طباعة هذه الصفحة

البروفيسور رمضاني لعلا لـ «الشعب»:

تكريس استراتيجية استباقية لمحاصرة المضاربين ومفبركي الندرة

وزارة التجارة وضعت خطة ناجعة لتوفير مستلزمات رمضان من مختلف المواد

قال البروفيسور رمضاني لعلا، من جامعة الأغواط، إن السوق الجزائرية تشهد في المرحلة الأخيرة تذبذبا وارتفاعا في الأسعار، خاصة المواد الاستهلاكية، بسبب عدم التوازن بين الوفرة والطلب المحلي على المواد الاستهلاكية، مما أدى إلى رفع أسعار بعض المواد من طرف المضاربين وتجار المواسم.
أشار الخبير الاقتصادي إلى وجود سوء توزيع للمواد الاستهلاكية المدعمة، على غرار الزيت والسميد، مما تسبب في قلق للمستهلك، خاصة ونحن مقبلين على شهر رمضان. واستطرد قائلا: «كان يجب اعتماد رؤية قبلية لحل مشكل التذبذب المطروح في كل مرة، لأن كل الإمكانات متوفرة، والمنتجات الفلاحية موجودة سواء المنتج المحلي أو من خلال اللجوء الى استيرادها من الخارج».
وأكد أستاذ الاقتصاد بشأن المواد الاستهلاكية الضرورية، أن الحكومة وفرت مادة الزيت من خلال إنشاء مصانع جديدة، لكن تبقى الندرة تطرح أحيانا، وهذا يعود إلى غياب إحصائيات دقيقة حول المواد المنتجة محليا. وأشار - في ذات السياق - إلى جهود وزارة التجارة في وضع استراتيجية ناجعة لتوفير مستلزمات رمضان من مختلف المواد الاستهلاكية.
المضاربة والتهريب.. سببان آخران
وما يجب الإشارة إليه، بحسب الأستاذ رمضاني، أنه على المستوى الدولي، سجل ارتفاع في أسعار مختلف المواد ونقص الإمدادات، هذا ما أثر على الأسعار عالميا، بالإضافة إلى أن المضاربة والتهريب ساهما في ارتفاع الأثمان والمضاربة، موضحا بشأن هذه الأخيرة أنه بالرغم من وضع قوانين صارمة وعقوبات ضد المتسببين فيها، لكن ما تزال بعض الممارسات تستوجب تفعيل الرقابة بشكل أوسع من قبل الهيئات المختصة. وأضاف، أن التهريب بدوره يسهم في ضرب السوق، وما يقوم به رجال الجمارك في محاربة هذه الظاهرة التي امتدت إلى المواد الغذائية واسعة الاستهلاك، شاهد على ذلك، لهذه الأسباب حدث خلل في الوفرة وفي الطلب المحلي.
ولمعالجة الخلل الموجود بالسوق الجزائرية، من عدم التوازن بين الوفرة والطلب المحلي على المواد الاستهلاكية الضرورية، أمر رئيس الجمهورية باستحداث آلية جديدة وجهاز يقظة دقيق بالتنسيق بين الوزارات الثلاث، الداخلية الفلاحة والتجارة.
جهاز اليقظة.. المعلومة والتموين
يتولى هذا جهاز المراقبة والمتابعة اليومية لتموين السوق بمختلف المواد الغذائية الأساسية التي أصبحت تستغل من قبل «جهات» لإحداث خلل في التموين..
هذه الآلية التي اعتمدت بهدف البحث عن المعلومة عن طريق يقظة ثابتة ومراقبة دائمة للحالة الاقتصادية والاجتماعية، أي تفعيل هذه الآلية للمساعدة في اتخاذ القرارات المناسبة والاطلاع على وضعية السوق عن كثب.
التنبؤ بالاختلالات
قال الأستاذ رمضاني، إن فاعلية هذا الجهاز تتمثل في المعلومات الحقيقية والإحصائيات الدقيقة للحصول على المعلومة في وقتها، واتخاذ القرارات المناسبة، ويمكن للحكومة أن تستعمل هذه المعلومات مسبقا للتحضير لأي مناسبة، خاصة في ظل الأزمات الاقتصادية كمثل التي تسببت فيها الحرب التي أحدثت تذبذبا في الإمداد عالميا.
يسمح جهاز اليقظة بمعرفة العراقيل المستقبلية والتحذير منها، إذ بتوفره يمكن التحكم في محاربة ظاهرة التهريب والمضاربة، وهو وسيلة إستراتيجية لتسيير الشؤون والقضايا الاقتصادية باختلافها.
وأبرز الأستاذ رمضاني، أهمية هذا الجهاز وضرورة تفعيله في اقرب الآجال، من أجل تتبع مسار السوق الوطنية، خاصة مشكل ارتفاع الأسعار والندرة المختلقة التي ترجع إلى استغلال بعض المضاربين الأوضاع لإلهاب السوق وإحداث خلل، خاصة في المناسبات الهامة، مثل شهر رمضان، أين يتضاعف الاستهلاك.
المعلوم، أن قانون المالية خصص حوالي 16 مليار دولار كحماية اجتماعية ودعم للمواد الاستهلاكية الضرورية، ورئيس الجمهورية كرّس «حماية كرامة المواطن» وجعلها أمرا واقعا، مثلما حرص على مكافحة المضاربة بالوسائل القانونية، حتى لا تؤثر على القدرة الشرائية للمواطن، إضافة إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان الوفرة، وقد تم توفير مادتي الزيت والسميد من خلال مصانع جديدة، ما يؤكد أهمية هذه الآلية في بناء استراتيجية اقتصادية وفي اتخاذ القرارات المناسبة لمعالجة الاختلالات، واتخاذ القرارات المناسبة للتحكم في السوق.
تفعيل هذه الآلية من طرف الوزارات الثلاث یعيد الاستقرار للسوق الجزائرية، بالإضافة الى آليات أخرى، مثل تكثيف أنظمة الإنذار والرقابة التي تندرج في إطار الشراكة بين الوزارة والهيئات المحلية على مستوى الولاية، الدائرة والبلدية ومديريات التجارة، فهي – يقول رمضاني - تساعد على استقرار السوق ومحاربة المضاربة والارتفاع الجنوني للأسعار.
وقال أستاذ الاقتصاد، إن إشكالية الندرة مسؤولية الجميع، السلطات المعنية، القطاع الاقتصادي عامة والمستهلك خاصة، وشدد – في سياق حديثه - على ضرورة الرقابة على الأسواق من خلال إعادة تحيين القوانين، لتكون الآليات واضحة للتاجر، المنتح وحتى المستهلك، للحد من هذه الممارسات الغريبة، خاصة وأن بعض القوانين – يقول الخبير - ما تزال غير محينة، مما أدى إلى إحداث غموض واضطراب في التطبيق، بالإضافة إلى غياب تنظيم السوق من ناحية الإنتاج، التوزيع والاستهلاك، مما يستوجب الاستعانة بآليات جديدة وتنظيم لقاءات دورية بين المتعامل الاقتصادي، المجتمع المدني والسلطات لإعادة بناء السوق، فالإمكانات متوفرة (المنتوج، الدعم المالي والمتعامل الاقتصادي) والتوليفة موجودة.
من جهتهم، دعا عدد من الخبراء والمختصين عبر صفحاتهم على منصات التواصل الاجتماعي، إلى للحد من تفاقم هذه الظواهر، خاصة في رمضان، من خلال التوعية بتغيير السلوك الاستهلاكي والتفكير في منطق الاستهلاك اليومي الضروري فقط، «أي ترتيب الأولويات الغذائية»، مؤكدين أنه إلى جانب التجار، فإن المستهلك يتحمل جزءا من المسؤولية بسبب غياب ثقافة ترشيد الاستهلاك، والإهمال وعدم الاكتراث بالوضع الذي يؤدي الى مثل هذه النتائج.
واقترح أحد أساتذة الاقتصاد عبر صفحته الإلكترونية، ضرورة تفعيل جهاز التبليغ عن الارتفاع المفاجئ وغير المبرر لأسعار مختلف المواد الغذائية، أو الاحتكار المتعمد لبعض السلع، وهذا لتحقيق التوازن بين الآليات التي اعتمدتها الحكومة لحل إشكالية التموين، والقضاء على الاحتكار وارتفاع الأسعار.
وأجمع المختصون على ضرورة فرض رقابة شديدة من طرف أعوان التجارة لتفادي أزمة ارتفاع الأسعار والندرة، مبرزين أهمية اعتماد ملف رقمي حول عدد الباعة ومجالات نشاطهم من أجل مراقبتهم.