الخبير ضـــروي لـ “الشعــب”: لا بديـــل عــن بنـــــاء استراتيجيـــــــــــة لتكريــــــــــــس الوعـــــــــــــي الوطنــــــــــي
أظهر الشعب الجزائري، ممثلا بعديد المنظمات والقوى الحية، وعياً كبيرا بالاستفزازات التي تتعرض لها البلاد منذ أشهر، وأكد حسه الوطني العالي في مجابهة كل ما يصدر من قبل القوى المعادية والحاقدة. كما قدم صورة مطمئنة عن تماسك وانسجام الجبهة الداخلية، وإسناد كافة القرارات والتدابير التي اتخذتها القيادة العليا للدولة.
كثيرة هي محاولات فصل الشعب الجزائري عن مؤسسات دولته، خاصة من جانب بعض النخب الفرنسية اليمينية المتطرفة، التي دائما ما تستخدم خطابا مقصودا للتلاعب بالألفاظ والمصطلحات قصد ضرب وحدة الجزائريين وانسجام مواقفهم. لكنها أدركت في النهاية، أن الجزائريين، شعبا وحكومة، على قلب رجل واحد في مواجهة حملات التشويه الخارجية وعمليات الاستفزاز التي تقف وراءها كيانا وظيفية، خاصة وأن أحزابا ومنظمات وقادة مجتمع، أكدوا وقوفهم المطلق إلى جانب بلادهم أمام الأعمال العدائية التي تستهدفها من كل الجهات.
في السياق، قال الخبير في التخطيط الاستراتيجي، محمد الشريف ضروي، إن الهجمات التي تتعرض لها الجزائر في الفترة الأخيرة، نابعة من مواقفها الثابتة،التي لم تتراجع عنها خطوة للخلف، والمدافعة عن القضايا العادلة، في عالم أصبح يعيش إشكالا كبيرا على المستوى الدولي؛ عالم يعاني من انهيار نظام القيم وانهيار القيمة الفاعلة في القانون الدولي وهو ما يشهد به كل خبراء العالم.
وأضاف ضروي لـ “الشعب”، أن الانهيار الكبير في القيم والتعدي على القانون الدولي والأعراف والمواثيق والاتفاقيات، من قبل قوى كبرى، أمام تمسك الجزائر بالقيم الثابتة بعدم التدخل في شؤون الغير أو تغذية أزمات الأطراف والدول الأخرى، وعدم التنازل عن الدفاع عن القضايا العادلة، جعل منها ومن بقية الدول التي تسير على ذات النهج “استثناء” في مثل هذا التحول للمتغيرات الأيديولوجية عالميا.
وأمام تزايد الحملات المغرضة، دعا ضروي إلى ضرورة بناء استراتيجية وطنية لتكريس الوعي الوطني الذي أظهره الشعب الجزائري والتفافه للدفاع عن وطنه.
سيناريو مبيت
وأكد المتحدث، أن الأحداث الأخيرة على حدود البلاد الجنوبية، تشير كل دلالاتها إلى أنها كانت مدبرة، منذ مدة، وتنتظر نقطة صدام مع الجزائر. مشيرا إلى مغامرات الطغمة الإنقلابية في مالي والتي تعدت كل الحدود ووصلت حد انتهاك المجال الجوي الجزائري في أكثر من مناسبة.
وألمح إلى أن كثير من الدول اختارت في وقت سابق أسلوبا تصادميا مع الجزائر، بتحريض من أطراف مدفوعة بحقدها الدفين، مثلما حصل مع إسبانيا قبل 03 سنوات وحاليا فرنسا والتي أرادت تحدي ثبات الجزائر على القانون الدولي والمبادئ الأساسية التي تحكم العلاقات الدولية.
رسائل الشعب الجزائري
وأمام تزايد استهداف الجزائر، بشكل ممنهج ومسيئ، اعتبر ضروي أن الشعب الجزائري وجه رسالة قوية جدا، عبّر فيه عن وعيه الكبير بكل ما يحاك ضد بلاده، وأكد حرصه على استقرار الدولة والوطن.
ولفت المتحدث، إلى أن الجزائريين أبانوا عن إدراكهم الدقيق ووعيهم بمدخلات هذه الأزمات المفتعلة بشتى أشكالها، إلى جانب توجيه رسالة أخرى مفادها، أنه يتابع بعين البصيرة ما يحدث من صدامات ضد دولته ومؤسساتها، سواء السياسية والعسكرية والصناعية والاقتصادية من خلال الهجمات السيبرانية.
وقال، “هذه الرسائل المتعددة تعطي دلالة واحدة، تؤكد أن الشعب أصبح يدرك أن الأمر لا يتعلق بتحديات تتعلق بمؤسسات الدولة فقط، بل أصبحت تحديات للشعب الجزائري ككل دون استثناء أو اختزال أي فئة أو طرف”.
وأضاف قائلا: “الشعب الجزائري أثبت أنه يتابع كل صغيرة وكبيرة، وهو على استعداد تام لتفعيل كل ما يمكن لحماية الوطن وأرضه والمصالح الحيوية للدولة الجزائرية، ويمكن أن نتحدث عن وعي وحس وطني يضحي من خلاله المواطن بالغالي والنفيس من أجل حماية الوطن”.
في المقابل، قال ضروي، نحن أمام تحديات أخرى متغيرة تحاول ضرب الاستقرار الوطني، ليس عبر الصدامات العسكرية المباشرة بين الجيوش، ولكن حروب الجيل الرابع والخامس، “وهذا يلزم الدولة بكل مؤسساتها بأن تجعل المواطن شريكا في المعلومة وليس مجرد متلقٍّ. ومن جهة أخرى، لابد من توحيد الشعب الجزائري تحت محددات واضحة ومرنة، حتى يمكنه الإدراك الحقيقي للمتغيرات والمعطيات وليس فقط تحت الحس الوطني”.
وختم محمد الشريف ضروري بالقول، إننا “أصبحنا أيضا تحت ما يمكن أن نسميه ضرورة إرساء قواعد الوعي الاستراتيجي المحدد للشعب الجزائري، لأن الافتعالات لها العديد من الأشكال، من خلال مواقع التواصل والإعلام ومن خلال الإشاعات والمغالطات”.
وقال إنه وإلى جانب الوعي والتماسك والحس الوطني العالي لدى الشعب الجزائري غير القابل للمساس، يبقى السياق المرتبط بعصر التكنولوجيا والرقمنة وعصر الكلمة التي أصبحت أقوى من الصاروخ، وهي تحول كل شيء إلى إشاعة ودعاية مغرضة ومغالطات ضاربة وموجهة، ما يحتم على الدولة بناء استراتيجية واضحة وهندسة اجتماعية إيجابية موجهة ودقيقة للشعب الجزائري.