طباعة هذه الصفحة

يجمع بين الفن والكتابة الصحفية

أمين غوتالي.. فنان تأسره مهنة المتاعب..

حبيبة غريب

المعروف عن الإعلاميين شغفهم الكبير بتقصي الخبر ونقله للقارئ أو المشاهد، وتأثير مواضيعهم على الرأي العام. فغالبا ما يراهم الآخرون مجرد صناع أخبار وأهل مهنة المتاعب الذين لا يعيشون الحياة إلا بمتابعة أخبار الآخرين.. ويجهل كثيرون أن في قلب كل إعلامي، يسكن شاعر أو فنان أو رسام أو مصور..
أمين غوتالي إعلامي بيومية «اوريزون» الوطنية، واحد من هؤلاء الذين يجمعون بين الكتابة الصحفية والإبداع، فهو معروف في الوسط الإعلامي بتخصصه في الشؤون الدولية والثقافية وبشغفه بالتصوير الفوتوغرافي، وعزفه على عدة آلات موسيقية وولعه بالموسيقى الشعبية والقناوي وغيرها من الطبوع الوطنية الأصيلة، وكذا بصياغة الأمثال والحكم بطريقته الخاصة الساخرة المستمدة من نظرته إلى أحوال المجتمع، وأيضا بعشقه الكبير للصحراء وروعة مناظرها والبحر وأحجاره التي جعل منها لوحات فنية متميزة المحتوى.
بين الاعلامي والفنان أمين غوتالي والبحر حكايات طويلة حسب ما كشفه لـ»الشعب»، فهو يعشق الجلوس إليه أو التسكع على شواطئه، خاصة ساعات المغيب، يتأمل في أحوال الدنيا على وقع أمواجه، إلى أن راودته يوما فكرة جمع الأحجار المتناثرة هنا وهناك على الشاطئ وتوظيفها في لوحات معبرة تحملها نظرته الشخصية للعديد من الأحداث والمواضيع .
بدأت القصة يقول أمين «خلال فترة تفشي فيروس كوفيدـ19و فرض الحظر الصحي، حيث قرر توظيف أوقات فراغه في هواية فنية تساعده على تحمل الوقت الذي يقضيه في البيت، فبدأ في جمع الحجارة التي لها ألوان وأحجام خاصة ليصنع منها شخصيات ومواضيع لوحاته المميزة».
وحين اكتشفت الفنان النحات السوري نزار علي بدر - يضيف غوتالي - شدتني أعماله، فحاولت السير على خطأه وأحببت تركيب الحجارة في لوحات.»
ومن حجر إلى آخر، بدأ الإعلامي في صقل موهبته الخاصة، والتميز بأسلوبه الشخصي حتى استطاع أن يكسب جمهوره ويضع بصمته الخاصة.
ومن بين الشخصيات الأولى التي اختارها أمين غوتالي، والتي لفتت كثيرا أنظار واهتمام متتبعي موهبته، شخصية الجوهر السيدة الحجرية المستوحاة وفق ما قاله من فيلم «ميدالية لحسان» (إنتاج 1986 والمقتبس من مسرحية البوابون) للمخرج الحاج رحيم، حيث أدت السيدة الممثلة الراحلة وردية، دور الجوهر.
ومثل الراحلة وردية، كان للجوهر حضور متميز في جل اللوحات الأولى التي أطل بها الاعلامي - الفنان في صفحته على الفايسبوك، والتي كانت مصحوبة بتعليقات على شكل فقاعات تحمل ما قل ودل من الكلمات والمعاني والحكم الساخرة باللهجة العاصمية.
وساهمت تشجيعات الجمهور الفايسبوكي الذي استلطف كثيرا أعمال أمين الفنية، وتفاعل مع شخصياته، وخاصة جوهر القوية، الأنيقة، ودلالاها وخرجاتها الساخرة، في عزمه على تنظيم معرض فني وتقديم لوحاته في الواقع، ليكون معرض «الحجارة الكريمة» والثلاثين لوحة من الحصى المركبة بدقة ورونق وإبداع وبحس فني متميز، والتي تحدث من خلالها أمين غوتالي عن الموسيقى والحب والبحر والثورة التحريرية والتراث والأمجاد والشخصيات الوطنية والفن والأدب.
المعرض - كما ذكر غوتالي – أقيم في ديسمبر 2021 بقسم العلوم الإنسانية بالمركز الثقافي الجامعي بالعاصمة، هو باكورة سنة كاملة من الجمع والتشكيل والتصوير واختيار المواضيع».
ومن بين المواضيع التي قدمها الفنان آنذاك لوحة «الأمجاد»، «العذاب»، «عبد القادر»، «المؤسسون» و»الشيخ بوعمامة أو ملحمة قائد مقاوم»، والتي تحاكي المقاومة الشعبية، إضافة إلى لوحة « تراث» التي ركّز فيها على حكاية حيزية، كما قدم لوحة «الحاج العنقى وجوقه» و»عندما يكون لدينا الحب فقط» و»دعنا نغني تحت المطر» و»التلميذ والدرس» و»كاتب ياسين» في محاكاة للموسيقى والفن والأدب الجزائري والعالمي.
ويواصل أمين اليوم إنجاز أعماله الفنية، حيث بدأ مند فترة في المزج بين تركيباته الحجرية وصوره الفتوغرافية الجميلة، التي غالبا ما يشتغل عليها بلمسة المهني المحترف، في انتظار تجسيد معارض فنية أخرى تحاكي الجزائر والصحراء الكبرى والتاريخ والتراث..
وتتضمن مشاريع غوتالي المستقبلية «إصدارات للصور الفنية ونصوص أخرى، وهي المشاريع الكبرى التي يؤجل الخوض فيها إلى أن يتوفر له الوقت اللازم، هذا الذي لا توفره له حاليا للأسف مهنة المتاعب».