توسيــع النشـاط التجاري وتخفيـض مستويــات البطالة
توجيـه دفـة الإستـيراد بمـــا يتـــلاءم مــع حاجيات السـوق الوطنيــة
رؤية استراتيجية تهدف إلى إدماج الشبـاب في سلسلـة الإنتـاج الوطنـي
يؤكّد أستاذ الاقتصاد بالمركز الجامعي علي كافي بتندوف، الأستاذ الدكتور محمد بودالي، أنّ تسوية وضعية الشباب العاملين في مجال الاستيراد له تبعات ونتائج اقتصادية واجتماعية، فمن الناحية الاقتصادية، يمثّل القرار خطوةً مهمة نحو محاربة الاقتصاد الموازي، الذي لطالما شكّل عائقاً أمام جهود التنمية.
وقال بودالي إنّ معظم الشباب الناشطين في حقل الاستيراد المصغّر يعملون خارج الإطار القانوني والرسمي، ما يجعلهم غير خاضعين للرقابة الضريبية وغير مساهمين في الجباية الوطنية، مشيراً إلى أنّ إدراجهم ضمن نظام المقاول الذاتي سيمكّنهم من الحصول على بطاقة مقاول وملف جبائي رسمي، ما يعني دخولهم في السلسلة الاقتصادية كغيرهم من التجار الطبيعيين ويدعّم الخزينة العمومية ويخلق ديناميكية جديدة قائمة على إدماج الفاعلين الاقتصاديين غير الرّسميين.
وأوضح أستاذ الاقتصاد بالمركز الجامعي علي كافي أن هذا الإجراء الرامي الى محاربة القطاع الموازي، سيساهم بشكل فعّال في خفض مستويات البطالة، من خلال منح هؤلاء الشباب منفذاً قانونياً وهامشاً أوسع يتيح لهم ـ في إطار القانون- ممارسة نشاطهم التجاري بشكل منظّم، والاستفادة من مزايا الضمان الاجتماعي، ممّا سيقلّل من نسبة البطالة في صفوف الشباب، ليتحوّل الشاب بذاك من طالب عمل إلى رب العمل.
وأردف قائلاً إنّ هذا الإجراء سيفتح الباب على مصراعيه لتوسيع النشاط التجاري ببلادنا، واستحداث مناصب شغل جديدة غير مباشرة في قطاعات مرتبطة بالاستيراد كالنقل والتخزين واللوجيستيك.
وأشاد بودالي بقرار تشكيل لجنة تحت إشراف الوزير الأول لتحديد المواد والمنتجات التي يمكن استيرادها، وهو ما اعتبره المتحدّث قرينة واضحة على حرص السلطات العليا بالبلاد على توجيه دفة الاستيراد، بما يتلاءم مع حاجيات السوق الوطنية، حيث سيُسمح للشباب باستيراد منتجات استهلاكية نهائية موجّهة للعائلات، أو مواد أولية أو نصف مصنّعة موجّهة للمؤسّسات الصناعية، ما يعزّز في استقرار القطاع الصناعي ويحقّق التكامل التجاري، الأمر الذي من شأنه الانتقال بالشباب المستوردين من دائرة التجارة فقط، إلى مساهمين فعليّين في التنمية الصناعية.
وعرّج بودالي للحديث عن تداعيات هذه الخطوة من الناحية الاجتماعية، مؤكّداً بأنّ هذا القرار نابع من رؤية سديدة وتبصّر حكيم للدولة لمحاربة الظواهر السلبية، التي قد تنجم عن تفاقم البطالة وانعدام الاستقرار المجتمعي.
تحدّث أستاذ الاقتصاد بالمركز الجامعي تندوف بإسهاب عن المزايا التي يوفّرها نظام المقاول الذاتي، مشيراً إلى أنها تتناسب بشكل كبير مع قدرات الشباب المحدودة، سواء من حيث الإعفاء من القيد في السجل التجاري، وعدم الإلزامية بعقد ملكية أو إيجار لمحل النشاط، بالإضافة إلى أنه يتيح نظام ضريبي مبسّط لا يتجاوز 0.5% من رقم الأعمال السنوي.
ولَفَتَ بودالي - في الأخير - إلى أنّ هذا الإجراء، بكل أبعاده الاقتصادية والاجتماعية، يعكس بحق رؤية استراتيجية وشاملة تهدف إلى إدماج الشباب في سلسلة الإنتاج الوطني، كما أنها خطوة حكيمة ومتبصّرة ترمي إلى تحصين الشباب الجزائري من مخاطر الإنحراف والتطرّف والآفات الاجتماعية.