طباعة هذه الصفحة

خبراء يثمنون القرار ويؤكدون لـ«الشعب”:

حماية للأراضي وتكريس لسيف القانون

جمال الدين بوراس

درست الحكومة في اجتماعها المنعقد يوم 23 نوفمبر 2022 بقصر الحكومة، مشروعا تمهيديا لقانون يتعلق بحماية أراضي الدولة والمحافظة عليها، قدمه وزير العدل، حافظ الأختام.

ينص المشروع التمهيدي لهذا القانون، الذي تمت المبادرة به بناءً على تعليمة من رئيس الجمهورية، على نظام قانوني جديد من شأنه أن يسمح بمكافحة البناءات غير القانونية المنجزة على أراضي الدولة، بشكل فعال، وتعزيز مسؤولية مسيريها وضمان الاستغلال الأمثل لأراضي الدولة، كما يكرس إطارا قانونيا يحظر ويقر عقوبات شديدة قد تصل إلى السجن لمدة عشرين سنة سجنا، وفرض غرامة بمبلغ مليوني دينار جزائري، لكل تعد على أراضي الدولة أو أفعال تؤدي إلى تدهور قيمتها أو تغيير وضعها أو طابعها.
يؤكد المستشار في التنمية الاقتصادية، الدكتور عبد الرحمان هادف، أن مشروع القانون هذا جاء لكبح بعض الممارسات التي تبيح استغلال أراضي الدولة بطرق غير قانونية وغير شرعية، وفرض القانون على بعض الانتهازيين الذين استغلوا بعض الفترات للاستحواذ على أراضي الدولة. وعليه عملت الحكومة اليوم على سنّ آلية قانونية رادعة ومعاقبة لكل من يخالف القوانين، وبالتالي سيعيد المشروع التمهيدي لقانون حماية أراضي الدولة الأمور إلى نصابها بفرضه منطق القانون وسد كل الفراغات القانونية.
ويأتي هذا، بحسب ذات الخبير، بعد أن استفحلت هذه الممارسات غير القانونية بشكل كبير في وقت مضى، من خلال نصب بيوت قصديرية أو تشييد سكنات على أراضي تابعة للدولة، وكذا تنامي نشاط مافيا العقار التي كانت تستحوذ على العقارات تاركة مصالح الدولة أمام الأمر الواقع، ما تسبب في مشاكل وتعقيدات ذات طابع اجتماعي وعمراني على المستوى المحلي، خاصة ما تعلق بالتوسع العمراني غير المدروس وغير المنظم. وعليه، فهذه التجاوزات لا يمكن أن تستمر، يؤكد الدكتور هادف، مشدداً على أن هذه الخطوة تعتبر عن نية صريحة وحقيقية لتسيير وحوكمة أملاك الدولة بطرق أكثر نجاعة، وتهيئة الإقليم على أسس أكثر صرامة، وهي رسالة من الدولة لكل من تسول له نفسه استغلال أملاك الدولة بغير حق.
من جانبه يؤكد يوسف ميلي، رئيس منتدى الاستثمار وتطوير المؤسسات، أن الاعتداءات التي شهدتها الأراضي المملوكة للدولة خلال السنوات العشر الماضية، جعلت من إصدار قانون جديد لكبح مثل هذه الاعتداءات أمراً مستعجلا، خصوصاً بعد أن حول البعض الاستيلاء والاعتداء على الأراضي العمومية مصدرا للثروة والتكسّب غير المشروع. وعليه، فإن المشروع التمهيدي لقانون حماية أراضي الدولة، يندرج في إطار استرجاع هيبة الدولة وحزمها، بغلق الباب أمام أية محاولات أو تفكير في انتهاج نفس الممارسات التي مورست من قبل من طرف نافذين في المجالس المنتخبة والوظائف الإدارية العليا، يضيف يوسف ميلي.
في سياق ذي صلة، يوضح الخبير الاقتصادي وأستاذ العلوم الاقتصادية بجامعة أم البواقي، البروفيسور مراد كواشي، أن للعقار أهمية بالغة على مختلف الأصعدة، الاقتصادية، الاجتماعية والسياسية. فهو على المستوى الاقتصادي، عنصر هام من عوامل العملية الإنتاجية، ويحظى اجتماعيا بأهمية كبيرة لدى العائلات التي تسعى دائما للحصول على قطعة أرض سواء للسكن أو مزاولة نشاط تجاري أو صناعي أو فلاحي. أما بالنسبة للدولة فالعقار يمثل شكلا من أشكال فرض السيادة، لذلك نلاحظ –يقول ذات المتحدث- إن التشريعات في مختلف الدول دائما ما تهتم بإعطاء الإطار القانوني لكيفيات استغلاله، والجزائر سعت منذ مدة لسن قوانين تنظيمية لهذه العملية، وتعمل بالخصوص من خلال المشروع التمهيدي لهذا القانون الذي عرض مؤخرا في اجتماع الحكومة، إلى حماية أراضي الدولة والمحافظة عليها وكذا مكافحة الأبنية غير القانونية المنجزة على ذات الأراضي، خصوصا بعد تزايد عمليات البناء العشوائي والتعدي على عقارات الدولة، علاوة على ضمان الاستغلال الأمثل للأراضي وردع الممارسات السابقة التي كثرت وتنوعت.
ويفيد البروفيسور مراد كواشي، أن المشروع التمهيدي للقانون، سيكون في مواجهة العديد من الإشكالات، أهمها ما تعلق بالأراضي الفلاحية التي شيدت عليها مباني سكنية أو استغلت لإطلاق استثمارات غير فلاحية، وكذا العقارات الصناعية المتواجدة في مناطق النشاطات الصناعية، والتي منحت في وقت سابق من دون مراعاة الشروط والمعايير التي يجب أن تمنح لأجلها، حيث أن نحو 45% من العقارات التي وزعت في الفترة السابقة، منحت لشركات لم تستطع استغلالها كما يجب، أو منحت لمستثمرين وهميين أو في شكل امتيازات غير مشروعة وبالتالي ينتظر أن يحدد مشروع القانون موضوع التفصيل، الأطر القانونية الدقيقة لمعالجة هذه الإشكالات.