طباعة هذه الصفحة

أفشلت مشروع فصل الصحراء عن الشمال

«القاعدة الجنوبية» بتمنغست صانت وحدة الجزائر

تمنغست: محمد الصالح بن حود

راهن قادة ومفجري الثورة التحريرية المجيدة، منذ السنوات الأولى لاندلاعها على ربط الشمال بالجنوب بتوسيع الثورة وكفاحها المسلّح، في خطوة تبرز النظرة الاستشرافية والثاقبة من أجل تحقيق الانتصار وطرد المستعمر الفرنسي بشكل نهائي، وهو ما يؤكده لقاء الشهيد مصطفى بن بولعيد ساعات قليلة قبل استشهاده مع السي الحواس وزيان عاشور، ونيته في توسيع رقعة الكفاح.
إضافة لقرارات مؤتمر الصومام 1956 باستحداث الولاية السادسة في التقسيم الجغرافي للتراب الوطني، حسب ما أوضحته الدكتورة زينب التومي أستاذة بجامعة الحاج موسى أخاموك بعاصمة الأهقار وباحثة في التاريخ لـ»الشعب».

 تأسيس الجبهة الجنوبية بأقصى الجنوب  1960 ـ 1962
تعود فكرة تأسيس الجبهة الجنوبية حسب الباحث مبارك كديدة إلى فرانس فانون، جسّدها قائد هيئة الأركان الرئيس الراحل هواري بومدين من أجل إيجاد حل لاختناق الثورة في الشمال بسبب خطي شال وموريس التي أدت إلى حصار الحدود الشرقية والغربية، والذي كان ممثلا لجبهة التحرير في غانا نظرا لعلاقاته الحميمية مع عدد من القادة الأفارقة.
أدى دورا كبيرا في تجسيد الفكرة من خلال إقناعه للرئيس الغيني سيكو توري والمالي موديبو كايتا الذين سهلوا مهمة الوفد الاستطلاعي الذي أرسل مطلع 1960 بقيادة كل من (فرانتز فانون، الطيب فرحات – أحمد بن سبقاق – صدار السنوسي – أبو الفتح – سي العربي – سي علي).
أوضح الدكتور والباحث في التاريخ مبارك كديدة لـ»الشعب»، أن ظروف المنطقة كانت تحت رقابة سلطات الاحتلال الفرنسي وخاضعة للحكم العسكري، وبعيدة عن كل المدن والمناطق التي عرفت النشاط الثوري، إلى حين وصول محمد جغابة.
في السياق نفسه، كشفت الدكتورة زينب التومي أن بداية الثورة التحريرية في أقصى الجنوب تعود إلى أواخر 1956، أين قامت قيادة الثورة ممثلة في قائد الناحية السادسة أحمد بن عبد الرزاق المدعو السي الحواس بتكليف محمد جغابة بمهمة استكشاف الجنوب بهدف توسيع رقعة الكفاح، ولضمان مزيد من التموين وتوسيع التنظيم بالنسبة لجبهة التحرير الوطني، أين كانت أول بعثة ترسل إلى الجنوب مكوّنة من أربعة أفراد استعانوا بمسبّلين، من غرداية كنقطة البداية ثم عين صالح في تمنراست.
وأضاف كديدة أن وصول جغابة إلى تامنغست، صاحبه التكتّم السري من أجل القيام بالتعبئة السياسية والتجنيد في الوقت نفسه بمنطقة لم يزرها من قبل، ولا يعرف عنها الكثير بعد رحلة شاقة ليقيم بشكل سري وآمن بها.

أول خلية للثورة بعاصمة الأهقار في 1957
سجّل تاريخ 1957، إنشاء أول خلية للثورة بتمغست، بعد أن قام المجاهد المتوفي مولاي أحمد برادعي بالاتصال بأمين عقال المنطقة الأمنوكال المتوفي «باي أق أخاموك»، وتأمين لقاء مع محمد جغابة، ليتفق على تشكيل أول خلية يكون على رأسها «الحاج موسى أق أخاموك» الأخ الأصغر لأمنوكال الأهقار، ليشرع بعدها في التعبئة والتجنيد وتموين الخلايا المدنية سريا في المنطقة.
يضيف الدكتور كديدة، أن ما يميز منطقة الأهقار خلال الثورة التحريرية المظفرة، هو التداخل مابين الولايتين السادسة والخامسة، باعتماد هيئة الأركان على كل من بلهوشات ومساعدية ودراية ورفاقهم لقيادة هذه الجبهة الجديدة، وبعض إطارات الولاية الخامسة، الأمر الذي أحدث تداخلا بينهم، جعلهم يواصلون العمل سويا من أجل إنجاح الخطوة.
هذه الخطوات يضيف المتحدثة، مكّنت الثورة من تدعيم إستراتيجيتها الجديدة بتكوين قواعد تنطلق هذه المرة من مناطق بدول الجوار (مالي، النيجر، ليبيا) تعتمد على إرسال المجندين من مناطق الهقار وتوات وغيرها من مناطق أقصى الجنوب الجزائري.
الأمر الذي تجسّد بالفعل - يؤكد الباحث - ومكّن الكثير من الشباب من تأدية اليمين والالتحاق بمراكز التدريب في الحدود، بإشراف المجاهد المرحوم مولاي أحمد برادعي والمجاهد المرحوم «بحبي مولود» المكلفان بجمع الاشتراكات.

 الأمانوكال «باي أق أخاموك» يجهض محاولات المستعمر لفصل الصحراء
قال الأستاذ الجامعي، أن التاريخ يسجّل المبادئ الثابتة والمواقف المشرفة لعضو المجلس التأسيسي أمنوكال «باي أق أخاموك» أمين عقال الأهقار، الذي أجهض ثلاث محاولات للاحتلال الفرنسي لفصل الصحراء وهذا ما بين 1956/1962.
ويوضح أنه ففي 1959 أرسل الجنرال ديغول القائد الفرنسي «لوي» إلى الأمنوكال باي من أجل إقناعه بالمخطط، ليقابله الأمنوكال بالرفض، ليعود ديغول في 1960 بتكرار المحاولة عبر إرسال شخصيات عديدة وأعيان مناطق الدول المجاورة (النيجر، مالي)، وعقد لقاء في تمنغست من أجل إقناع الأمنوكال باي أق أخاموك بالفكرة ليعود ويجدد الأمنوكال رفضه للمرة الثانية على التوالي.
 لتتكرّر المحاولة - يضيف المتحدث - للمرة الثالثة عبر نقل الأمنوكال «باي أق أخاموك» إلى فرنسا عن طريق رحلة خاصة، ليتم رفض العرض بشكل نهائي وقطعي، ليسجل بهذا التاريخ رفض الأمنوكال باي أق أخاموك كل عروض الاحتلال الفرنسي، وتحفظ بذلك مواقفه وحدة الوطن.