طباعة هذه الصفحة

إرادة سياسية لإعادة القيمة الاقتصادية للنقل الجوي

«الجويـــة الجزائريــة» .. من أجل شركة عصرية ومحترمة

سعاد بوعبوش

توسيع خطوط الجوية الجزائرية وتدعيم خطوط أخرى

تمنراســــــت .. بوابـة للانفتاح على عدة عواصم إفريقية

مناقصة دولية لشراء 15 طائرة جديدة.. خطوة لتقوية الأسطول


أعطى رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون بمجلس الوزراء الأحد، تعليمات بإعادة النظر في طريقة تسيير الخطوط الجوية الجزائرية وفق مخطط عصري يستجيب للمعايير التي وضعتها منظمة الطيران العالمية، باعتبارها المؤسسة الأم التي تتولى النقل الجوي بالجزائر بحصص كبيرة.

يأتي القرار من أجل إعادة الاعتبار لهذا القطاع الاستراتيجي، وفي إطار جملة من الإجراءات تم اتخاذها في الآونة الأخيرة، بهدف تعزيز قدرات الجزائر في مجال النقل الجوي لتحويله من عبء على خزينة الدولة إلى قطاع مدرّ للعملة الصعبة.
وفي إطار مخطط التطوير والإصلاحات قامت الحكومة بحركة واسعة في الطاقم الإداري لهذه المؤسسة، لاسيما المسؤولين التنفيذيين عن تسيير الجوية الجزائرية وكذا مؤسسة تسيير مطارات الجزائر لمطار الجزائر الدولي، وإنشاء الوكالة الوطنية للطيران المدني لضمان تسيير السلامة والأمن المدني، بهدف إعطاء نفس ودفع جديدين للنقل الجوي، وتمكينه من القيام بدوره الاقتصادي لاسيما التنموي وتنشيط الملاحة الجوية ونقل البضائع وفق إستراتيجية قادرة على بعث حركة الطيران بالجزائر.
وتم أيضا في هذا الإطار فتح النقل الجوي بمنح تراخيص للمستثمرين ورجال أعمال تخولهم إنشاء شركات نقل جزائرية أو مختلطة مع شركاء أجانب، وقد طالب رئيس الجمهورية بالفصل في الملفات المودعة لفتح شركات نقل خاصة، وبالفعل تم الموافقة مبدئيا على 16 مشروعا استثماريا للقطاع الخاص، وسيتم الإعلان عن العروض فور المصادقة على دفتر الشروط الخاص باستثمار الخواص، مع تحويل الطائرات الخاصة المصادرة بموجب أحكام قضائية في إطار المنفعة العامة بسبب تورط أصحابها في قضايا فساد.
كما تم الإعلان عن إطلاق مناقصة دولية لشراء 15 طائرة جديدة إلى جانب استئجار 7 طائرات بهدف تدعيم أسطول الجوية الجزائرية التي تصر الدولة على الحفاظ عليها وتلبية الطلب المتزايد على الخطوط التي تعمل بها، والتي تكتسي أهمية سياسية واقتصادية للجزائر.
وحسب وثيقة الاستشارة الدولية التي تعنى بصانعي الطائرات المستغلين في النقل التجاري والمدني المتوفرين على الشهادات والاعتمادات المنظمة للنشاط، فيتعلق الأمر بخمس طائرات نموذج 200 أ، وثلاث طائرات 200 ب، وخمس طائرات نموذج 300 وطائرتين نموذج 400.
إلى جانب ذلك فقد تم فتح خطوط نقل جديدة في إطار الشراكة والاتفاقات التي تربط الجزائر بعدة دول افريقية كإثيوبيا، السنغال، نيجيريا، ومن أمريكا اللاتينية كفنزويلا، في إطار توسيع أسواق الجوية الجزائرية، وتدعيم خطوط أخرى تجاه قطر، تركيا، فرنسا، وإيطاليا.
في هذا السياق، طالب رئيس الجمهورية بتنشيط الملاحة الجوية بمختلف المطارات الوطنية لبعث حركة الطيران، حيث ينشط الأسطول الجوي الجزائري بـ 34 مطارا بعدما كان قبل أزمة كوفيد 36 مطارا منها ما هو مصنف ضمن المطارات الدولية ومنها مطارات داخلية، والعمل على العودة الى معدلات الرحلات السابقة للجوية الجزائرية قبل الأزمة الصحية وتكثيف رحلات العمرة وذات الطابع السياحي باريس- جانت دعما للسياحة الصحراوية التي انطلق موسمها مؤخرا.
في انتظار إنشاء محور إقليمي بولاية تمنراست ليكون قطبا وبوابة للانفتاح على عدة بلدان وعواصم إفريقية، والذي تم إطلاق بخصوصه دراسة جدوى اقتصادية، لتحديد الإمكانيات الاقتصادية وطرق إنشائه، بالإضافة إلى انجاز خمس أبراج مراقبة على مستوى مطارات الجزائر، وهران، قسنطينة، غرداية وتمنراست.
بن يحيى: وضع الكفاءات والثقة كفيل بصنع الفارق
في هذا الإطار، يرى الخبير الاقتصادي فريد بن يحيى أنه لكي يؤدي قطاع النقل دوره الاقتصادي والاستراتيجي، لابد من وضع إستراتيجية واضحة ومحددة الأهداف والآجال، وتسخير الكفاءات البشرية القادرة على منح تسيير عصري ومتطور وتشجيعها بالثقة ومنحها الوقت لتنفيذ خطة عملها.
واقترح بن يحيى في تصريح لـ«الشعب”، اعتماد التسيير العصري المتطور والابتعاد عن التسيير الإداري لهكذا قطاع حيوي بما فيها الجوية الجزائرية، لأن الجزائر تتوفر على كفاءات عالية جدا قادرة على قيادة هذا القطاع ووضعه على السكة وتحويله إلى قطاع منتج على غرار الدول الأوروبية والخليجية.
وشدّد الخبير الاقتصادي على أهمية الاستفادة من عمليات التدقيق التي جرت، وكذا الدراسات الموجودة، دون إهمال التكوين وإعادة تأهيل العنصر البشري لاسيما للجوية الجزائرية الذي يبقى ضعيفا مقارنة بالمعايير العالمية، إذ لابد من تكوين مكثف وشامل، بما في ذلك رفع مستواهم في اللغة الإنجليزية إلى المستوى الرابع.
وفيما تعلق بفتح المجال أمام الاستثمار الخاص في النقل الجوي، قال بن يحيى بعدم وجود المستحيل في الاستثمار، حيث أوضح أن الجزائر لديها الخبرة الكافية لإنشاء شركات خاصة أو مختلطة مع الأجانب أو الخليجيين ناجحة قادرة أن تكون قيمة مضافة للنقل الجوي وتساهم في إعادة الحياة والحركية إليه.
وأشار في هذا السياق إلى ضرورة أن تكون سلطة ضبط الطيران في المستوى وتكون قادرة على وضع دفتر شروط يلائم هذا النوع من الاستثمار الذي يجب أن يتجاوب مع أهداف القطاع في هذا المجال ومصلحة الجزائر، وهذا لا يكون إلا بفتح المجال أمام الكفاءات الخيّرة القادرة الى إحداث الفارق من خلال التسيير العصري والمتطور والمتحكم في التكنولوجيات والتقنيات الحديثة بعيدا عن التسيير الإداري الممل.