وجداننا ويجوب في أعماق ذواتنا الباطنية، ونحن نخط هذه الكلمات التي هي جزء منا ومن وجودنا وهويتنا وتاريخنا وحريتنا وذاكرتنا الجماعية، إنّها انطولوجيا الثورة الجزائرية التي تسري في عروقنا كالدماء التي لا تعرف التوقف والانقطاع إلا في لحظات الفراق ومغادرة الحياة، فعلى كل جيل معرفة ثورته وكل ما يتعلق بها، لا يمكن تصور جيل من دون تاريخه، فمن دون شك لن يكون له أي وجود معترف به، حكايتنا ستمر مع أقلام الرجال، فكلما كتبوا للماضي والحاضر سيكتبون للمستقبل، فنحن نعيش الحاضر من أجل غد أفضل، غد كتب بالأمس القريب بلغة الدم والنار، وعلى الأجيال القادمة المحافظة على أمانة الشهداء الثقيلة، أمانة الرجال.