طباعة هذه الصفحة

الخبير الاقتصادي.. إسحاق خرشي لـ “الشعب”:

التصنيع المحلي.. حفاظ على العملة الصعبة ورفع للإنتاج

هيام لعيون

توفير فرص عمل للشباب وتخفيف للنفقات العمومية

تعوّل الجزائر على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة أو الشركات الناشئة، في دعم الصناعة المحلية، اعتمادا على المناولة التي تعتبر قاطرة الصناعة المحلية، لأن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة أو الشركات الناشئة تدخل في تصنيع جزء معين من منتج تحتاجه المؤسسات، حيث تعتبر المناولة ملفا له أهمية بالغة بالنسبة للاقتصاد الوطني ككل وبالنسبة للمؤسسات الاقتصادية، خاصة المؤسسات الصناعية وحتى بالنسبة للمواطن، حيث تعتمد الحكومة عليها، لأنها مرتبطة بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة، وتسمح بتوفير بعض قطع الغيار وبعض المواد الأولية غير المصنعة محليا، وبعض القطع التي تدخل في صناعة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.

أبرز الخبير في الشأن الاقتصادي إسحاق خرشي، أن المناولة تعمل على رفع الإنتاج من المواد الصناعية، فكلما كان هناك عدد أكبر من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة الناجحة، كلما ارتفع الإنتاج الوطني من المواد الصناعية، فالسوق يحتاج إلى كميات أكبر حتى تكون السلع متوفرة بشكل أكبر، ولمّا يتوفر المعروض السلعي من المواد الصناعية التي تقدمها مؤسسات صغيرة ومتوسطة أو شركات ناشئة، يرتفع العرض لتنخفض الأسعار.
وأبرز خرشي، أن توفر المعروض السلعي لن يضطر الجزائر للتوجه نحو الاستيراد، بل إلى تقليص الكميات المستوردة وخفض عملية الاستيراد، وهي نقطة إيجابية للميزان التجاري، حتى يكون موجبا وبالتالي الحفاظ أكثر على العملة الصعبة، كما أنه نقطة إيجابية لميزان المدفوعات.
 
تخفيض النفقات العمومية
وحول نقطة دور المناولة في القطاع الصناعي، أكد خرشي أنها توفر فرص عمل للشباب، خاصة لأولئك الذين يتقاضون حاليا منحة البطالة، وهو ما سيسهل من تخفيف النفقات العمومية، لأن البطالين يتحصلون على منحة دون مقابل إنتاجي، فالمناولة توفر مناصب شغل، حيث سيصبح الشباب منتجا مقابل حصولهم على راتب.
 فرصة ذهبية للمؤسسات
في السياق أوضح المتحدث، أن الهدف الذي تعمل عليه السلطات في البلاد حاليا، هو رفع نسبة مساهمة الصناعة في الناتج الداخلي الخام بنسبة 5٪ إلى 15٪، حيث يعتبر أحد أهم المداخل لرفع معدل مساهمة الصناعة في الناتج الوطني الخام وهو قاعدة المناولة، خاصة في بعض القطاعات التي تتميز بفرص استثمارية كبيرة مثل قطاع صناعة السيارات، مبرزا أن رفع نسبة مساهمة الصناعة بـ5٪ إلى 15٪ في الناتج الداخلي الخام، سيكون من خلال قطاع المناولة وهو ما نقترحه، لأن صناعة السيارات في الجزائر تقدر بـ10 الى 15 مليار دولار، وهي فرصة ذهبية لبعث المزيد من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة الناجحة لرفع الناتج الداخلي الخام.
فالمناولة ـ يسترسل خرشي في توضيحاته ــ تعمل على دعم النسيج الصناعي، لأنه لابد من إحداث توازن لعدد من المجمعات الصناعية والمؤسسات العملاقة والكبيرة والمؤسسات المتوسطة والصغيرة، فقطاع المناولة متعلق بشكل كبير بمؤسسات صغيرة ومتوسطة، فلابد للنسيج الصناعي أن يحدث توازنا بين الشركات الكبيرة والمتوسطة والصغيرة، فهو عدد غير كاف بالنسبة للشركات الصغيرة والمتوسطة الموجودة في الجزائر، لذلك فإن قطاع المناولة سيدعم النسيج الصناعي، ثم أيضا سيرفع تنافسية القطاعات الأخرى، فالمناولة قطاع أفقي له علاقة مع مختلف القطاعات ويعمل على تصنيع المنتجات الأولية نصف مصنعة ومنتجات مصنعة نهائيا، لكنها تدخل في تركيب أو تصنيع منتجات أخرى.
 
ضمانات كبيرة للمناول
أما بالنسبة لفعالية المناولة، أكد الخبير الاقتصادي أنها مرتبطة بسوق المناولة. ما يقودنا لتساؤل، هل توجد فرص متوفرة في السوق الجزائرية متعلقة بالقطاع الصناعي؟ وبالتالي تعتبر الصناعة في الجزائر ورقة بيضاء، سيكون قطاع المناولة فعالا فيها، لأن الفرص ستكون متوفرة في السوق، في ظل وجود قانون الاستثمار الذي جاء بعديد التحفيزات الضريبية والجبائية، وتسهيل وتبسيط الإجراءات، وتقديم ضمانات للمستثمر المحلي والأجنبي، خاصة من خلال اللجنة العليا المكلفة بدراسة الطعون التابعة لرئاسة الجمهورية والمنصة الرقمية للمستثمر، حيث منحت ضمانات كبيرة للمناول.وأضاف المتحدث، “وإلى جانب القوانين الاستثمارية، هناك تحفيزات جبائية تفضيلية تخص المناولة، أي أن كل الآلات والمعدات التي يستوردها من يريد الاستثمار في قطاع المناولة، لا تفرض عليه الرسم على القيمة المضافة والأدوات والرسوم الجمركية وحتى المواد الأولية المستوردة من الخارج، دعما لقطاع المناولة معفية من ذلك، فكل ما يستورده المستثمر الذي يريد النشاط في قطاع المناولة، يُعفى من الرسم على القيمة المضافة ومن الضريبة أو من الرسوم الجمركية والإتاوة الجمركية حتى يكون فعالا”.
 اتفاقية إطار
فيما يتعلق بجانب المناولة في ملف السيارات، ثمن خرشي دفتر الشروط الخاص بتصنيع السيارات في الجزائر، لأنه قدم ضمانات كبيرة للوكلاء ولم يكن تعجيزيا، بل ضمن حقوق المستهلك من ناحية آجال التسليم وخدمات ما بعد البيع وغيرها من الأمور، مبرزا أن تدارك التأخر في صناعة السيارات يكون بالسرعة في معالجة الملفات المودعة من قبل الوكلاء، فضلا عن تنشيط الدبلوماسية الاقتصادية، لأن إنشاء صناعة حقيقية في الجزائر ستكون بنسب إدماج معينة، أي أنّ المصنع يأتي للجزائر يصنع فقط المحرك، أما بقية الأجزاء يقدمها المناولون، كلّ حسب اختصاصه.
 وأشار إلى أنه وحسب دفتر الشروط، فالمصنع الذي سيستثمر في الجزائر، يستطيع استيراد لواحق ومستلزمات السيارة؛ بمعنى يستورد ما يقدمه المناولون في الخارج ويتحصل على نسبة من الإدماج، حيث لابد له أن يحقق خلال السنة الأولى 10٪ من صناعة قطع السيارات، حيث يُلزم بتصنيعها هنا في الجزائر، وعلى سبيل المثال فاتفاقية الشركة مع شركة “فيات” الإيطالية سميت باتفاقية إطارية، معناه يأتي المصنع مع المناول لينتقل خلال نهاية السنة الثالثة إلى 20٪، ونهاية السنة الخامسة إلى 30٪.واعتبر خرشي، أن الأمر متوقف على القوّة التفاوضية، أي الدبلوماسية الاقتصادية، بإقناع المستثمرين الأجانب بالقدوم للجزائر، من خلال تفعيل شبكة العلاقات، خاصة مع الدول التي تربطنا بها علاقات قوية، على غرار الصين التي تعتبر المموّن الأول للجزائر، وإيطاليا الزبون الأول لها، بعد أن قامت الجزائر بمدّها بالغاز في هذا الظرف العالمي المستجد، إذ لابد من الضغط وتحقيق السرعة في جذب وجلب المستثمرين الأجانب للسوق الجزائرية.