طباعة هذه الصفحة

في ندوة علمية حول الفنون الإسلامية بتلمسان..

المدرسة الجزائرية للمنمنمات كانت درعًا حصينًا في وجه الاستعمار الفرنسي

تلمسان: حبيبة غريب

تناولت أشغال الندوة العلمية المنعقدة أمس الأول، بمركز الدراسات الأندلسية بتلمسان تاريخ فنون المنمنمات والزخارف، وخصوصيات مختلف المدارس العالمية عامة والمدرسة الجزائرية خاصة، والتي تتميز عن للمدارس الكلاسيكية الأخرى بالجمع بين الأصالة والحداثة والعصرنة، هذا وفق ما كشفته الدكتورة فايزة مهتاري في مداخلتها “البعد التاريخي والجمالي للمدرسة الجزائرية للمنمنمات”.

تناولت الدكتورة فايزة مهتاري، متخصصة وباحثة في تاريخ الفنون الإسلامية بجامعة تلمسان البعد التاريخي والجمالي للمدرسة الجزائرية للمنمنمات، مشيرة أن “المنمنمات والزخرفة كانت من الأعمال الفنية ذات الطابع الديني، ولم يكن يمارسها إلا المسلمون الذين كان عليهم أن يتوخوا الحذر بخصوص المسائل الفقهية لعصرهم، وكذا الإلمام بالقرآن والسنة إلماما شاملا،  كما كان عليهم من خلال هذه الأعمال الفنية ترسيخ تعاليم الدين الحنيف والروح الوطنية والانتماء التاريخي والحضاري.”
ويرجع بحسب إضافتها “الفضل لعدة فنانين في إنشاء مدرسة جزائرية حقيقية لفن الرسم والمنمنمات، والتي جابهوا بها حملات الاستعمار الفرنسي العنيدة واللامتناهية، من أجل محو الهوية والشخصية الوطنية الأصيلة والمتجذرة في ثنايا المجتمع الجزائري”.
 كما تقول الدكتورة مهتاري “للفنان الكبير عمر راسم السبق في هذا الفن وهذا الميدان، كما أن محمد راسم أخوه الأصغر منه قد تأثر تأثرا كبيرا بأفكاره، لاسيما في رسوماته المتعلقة بالرسم الإسلامي، فلقد تشبع محمد من مكتبة أخيه وأفكاره، إلا أننا نجد عددا ممن تبنوا هذا التيار الفني وأبدعوا فيه على غرار محمد تمام وآخرون كثيرون.
وأشارت المختصة في الفنون الاسلامية “أنه بالرغم من أن لكل من هؤلاء أسلوبه الشخصي المتفرد به، إلا أنهم كانوا يحملون الوطن بين جنبات أفئدتهم، كل ظهر بشخصيته وقناعاته وبصمته الخاصة التي تصب في طراز جديد للفن والمنمنمات، عبروا من خلاله عن توجهات خاصة وحافظوا من خلاله على كل الكنوز التي حملتها ولا تزال تحملها الجزائر”.
 ومن جهته، تحدث الأستاذ والفنان جهنغير اشهروف، من اوزباكستان عن تاريخ المنمنمات والزخرفة عبر العصور وعن نشأة أشهر المدارس في فن المنمنمات، بمختلف التقنيات والألوان المستعملة من فن لآخر وعلى بصمات كبار الفنانين فيها.
ورافع الاستاد محسن اقاميري، من ايران، فنان وأستاذ جامعي بجامعة طهران، لضرورة الخروج من التقليد إلى مدرسة الخيال، وعدم تقييد الفنانين والطلبة بأصول المدارس القديمة، والسعي إلى إنشاء مدارس معاصرة وحديثة ترتكز على حرية الإبداع والتصور.
وقدم الدكتور نجاتي سنجم ثوتان، من تركيا، عرضا لمختلف المراحل والأحداث التي مرت بها عملية زخرفة المصحف الكريم، خلال القرن السادس عشر في الدولة العثمانية.
للإشارة نظمت الندوة العلمية احياء لليوم العالمي للفنون الإسلامية، وتدخل أيضا في إطار الطبعة الثانية عشر للمهرجان الثقافي الدولي للمنمنمات وفنون الزخرفة، التي تحتضنها تلمسان من 19 إلى 24 نوفمبر الجاري تحت شعار “جسور ذهبية” بمشاركة 10 فنانين أجانب، ممثلين عن باكستان، الهند، إيران، أندونيسيا، سلطنة عمان، تركيا، أفغانستان، أوزبكستان و50 فنانا جزائريا وحوالي 20 طالبا من مدارس الفنون الجميلة.
وقد شهدت الفعالية تكريم أحد أبنائها الراحل بشير يلس أحد أعمدة المدرسة الجزائرية في الفنون الاسلامية، صاحب مسيرة 70 عاما من لوحات الزخرفة والمنمنمات والمعارض الوطنية والدولية، حيث تم عرض شريط فيديو يلخص حياته الفنية وأعماله الرائعة، ناهيك عن إطلاق اسمه على الدورات التكوينية التي تقام على هامش المهرجان لفائدة طلبة معاهد الفنون الجميلة.”
كما تم بالمناسبة تدشين المعرض الدولي للوحات الفنية، يجمع بين مختلف الفنانين طيلة أيام المهرجان، ويضم قرابة 100 لوحة من إمضاء فنانين جزائريين.