طباعة هذه الصفحة

توقعات واعدة لأدائها في السنوات الثلاث المقبلة

الصناعة والفلاحة والأشغال العمومية.. قاطرة الإنتاج خارج المحروقات

حمزة.م

يرتقب أن تقود قطاعات الصناعة، الفلاحة والأشغال العمومية، قاطرة التحول الاقتصادي للبلاد خلال السنوات الثلاث المقبلة. إذ ستمثل الجزء الأكبر من نسبة نمو الناتج الداخلي إلى جانب المحروقات، وذلك بالتوازي مع استمرار ترشيد الواردات والدفع بالمنتجات الجزائرية نحو الأسواق الخارجية.

بدأت أولى مؤشرات الخروج من التبعية المطلقة للمحروقات، في الظهور تدريجيا، حتى وإن كان الأمر لا يتعلق كمرحلة أولية، بالمساهمة في رفع عائدات التجارة الخارجية. وبات واضحا أن القطاعات الأساسية للإنتاج أظهرت استجابة لافتة لعلميات الإصلاح الاقتصادي.
وفي السياق، تشير توقعات إغلاق سنة 2022، أن الناتج الداخلي الخام سيبلغ 3.7 بالمائة، أي ضعف توقعات صندوق النقد الدولي التي أنجزها منتصف العام الجاري. وإذا كان هذا التعافي السريع مدفوع بتحسن ارتفاع أسعار النفط في الأسواق الدولية، فإن مساهمة قطاعات النشاط الأخرى صارت لافتة.
ويكشف التقرير الخاص بمشروع قانون المالية 2023، مساهمة الصناعة في الناتج الداخلي سترتفع بنهاية ديسمبر المقبل بـ 8.4 بالمائة، تليها الفلاحة بـ 6.5 بالمائة ثم البناء والأشغال العمومية بـ 4.9 بالمائة، فيما ستقدر مساهمة الخدمات السوقية بزائد 4.0 بالمائة.
وتبرز الوثيقة، أن مستويات النمو هاته جاءت نتيجة «مختلف القرارات السياسية التي اتخذتها الدولة عامي 2021 و2022 على التوالي، في إطار الإصلاحات الهيكلية المسطرة والتي تهدف بشكل خاص إلى دعم وإنعاش الاقتصاد والتحكم في التجارة الخارجية».
هذه النتائج الإيجابية، مشفوعة بتدابير فعالة أقرتها الحكومة لترشيد الواردات، أو بعبارة أخرى «إنهاء فوضى الاستيراد، وآفة تضخيم الفواتير»، حيث أكد الوزير الأول، أيمن بن عبد الرحمان قبل أيام، إجراء تطهير شامل لقائمة المستوردين، لينكمش عددهم إلى 13 ألف مستورد بعدما كان 43 ألف مستورد.
بن عبد الرحمان، قال في ختام مناقشة بيان السياسة العامة، إن: «2022 ستكون سنة التعافي الاقتصادي، على أن تكون 2023 سنة الإقلاع».
وتضع الحكومة تحريك آلة الإنتاج، عبر بعث الفعل الاستثماري، وإطلاق المشاريع الهيكلة العملاقة وزيادة الاستثمار العمومي الاستراتيجي، كقواعد أساسية لتغيير نموذج الاقتصاد الجزائري، كليا، بعد 6 عقود من الاعتماد المطلق على المحروقات.
وعقب استكمال مراجعة المنظومة التشريعية المؤطرة للاقتصاد الكلي، من خلال مراجعة قانون النقد والصرف في الأسابيع المقبلة، يتوقع ارتفاع مساهمة قطاعات الإنتاج من غير المحروقات في الناتج الداخلي الخام في السنوات الثلاثة المقبلة.
وتضع وثيقة وزارة المالية نسبة نمو بـ4.1 بالمائة في عام 2023، و4.4 بالمائة عام 2024 و4.6 في عام 2025، وتترجم نسب النمو المتصاعد هذه، من خلال التحسن المتزامن في قطاعات الصناعة بنسب 8.5 و9.6 و9.3 بالمائة (في السنوات الثلاث). والزراعة بنسبة 6.9 و5.5 و5.7 بالمائة.
بينما يسجل قطاع البناء والأشغال العمومية نموا بـ 5.6 و3.9 و5.4 بالمائة تواليا، أما الخدمات السوقية وغير السوقية فتتراوح نسب مساهماتها في النتاج الداخلي الخام بين 5 و7 بالمائة.
توقعات وزارة المالية، لأداء القطاعات المنتجة، مبنية على النتائج الميدانية التي يفترض أن تترجم الخطط الحكومية لتنفيذ توجه رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، في بناء اقتصاد منتج، يلبي الاحتياجات الوطنية وتوجيه الفائض نحو الاستيراد.
وسمح التوجه الجديد، برفع العراقيل عن 915 مصنعا واستحداث أزيد من 50.000 وظيفة، إلى جانب إطلاق مشاريع هيكلية كبرى في قطاع المناجم، فيما أسديت أوامر صارمة بتوسيع المساحات المسقية لرفع الإنتاج الوطني للحبوب السنة المقبلة بنسبة 60 أو70 بالمائة.
وفي حالة نجاح خطة وزارة الصناعة في إنعاش الاستثمار بشقيه الوطني والأجنبي، بناء على بنود القانون الجديد، يمكن رؤية خيوط بارزة لشبكة صناعة حقيقية السنة المقبلة.
وأخذت قراءات خبراء المالية، الظروف الدولية وعلى رأسها الأزمة الروسية الأوكرانية بعين الاعتبار، ما يعني أن النتائج قد تكون أفضل من التوقعات في حال ملائمة أفضل لهذه الظروف (انكسار الركود الاقتصادي العالمي) لمتطلبات الاقتصاد الوطني.