في واحدة من السهرات الرمضانية التي لم تقتصر على الأحاديث الروتينية والمجالس التقليدية، شهدت مدينة الجلفة جلسة فكرية متميزة حملت عنوان “من الخير التقليدي إلى الخير الاستراتيجي”، ضمن أنشطة منتدى الجلفة للحوار، وبإطار رؤية الجلفة 2053. الجلسة، التي أقيمت نهاية الاسبوع بمقر مؤسسة رؤية وسط المدينة، جمعت فاعلين جمعويين، إعلاميين، وأكاديميين، بهدف إعادة صياغة مفهوم العمل الخيري ليصبح أكثر فاعلية واستدامة.
طرح المشاركون في الجلسة الرمضانية تساؤلات جوهرية، مثل: هل تكفي المساعدات الموسمية لحل المشكلات الاجتماعية؟ وهل العمل الخيري يجب أن يبقى مجرد مبادرات فردية؟
واتّفق المتدخّلون على أنّ الانتقال من العمل الخيري التقليدي إلى العمل الاستراتيجي يتطلب تغييرات جذرية، من بينها: التركيز على التعليم والتدريب بدلا من تقديم مساعدات ظرفية، حيث أثيرت إحصائية صادمة حول نتائج أحد الامتحانات الرسمية، إذ حصل عدد كبير من التلاميذ على 3.5 من 20 في مادة الرياضيات، ما يعكس تحديا يستوجب تدخلا خيريا استراتيجيا في دعم التعليم.
إلى جانب دعم المشاريع الاقتصادية الصغيرة للأسر المحتاجة، بدلًا من الاقتصار على توزيع المساعدات، تبني التخطيط الاستراتيجي والتكنولوجيا في إدارة العمل الخيري، عبر إنشاء منصات إلكترونية للربط بين المانحين والمستفيدين.
ومن بين أبرز التوصيات التي خرجت بها الجلسة، ضرورة الانتقال نحو العمل المؤسسي الخيري، بحيث يتم استغلال آخر نظريات إدارة المؤسسات لضمان الفعالية والشفافية، وتأمين تمويل ذاتي يضمن الاستمرارية.
كما نوقشت أهمية الإعلام في إبراز النماذج الناجحة في العمل الخيري الاستراتيجي، بدلا من التركيز على الخطاب العاطفي فقط. فكلما كان الإعلام أكثر احترافية في تقديم المبادرات، كلّما توسّع نطاقها وزادت فعاليتها.
واختتمت الجلسة بتأكيد ضرورة تصحيح المفاهيم حول العمل الخيري، فهو لا يقتصر فقط على كفالة اليتامى أو بناء المساجد، بل يشمل الاستثمار في العقول، دعم التعليم، نشر الوعي، وتغيير الذهنيات لتحقيق نهضة حقيقية تليق برؤية الجلفة 2053.