طباعة هذه الصفحة

لمواجهة شح أسواق الغذاء وغلاء أسعارها

القمة العربية في مواجهة تحديات أمنية وغذائية

فضيلة بودريش

 ينتظر أن تحتل التحديات الأمنية والغذائية، حيزا مستفيضا من أشغال القمة العربية الحادي والثلاثين، لمواجهة شح أسواق الغذاء وغلاء أسعارها، وبالمقابل التقليل من المخاطر الإرهابية، على خلفية أن تمددها يهدد الجميع، في ظل تطور الجريمة المنظمة العابرة للقارات، كما أن التنسيق العربي- العربي يعد ركيزة إستراتجية لبناء أسس تعاون متين ثابت ومستمر مع مرور الوقت.

تنعقد القمة العربية بالجزائر للمرة الرابعة بعد قمم عام 1973 و1980 و2005، لتواصل الجزائر إلى جانب أشقائها العرب، بذل جهود إعادة تقوية وتحديث آليات الشراكة وتهيئة الظروف الممكنة والمتاحة لتفعيل العمل العربي المشترك، لمواكبة التغيرات الكبيرة والجذرية التي يشهدها العالم على مختلف الأصعدة سواء سياسيا أو اقتصاديا وأمنيا وحتى ثقافيا.
تشير الأرقام الدقيقة أن الوطن العربي يستورد ما يناهز 100مليار دولار سنويا من الغذاء، لذا تعتبر الدول العربية من أكبر مستوردي الغذاء بالعالم، ومن الطبيعي أنها تعاني من ارتفاع فاتورة استيراد الغذاء بالعملة الصعبة، وبالتالي تتأثر بتغير الأسعار في الأسواق الدولية.
كما لا يخفى أن الحرب الروسية الأوكرانية، كشفت أن غذاء الشعوب العربية موجود خارج نطاق هذه الدول، مما هدد تموينها بكل ما تحتاجه من سلة غذاء وكذا أسمدة، على اعتبار أن عدد كبير من هذه الدول تستورد الكثير مما تستهلك سواء من روسيا أو أوكرانيا، وجاءت تجربة صعبة استلهمت منها الدول العربية الكثير، ولعل اجتماع القادة في هذه القمة، من شأنه أن يفضي إلى توصيات تحد من مخاطر التذبذب في التموين بالغذاء، ولعل تداعيات الأزمة الأوكرانية التي جاءت مفاجئة وعاصفة ومؤثرة على الأمن الغذائي كما الطاقة، هذا ما يرشح وبقوة التحضير لمشاريع تثبط المخاوف وترسي أمنا غذائيا عربيا، وكل هذا يمكن تحقيقه على أرض الواقع، بالنظر إلى قدرة الدول العربية على تفعيل العمل البيني المشترك، على غرار ما تقوم به التكتلات الإقليمية في العالم، نذكر من بينها الاتحاد الأوروبي والإتحاد الإفريقي.
في خضم أزمة الأسعار والتموين العالمي جاء إلحاح من عدة دول عربية لطرح حتمية التوصل إلى حلول أهمية ملف الأمن الغذائي العربي، مع استمرار تسجيل آثار انعكاسات الأزمة الروسية الأوكرانية وتأثيرها على فاتورة استيراد الدول العربية، وهذا ما يدفع دون شك المشاركين بالقمة على التعجيل بتقييم وضعية الأمن الغذائي العربي، من أجل طرح مقترحات جديدة ودقيقة وقابلة للتجسيد مباشرة بعد القمة.
خلاصة القول إن الأمن الغذائي بالوطن العربي، سيكون في صدارة الملفات المحورية المطروحة وتحظى بالتشريح المستفيض بالقمة، كونها قضية مصيرية، لذا هناك من يتوقع أن تسفر القمة العربية بالجزائر عن صياغة إستراتيجية عربية للأمن الغذائي، في وقت تتطلع فيه أغلبية الدول إلى بذل الجهود لتحقيق الاكتفاء الذاتي، وهناك من الخبراء من توقعوا أن تصل القمة إلى قرارات غير مسبوقة، بل هناك من يعتقد أنها ستكون قمة للمّ الشمل وكذلك قمة للأمن الغذائي.
يذكر أن البلدان العربية تواجه تحديات لا يستهان بها من بينها أزمة الموارد المائية وتناقص الموارد الطبيعية ويقابلها الزيادة في الكثافة السكانية وتحديات أمنية وبؤر توتر وتغير المناخ.
وفي الشق الأمني يرتقب دون شك، تسجيل المزيد من تضافر الجهود لمواجهة التنظيمات الإرهابية والإجرامية التي تختفي وتعود، ويحظى هذا الملف بتوافق تام بين الدول العربية، وينتظر أن تكلل الجهود بالمزيد من تعميق التعاون والتنسيق الدقيق على أعلى المستويات، ومما يسمح بتبادل التجارب بين الدول، يضاف إلى ذلك التبادل الثنائي المشترك بين الدول العربية التي تتقاسم الحدود.