طباعة هذه الصفحة

الدروس الخصوصية في الميزان

مصاريف تثقل كاهل الأولياء وترهن التلاميذ

بجاية: بن النوي. ت

تفشت في الآونة الأخيرة بولاية بجاية، ظاهرة الدروس الخصوصية بين تلاميذ مختلف الأطوار التعليمية، رغم أنها كانت في الماضي تمس فقط تلاميذ الأقسام النهائية وذوي المستوى الدراسي الضعيف...

فقد أضحت في السنوات الأخيرة موضة لدى التلاميذ الذين يتوجهون نحو الدروس الخصوصية، رغم ما تكلفه من أعباء مادية إضافية تثقل كاهل أوليائهم، مبررين ذلك بصعوبة المناهج الدراسية وعدم قدرتهم على التركيز واستيعاب وفهم الدروس داخل القسم.

بين مطرقة إهمال الأولياء وسندان لامبالاة الأساتذة
وفي هذا الصدد، قال السيد “شعباني” أحد أولياء التلاميذ: “يستنكر الكثير من الآباء ظاهرة الدروس الخصوصية التي تحولت من إضافة إلى ضرورة قصوى لنجاح التلميذ أو الطالب، رغم أنها كانت مقتصرة على تلاميذ الشهادات النهائية. فقد أصبح اليوم حتى تلميذ السنوات الأولى ابتدائي معنيا بها ومطالبا بها”. وهنا يضيف قائلا: “فمثلا إبني في السنة الماضية في الأيام الأولى من الدخول المدرسي طلبت منهم المعلمة التسجيل عندها من أجل الدروس الخصوصية التي كانت تدرسها في مستودع استأجرته قريبا من المدرسة”.
 وهنا يستطرد قائلا: “بحجة صعوبة البرامج الدراسية أصبح الجميع يوجهون أبناءهم نحو الدروس الخصوصية أو التدعيمية بمجرد دخولهم المدرسة، ما يعني أن الأمر أصبح شكليا وغير مبني على معطيات واقعية، فلابد من معرفة مستوى التلميذ أولا قبل إرساله إليها، لذلك فإن الأولياء اليوم تخلوا عن مسئولياتهم التربوية وألقوا بها على عاتق أساتذة الدروس الخصوصية أن يسالوا عن الأستاذ وقدرته في إعطاء أبنائهم رصيدا معرفيا يمكنهم من الاستفادة حقا من هذه الخطوة، بل صار بعض الأولياء لا يعرفون عن أبنائهم سوى السنة التي يدرسون بها، لأنهم وبكل بساطة لا يبالون إن ذاكروا في البيت أو لا، فالمهم أنهم يدفعون كل شهر مقابل دروس لا يعلمون إن كانت الحل الأفضل لنجاح أبنائهم”.
أما السيدة “نواري” فتقول عن الموضوع: “أمام الإقبال الكبير للتلاميذ على هذه الدروس، يفتح بعض الأساتذة بيوتهم من أجل جمع أكبر عدد ممكن من التلاميذ لتوفير أجرة كراء المستودع، أو حتى تحويل أقبية المنازل إلى قاعات للتدريس والتي غالبا ما تكون تفتقر إلى أدنى شروط السلامة والنظافة أو لنقل إنها ليست المكان المناسب للتدريس”. وتضيف قائلة: “أرى أن التنامي غير المسبوق للدروس الخصوصية سببه بالدرجة الأولى عجز الأستاذ في المدرسة عن إيصال الفكرة والمعلومة للتلميذ، ما يعني ضعف التحصيل المعرفي بالنسبة للمتمدرس الذي يجد نفسه في دوامة بسبب الهوة الموجودة بين ما يجب أن يتعلمه وما تعلمه في أرض الواقع، الأمر الذي يضطر الأولياء في كثير من الأحيان إلى الاستنجاد بأساتذة الدروس الخصوصية، الذين يعتمدون على قدراتهم الخاصة لتلقين الدروس وشرحها بأساليب تطبيقية”.

...ويتلاعبون
 بمصير التلاميذ
أما السيد “فوغالي”فيقول عن الظاهرة: “في ولاية بجاية نجد أن أبناء العائلات التي تنتمي إلى الطبقة المتوسطة هم من يعتمدون على الدروس الخصوصية لتحسين مستوى أبنائهم الدراسي. أما الأغنياء أو الأثرياء فنجدهم يرسلون صغارهم إلى المدارس الخاصة التي تؤمِّن لهم التعليم من السنة أولى ابتدائي إلى غاية السنة النهائية، وهو أمر خلق نوعا من الطبقية بين التلاميذ الذين أصبح الواحد منهم يتباهى بكونه يدرس في مدرسة خاصة، رغم أنها تقدم نفس البرنامج المدرس في المؤسسات التعليمية العمومية، فالفارق الوحيد بينهما هي الرسوم التي يدفعها الوالد كل شهر إلى المدرسة الخاصة والتي تفوق 15 ألف دج في بعض الأحيان”.
أما السيد “علالي” فيقول: “تسيل الدروس الخصوصية لعاب الأساتذة الذين صاروا يعتبرونها مصدرا إضافيا للمال، فهم يرون الراتب الشهري الذي يتقاضونه غير كافٍ ولا يفي بكل متطلباتهم، لذلك تراهم يبذلون جهدا أكبر من أجل ضمان تلاميذ جدد في المواسم الدراسية المقبلة، وعلى العكس في دروس الدعم التي يقدمونها في المؤسسات التربوية، التي يبقون التلاميذ النجباء من أجل توفير بعض الجهد للدروس الخصوصية التي يقدمونها، وهكذا يخلقون فئة جديدة ممن هم بحاجة إلى دروس خاصة لتحسين مستواهم التعليمي”.