تنظيـــم السوق الموازيـــة.. عدالــة تجاريـة وشمـول اقتصـادي
بولنوار: الإدمــاج فــي آليـة “المقـــاول الذاتي” دعم حقيقي للشبـاب
تميــم: الرّئيـس برهـن أنـه قريـب مـن اهتمامـات الجزائريّـين
الحيدوســي: ضــمّ السـوق الموازيــة إلى الاقتصـاد الرّسمـــي يدعـم الاستثمار
ثمّنت جمعيات ومنظمات مهنية وخبراء قرارات رئيس الجمهورية، التي أعلن عنها في اجتماع مجلس الوزراء الأخير، خاصة تلك التي تخص تسوية وضعية ما يعرف بـ«المستوردين غير القانونيّين” أو تجار “الكابة”ـ واعتبروا هذه القرارات خطوة إيجابية نحو تنظيم السوق وتحسين ظروف النشاط التجاري في البلاد.
أكّد رئيس جمعية التجار الحاج طاهر بولنوار لـ«الشّعب”، أنّ قرارات رئيس الجمهورية تحمل أبعادا اجتماعية واقتصادية غاية في الأهمية، إذ ستساهم في دمج فئة واسعة من الشباب في النشاط التجاري المنظم، بعدما ظلت تمارس نشاطها في إطار غير قانوني، رغم مساهمتها في تموين السوق بالمواد التي يقل فيها الإنتاج الوطني، معتبرا أنّ هذه الخطوة ستسمح لهؤلاء الشباب بضمان مورد رزق قانوني يجنّبهم البطالة والإنحراف، خاصة وأنّ العديد منهم يعيلون عائلات ويؤدون أدوارا مهمة في سدّ بعض احتياجات السوق الوطنية.
وتعد هذه الخطوة فرصة لتنظيم السوق بشكل أفضل، وتحقيق المساواة بين التجار، دون أن تثقل كاهل الشباب أو تحملهم أعباء إضافية، كما تعتبر اعترافا بالدور الذي يلعبونه في تلبية حاجيات السوق، وتمهّد لدمجهم تدريجيا في الاقتصاد الرّسمي، ممّا يساعد الدولة على تحسين التخطيط وتقليل الفوارق بين الناس.
وأعرب بولنوار عن ارتياح جمعيته للتوجّه الجديد الرامي إلى ترشيد عملية الاستيراد، من خلال إنشاء لجنة مختصة لتحديد قائمة المواد المسموح باستيرادها من قبل هؤلاء التجار، مع التأكيد على أنّ هذه الفئة ليست من كبار المستوردين، وإنما تمارس نشاطها في مجال محدود يستجيب لحاجيات يومية بسيطة لبعض المحلات والمواطنين.
في السياق نفسه، ثمّن بولنوار توجيهات وزير التجارة الداخلية المتعلقة بحصر عمليات الحجز في المنتجات المستوردة المنتهية الصلاحية أو الفاسدة فقط، ما يدعو إلى المزيد من التنسيق بين الجهات الرّقابية لحماية المستهلك دون المساس بحقوق التجار النزهاء الذين يعملون بشفافية.
وأوضح بولنوار أنّ قرار إدماج الشباب ضمن المنظومة القانونية، لاسيما من خلال آلية “المقاول الذاتي”، سيمثل دعما حقيقيا لمسار إنشاء المؤسّسات المصغّرة والناشئة، ويساهم في تعزيز مساعي الدولة في محاربة السوق الموازية وتشجيع الشباب على الانخراط في الاقتصاد الرسمي، وأكّد أنّ هذه القرارات تأتي ضمن رؤية شاملة لرئيس الجمهورية، تهدف إلى تحسين معيشة المواطنين من خلال تلبية حاجياتهم الأساسية، والحفاظ على استقرار السوق الوطنية بما يضمن توفر السلع بأسعار معقولة، كما تسعى هذه التوجهات إلى حماية القدرة الشرائية، خاصة في ظل التقلبات الاقتصادية، من خلال تنظيم عمليات الاستيراد بشكل مدروس، والاعتماد أكثر على الإنتاج المحلي.
المنسّق الوطني للمنظمة الجزائرية لحماية وإرشاد المستهلك ومحيطه، فادي تميم، قال إنّ رئيس الجمهورية يثبت مرة أخرى أنه قريب من اهتمامات ويوميات الجزائريّين، بعد الحملات التي قامت بها وزارة التجارة، والتي تم خلالها سحب عدد من المنتجات التي تدخل البلاد بطرق غير قانونية من خلال شبكات كبيرة تعمل منذ سنوات، تم اكتشاف كميات كبيرة من السلع المستوردة بهذه الطرق، رغم مخالفتها للقانون الجزائري.
وتابع المتحدث: “رئيس الجمهورية أعطى تعليمات واضحة للحكومة لتنظيم هذا النشاط، خاصة أن هناك شبابا من أصحاب المشاريع الصغيرة يمارسون هذا العمل، فبدلا من محاربتهم، يمكن تأطيرهم قانونيا، سواء عبر نظام “المقاول الذاتي” أو من خلال إنشاء مؤسّسات اقتصادية صغيرة، ما يسمح لهم بالعمل بشكل منظم وقانوني”.
وأوضح تميم أنّ الاستيراد غير الشرعي لا يهدّد الاقتصاد فقط، بل يضر بصحة المواطن أيضا خصوصا إذا كانت المنتجات حساسة كمواد التجميل أو الأغذية التي تحتاج إلى التبريد، تعرّض هذه المنتجات للحرارة أو ظروف غير مناسبة قد يفقدها جودتها، وهو ما يشكل خطرا كبيرا خاصة عندما تكون موجهة للأطفال، مثل الشوكولاطة وغيرها من السلع الاستهلاكية.
وأضاف في السياق، أن تنظيم مهنة الاستيراد بأساليب بسيطة وقانونية، يحقّق فوائد للجميع، حيث تستفيد الدولة من الضرائب، ويحصل الشباب على إطار قانوني يحمي عملهم، ويضمن المستهلك منتجات آمنة، ويتطلب ذلك تدخل وزارة التجارة لتحديد المنتجات المسموح بها وتنظيم تموين السوق، ممّا يساهم في تقليص البطالة وحماية الاقتصاد والصحة العامة.من جانبه، قال الخبير الاقتصادي أحمد الحيدوسي في تصريح لـ«الشّعب”، إنّ هذه القرارات تندرج في إطار محاربة السوق الموازية، وسعي الدولة لدمج النشاط غير الرّسمي ضمن الدورة الاقتصادية الرسمية، موضّحا أنه لا يمكن إنكار ما أعلنه رئيس الجمهورية حول بلوغ حجم السوق الموازي مستويات قياسية، خاصة في ظل وجود نشاط تجاري واسع النطاق مثل “الكابة”، الذي ظل قائما منذ سنوات.
وأشار الحيدوسي إلى أنّ القضاء على السوق الموازية يتطلب إجراءات ميدانية متكاملة، تشمل تحسين آليات الرقابة وتعزيز الثقة في المؤسسات المالية، إلى جانب تحفيز التجار الناشطين في القطاع غير الرّسمي على الانخراط في المنظومة القانونية، من خلال تسهيلات ضريبية وإدارية.
ولا يقتصر دور هذا التنظيم - يقول الخبير - في إدماج الآلاف من العاملين في هذا القطاع ضمن المنظومة الاقتصادية الرّسمية، بل يساهم أيضا في تعزيز إيرادات الدولة من خلال توسيع القاعدة الضريبية، كما يوفّر حماية للمستهلك من خلال فرض معايير رقابة وجودة تضمن سلامة المنتجات والخدمات.
وأضاف، أنّ تنظيم السوق الموازية وضمها إلى الاقتصاد الرّسمي، يمكن أن يساعد الدولة في جمع ضرائب أكثر، وزيادة المداخيل، وخلق فرص جديدة للاستثمار، كما أنه يجعل المعاملات أوضح وأسهل في المتابعة، ويقلّل من الفساد والتلاعب.