استعرض ثلّة من الأدباء والشعراء مسيرة المجاهد الشاعر والقاص القدير الراحل محمد الأخضر عبد القادر السائحي، وأجمعوا على أن ما قدمه للساحة الثقافية الجزائرية والعربية يعتبر بصمة فريدة في سماء الفكر والأدب.
نظم اتحاد الكتاب الجزائريين بالجزائر العاصمة احتفاء باليوم الوطني للذاكرة، ندوة فكرية خاصة بالمجاهد الشاعر الكبير محمد الأخضر عبد القادر السائحي، تم التطرق فيها إلى أعماله الأدبية ومساره النضالي، شارك فيها مجموعة من أصدقاء الفقيد من روائيين وشعراء، وبحضور عائلته والمقربين منه.
وبالمناسبة، أشاد رئيس اتحاد الكتاب الجزائريين يوسف شڨرة، بخصال الراحل الذي كان بالنسبة له “الأب الروحي”، كما توقف في كلمته عند محطات بارزة شكلت بدورها اللبنة الأساسية لـ«اتحاد الكتاب الجزائريين”، باعتباره صرحا ثقافيا ومنارة لتقصي جماليات الحرف وتخليد الرقي الفكري المتصل بالهوية والذاكرة الجماعية.
ومن جهته، استعرض الأستاذ محمد العلمي السائحي (نجل ابن عم الراحل) السيرة الذاتية لحارس نبض الأقلام الجزائرية، محمد الأخضر عبد القادر السائحي، معرجا في السياق على أعماله ووظائفه، ونضاله وجهاده..كما أشار إلى بعض الأسماء الثقافية التي عايشت الراحل وتعاملت معه وأثرت وتأثرت به، أمثال الأديبين الراحلين مالك حداد وعبدالله الركيبي والأديبة القديرة زهور ونيسي.
وبدوره، تطرق رابح بلحمدي إلى السيرة الأدبية للفقيد الذي عاش قبل وإبان وبعد الثورة الجزائرية المباركة وفيا للقصيدة والقصة ليقول “كان سيف الشعر ومئذنة الوطن..فهو ليس مجرد شاعر، بل صفحة من صفحات الوطن، حيث كتب بالجمر الساخن يوميات الثورة”.
كما أشار بلحمدي أن “الرجل كتب عن فلسطين أكثر مما كتب عن الجزائر، كتب عن الجراح الحية في أعماق الأمة”، وأضاف “هو ذلك الشاعر الذي تتقدم قصيدته صرخات المسجد الأقصى، بل وتبقيه وجعا عربيا لا يموت، لقد جعل القدس في قلب الجزائر والجزائر في قلب الأمة”.
أما الشاعر ابراهيم قارعلي استذكر “السائحي الصغير” من خلال شهادة مجروحة في حقه، ممزوجة بين الحنين والاعتراف وعميق الامتنان لمواقف عكست دعم الرجل ومرافقته له، كان قد وثقها بعدما ووري الفقيد مأواه الأخير في الفاتح من جانفي عام 2023، لتكون بمثابة وثيقة خالدة كتبها تلميذ وفي إلى معلمه “القدوة” الذي لقنه معنى الكلمة قبل كتابتها، وزرع فيه بذور الصدق والوفاء تجاه عالم الأدب الذي لا يرضى بغير الأوفياء والمخلصين للإنسانية رفيقا وأنيسا، ولسان حاله يقول “عشت كبيرا وستبقى كبيرا في قلوبنا يا أستاذنا السائحي الصغير”.
بينما فتح الأستاذ أحمد منور صفحات مضيئة من تاريخ مسيرة الراحل، وسلط الضوء وبإسهاب على ميزة الصبر التي كانت تلازم الفقيد، إلى جانب ما كان يتمتع به من أخلاق عالية تجاه الجميع ـ حسب المتحدث ـ لاسيما حمله لهموم وانشغالات الطبقة المثقفة واجتهاده في إسماع صوتها في المنابر الأدبية.
أما ألروائي أمين الزاوي، فلقد تحدث عن عبقرية الفقيد أثناء توليه مسؤولية اتحاد الكتاب الجزائريين، وعن علاقته بالعديد من الأسماء والقامات الأدبية، وحرصه على الالتفاف حول الأدب الجزائري، بما في ذلك امتداداته الإفريقية، كما تناول مواقف طريفة وأخرى حزينة شكلت في تفاصيلها ذلك الرقي الأخلاقي والحس الإنساني، الذي كان يتميز به هذا الرجل الذي كتب اسمه بحروف ماسية على جبين التاريخ الأدبي والفكري الجزائري والعربي.
وفي سياق متصل، اختتم اللقاء بتكريم عائلة الراحل، حيث تسلمت ابنته “مهاة” الشهادة من طرف يوسف شڨرة مرفوقا بالروائي أمين الزاوي وأحمد منور ومجموعة من القامات الأدبية التي سجلت حضورها في أجواء اختلطت فيها المشاعر بصور الفقد والفخر والاستذكار والترحم.