طباعة هذه الصفحة

رئيـس الفدرالية الوطنية لمستوردي اللّحوم الحمـراء لـ «الشعـب»:

توفير 30 ألف طن من اللّحوم تحسّبــا لشهـر رمضان

خالدة بن تركي

 مخزونــات استراتيجيــة لاستقرار الأسعــار ومواجهة الطّلب المتزايـد 

الخبــير بوشيخـي: إجـراءات لتحقيـق الاكتفـاء الذّاتي وتعزيز الأمن الغذائي

خيارات متنوعة تتيح شراء اللحوم بأسعار تتراوح بين 800 و1200 دينار

 أكّدت السّلطات في إطار استعداداتها لشهر رمضان المبارك، الذي يشهد زيادة في استهلاك اللحوم، على اتخاذ كافة التدابير اللازمة لضمان توفير هذه المادة في الأسواق المحلية، خاصة وأنّ التوقعات تشير إلى أنّ احتياجات الجزائر من اللحوم خلال الشهر الكريم تتراوح بين 25 ألف و30 ألف طن، وهو ما تعمل الدولة على تأمينه في الأسواق من خلال التنسيق المشترك بين وزارتي التجارة والفلاحة.
 أوضح رئيس الفدرالية الوطنية لمستوردي اللحوم الحمراء، بحبو سفيان، في تصريح لـ «الشعب»، أنّ هذه الإجراءات تهدف إلى ضمان تزويد السوق المحلي بكميات كافية من اللحوم الحمراء لتلبية الطلب المتزايد خلال شهر رمضان، وأكّد على أهمية مراعاة الجودة العالية للمنتجات والأسعار المعقولة التي تناسب القدرة الشرائية للمستهلك، مشيرا إلى أنّ التنسيق بين مختلف الجهات المعنية يساهم في الحفاظ على استقرار السوق، وتجنب أي اختلال بين العرض والطلب.

ضمـان الوفـرة

 أضاف المتحدّث أنّ وزارة التجارة تعمل على اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لضمان وفرة اللحوم في السوق المحلي، مشيرا إلى أن الحكومة أخذت بعين الاعتبار متطلبات السوق المحلية خلال شهر رمضان، الذي يكثر فيه الطلب على هذه المادة، مؤكدا أنّ الوزارة قامت بتفعيل جميع التدابير الضرورية لتلبية احتياجات المواطنين، وبالتنسيق مع الجهات المعنية لضمان استقرار السوق وتوفير كميات كافية تغطي الطلب الوطني.
وقال في ذات السياق، إنّه تمّ تحديد الكميات المطلوبة من اللحوم مسبقا بناء على احتياجات السوق، مع تأكيد توفير الدولة للكميات اللازمة وفقا لهذه التقديرات كما أشار المسؤولون - يضيف المتحدث - بالإضافة الى استعدادها لتوفير كميات إضافية في حال حدوث أي طارئ، لأن المشكلة لا تكمن في توفر اللحوم نفسها، وإنما في ضرورة التنسيق الدقيق وتحديد احتياجات السوق بشكل صحيح لتحقيق التوازن بين العرض والطلب، وتفادي أي اختلالات قد تؤثّر على استقرار السوق.

توسيـع قاعــدة الاستيراد

 من جهة أخرى، أكّد رئيس الفدرالية أنّ بلادنا مستعدّة لتوسيع قاعدة استيراد اللحوم في حال احتاج السوق إلى كميات إضافية، حيث تم منح تراخيص لاستيراد اللحوم من خلال السماح للعديد من المتعاملين الاقتصاديين باستيراد هذه المادة الأساسية، لكن في المقابل يأمل المسؤولون أن تظل عمليات الاستيراد مكملة للإنتاج المحلي وليس بديلا عنه، مؤكدا على أن إنتاج اللحوم المحلي يجب أن يبقى هو الهدف الأساسي.
يأتي هذا القرار في وقت تعمل فيه الحكومة على تعزيز قدراتها الإنتاجية المحلية من اللحوم، من خلال تحسين القطاع الحيواني وتطويره أكثر، ورغم ذلك أشار المسؤولون إلى أن زيادة الإنتاج المحلي ليست مهمة سهلة، بل تتطلب وقتا وجهودا كبيرة، فضلا عن التنسيق المستمر بين الوزارات المعنية مثل وزارة الفلاحة ووزارة التجارة لضمان تنفيذ استراتيجيات فعالة تساهم في تحقيق هذا الهدف.
وصرّح بحبو سفيان أنّ الحكومة تبذل جهودا لزيادة الإنتاج الوطني من اللحوم، وهذا في إطار الاستراتيجيات الطويلة لتعزيز الاكتفاء الذاتي وتقليل الاعتماد على الاستيراد، وتشمل هذه الجهود تحسين تربية المواشي وتطوير التقنيات المستخدمة في القطاع الحيواني، بالإضافة إلى تشجيع الاستثمارات في هذا المجال ورفع كفاءة مراكز الذبح والتوزيع، كما تعمل على تسهيل وصول الدعم للفلاحين والمربين، وتقديم الدعم الفني والتدريبي لتعزيز القدرات المحلية، لكن بشرط التنسيق المحكم بين مختلف القطاعات لضمان تنفيذ هذه السياسة.
وأضاف في ذات الشأن، أنّ رمضان هذا العام سيشهد وفرة كبيرة في كميات اللحوم في السوق المحلي بفضل الإجراءات التي اتخذتها الحكومة، والتي تهدف إلى ضمان تلبية احتياجات المواطنين خلال هذا الشهر المبارك، فقد تم اتخاذ سلسلة من التدابير تشمل استيراد كميات إضافية من اللحوم من الخارج، بالإضافة إلى توفير مخزونات إستراتيجية لضمان استقرار الأسعار، ومواجهة الطلب المتزايد في السوق خلال رمضان.

الاستثمـار فــي الإنتــاج المحلي

 في هذا الصدد، أفاد المتحدّث أنّه على الرغم من التحديات التي تواجهها شعبة اللحوم، فإنّ الحكومة أكّدت التزامها بتحسين الإنتاج المحلي من هذه المادة، وأكدت وزارة الفلاحة التزامها بتعزيز الإنتاج الوطني، من خلال توفير الدعم اللازم للفلاحين والمربين المحليين، هذا بالإضافة الى المبادرات المكثفة لزيادة عدد المزارع المتخصصة في تربية المواشي بهدف تلبية احتياجات السوق المحلية في المستقبل، وتقليل الاعتماد على الواردات مما يسهم في تحقيق الأمن الغذائي وتعزيز الاقتصاد الوطني.
وفي هذا السياق، أوضح رئيس فدرالية اللحوم أن الحل يكمن في تعزيز التنسيق بين الحكومة والقطاع الخاص، والعمل على زيادة الإنتاج المحلي من اللحوم، وأشار إلى أن الاستيراد يجب أن يعتبر خيارا استثنائيا يستخدم لتلبية الاحتياجات في حال حدوث أي نقص في العرض، مع ضرورة التركيز على تحقيق الاكتفاء الذاتي وتعزيز القدرة الإنتاجية الوطنية.
وأكّد في ذات السياق، أنّ السوق الوطنية يجب أن تشهد توازنا بين الوفرة في الإنتاج المحلي والمستورد من اللحوم، وهذا لتأمين احتياجات المستهلكين بكافة أنواعها وأحجامها، وبأسعار تنافسية تتماشى مع القدرة الشرائية للمواطنين، مشيرا إلى أن هذا التوازن لا يسهم فقط في استقرار السوق، بل يضمن قدرة السوق على تلبية الطلب المحلي بشكل مستمر، مما يساهم في تحقيق الأمن الغذائي والحد من تذبذب السوق.

تنسيــق الجهـود لضمـان توفـير اللّحـوم

 من جهة أخرى، أوضح رئيس الفدرالية الوطنية للحوم المستوردة، أنّ الفيدرالية جاهزة لتقديم كافة أشكال الدعم لضمان توفر اللحوم في الأسواق خلال شهر رمضان، وأكّد أنّهم سيبذلون جهدهم لخدمة المواطن من خلال التنسيق مع وزارتي التجارة والفلاحة لضمان نجاح هذه العملية، كما أشار إلى أن الفدرالية تركّز على تسهيل عملية التنسيق بين جميع الأطراف المعنية بتربية المواشي بهدف ضمان توفر اللحوم والمواد الأخرى خلال شهر رمضان.
وأضاف في ذات السياق، أنّ التنسيق المستمر بين الوزارات والهيئات المعنية يعد الحل الجوهري لضمان استمرارية وفرة اللحوم في السوق الوطنية، وشدّد على أهمية التعاون بين جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك السلطات المعنية، المربين والمتعاملين الاقتصاديين لضمان نجاح هذه العملية وتلبية احتياجات المواطنين.
وأكّد رئيس الفدرالية أنّ هذه الحلول تعكس حرص الحكومة على تحسين مستوى معيشة المواطنين، مشيرا إلى أن توفير اللحوم في الأسواق يعد من الأولويات التي يتم العمل عليها بكل جدية، وأضاف أن هذا التنسيق سيسهم في ضمان توفير هذه المادة وكافة المواد الغذائية في السوق وفي الوقت المناسب، ممّا يساهم في تحقيق راحة المواطنين خلال شهر رمضان.
وعليه، فإنّ الاستعدادات التي تقوم بها الحكومة لتوفير اللحوم في الأسواق خلال شهر رمضان، تأتي في إطار استراتيجيتها لضمان تلبية احتياجات المواطنين في هذا الشهر الكريم، وذلك من خلال التنسيق الفعال بين وزارتي التجارة والفلاحة، اللتين تسعيا إلى توفير كميات كافية من اللحوم، سواء عبر الإنتاج المحلي أو من خلال الاستيراد بهدف تحقيق استقرار السوق وضمان راحة المواطنين.

الاستقـرار والتّـوازن

 من جهته، أوضح الخبير الاقتصادي بوشيخي بوحوص في تصريح لـ «الشعب»، أنّ قرار الحكومة باستيراد اللحوم الحمراء والبيضاء من إسبانيا والبرازيل جاء بهدف تحقيق استقرار في السوق المحلي ومعالجة الاختلالات التي كانت تؤثر عليه، وأضاف أن هذا القرار يهدف أيضا إلى ضمان استقرار الأسعار، ممّا يوفر للمواطنين خيارات متنوعة تتيح لهم شراء اللحوم بأسعار معقولة تراوح بين 800 و1200 دج للكيلوغرام الواحد.
وأضاف بوحوص أنّ الأمر نفسه ينطبق على اللحوم البيضاء، التي تشهد انخفاضا ملحوظا في أسعارها، حيث يقدر السعر المتوسط الوطني بنحو 300 دج للكيلوغرام، مشيرا إلى أن الأسعار في مناطق الجنوب الجزائري قد تكون أقل من ذلك بكثير، ويرجع ذلك إلى الاعتماد على نظام المقايضة الذي يسمح للتجار بالحصول على الثروة الحيوانية من دول إفريقيا مقابل التمور والمنتجات الجزائرية الفائضة، مما يسهم في تقليص التكلفة وتوفير اللحوم بأسعار منخفضة للمستهلك.
من جانبه، أشار الخبير إلى أنّ الحكومة بحاجة إلى تعزيز الإنتاج المحلي من اللحوم الحمراء والبيضاء والبيض، مطالبا بضرورة توفير جميع الظروف الملائمة لدعم الإنتاج الوطني، وأضاف أنّ رئيس الجمهورية اتّخذ خطوات إيجابية لدعم الفلاحين، حيث سمح لهم باستيراد الآلات الزراعية التي لا تتجاوز سبع سنوات دون دفع الرسوم الجمركية، بالإضافة إلى تسهيل استيراد المواد الأولية اللازمة للإنتاج الزراعي، وأكّد أيضا أن هذه الإجراءات تعد خطوة هامة نحو تقليص الاستيراد، وتعزيز قدرة الفلاحين على تلبية احتياجات السوق المحلية بشكل مستمر.
كما تطرّق الأستاذ بوشيخي بوحوص إلى أهمية تبني مشروع المزارع النموذجية الجامعية، الذي من المتوقع أن يضم 2000 مزرعة نموذجية، كل واحدة توفر فرص عمل لأكثر من 500 عامل، منهم 30 بالمائة من حاملي الشهادات الجامعية، وأوضح أن هذه المزارع يجب أن تعمل على شكل شركات مساهمة، تستخدم تقنيات مبتكرة مثل الأسهم الجذعية كوسيلة لتمويل هذه المشاريع، وأضاف أن الاعتماد على الاستيراد في قطاع حيوي مثل اللحوم يضر بالاقتصاد الوطني، ويؤدي إلى استنزاف العملة الصعبة، فضلا على إضعاف الإنتاج المحلي، مؤكّدا أن هذه الإجراءات تتماشى مع توجيهات رئيس الجمهورية بشأن تعزيز الأمن الغذائي، الذي يعتبر من أولويات الحكومة لضمان الاستقلالية الاقتصادية وتلبية احتياجات السوق الوطنية.

الوفرة والعدالـة فـي التّوزيـع

 بدوره، طمأن المنسّق الوطني للمنظمة الجزائرية لحماية وإرشاد المستهلك، فادي تميم، المواطنين في تصريح لـ «الشعب»، بأنّ اللحوم ستكون متوفّرة بشكل كاف خلال شهر رمضان وبأسعار معقولة، مشيرا إلى أنّ السلطات المعنية ستقوم باستيراد كميات تفوق ثلاثة أضعاف الكمية المعتادة، والتي تقدّر بحوالي 12 مليون طن، وذلك لضمان تلبية احتياجات السوق المحلي وتغطية الطلب الوطني.
وأوضح في ذات السياق، أنّ أسعار اللحوم خلال شهر رمضان ستكون معقولة بفضل التدابير التي تضمّنها قانون المالية لعام 2025، حيث تم تمديد العمل بخفض الرسم على القيمة المضافة حتى 31 ديسمبر 2025، هذا الإجراء يهدف إلى تخفيف الأعباء المالية على المستهلكين، كما يعد جزءا من جهود الحكومة لتحقيق استقرار في السوق، وضمان توفر السلع الأساسية بأسعار معقولة.