ومان: توفـير حظيرة صناعيـة تحويليـة لجلـود الأغنـام..ضـرورة
كحلــوش: عمليــات الاسترجـاع تكفــل ثروة بقيمـة 7 ملايــين دولار
يمثل عيد الأضحى يوما استثنائيا لما ينتجه من كميات قياسية لجلود الأغنام، وفي هذا الإطار تندرج الحملة الوطنية لجمع جلود وصوف الأضاحي التي أطلقتها وزارة الصناعة، تحت شعار «نضحي، نسلخ ونملح…ونساهم بهيدورة تصلح»، وذلك بالتنسيق مع مختلف القطاعات الوزارية والهيئات والجمعيات.
يرى الخبير في تسيير النفايات والمدير السابق للوكالة الوطنية للنفايات كريم ومان لـ «الشعب»، أن لجلود الأضاحي أهمية اقتصادية، حيث بإمكانها خلق الثروة ومناصب الشغل من وراء عملية الاسترجاع والتدوير، غير أن العملية تتطلب إدارة مختلفة عن النفايات المنزلية، كما تمثل الإدارة الحالية لجلود الأغنام، وخاصة في يوم العيد، فرصة كبيرة غير مستغلة لدعم الاقتصاد الوطني.
تتمتع الجزائر بإمكانات كبيرة تؤهلها لتصبح فاعلا مهما في صناعة الجلود على الصعيد الدولي، حيث تتم عملية إنتاج كميات كبيرة من هذه المادة على مدار السنة، إضافة الى الإنتاج الاستثنائي لجلود الأضاحي خلال يوم العيد، غير أن نسبة ضئيلة فقط من هذه الكميات تنتهي في مصانع التدوير، مما يؤدي إلى إهدار مادة خام ذات قيمة سوقية عالية للاقتصاد الوطني.
وحتى تكون جلود الأغنام ملائمة لعملية إعادة التدوير، يجب أن تستوفي المعايير الفنية الأساسية، بما يضمن الحفاظ على جودتها وسلامتها أثناء عملية النحر والجمع والنقل والمعالجة، وتثمينها يتطلب مراعاة المعايير الدولية المطلوبة.
ولكي تكون قابلة للاسترجاع، يؤكّد ومان على ضرورة أن تكون خالية من الأوساخ وغيرها من الملوثات، حيث أن أي مادة غريبة يمكن أن تعيق عملية إعادة التدوير، وتقلل من جودة المنتج النهائي، وبالإضافة إلى ذلك، يجب الحفاظ على الجلود بشكل صحيح، عن طريق التمليح أو التبريد، لمنع نمو البكتيريا وتجنب التحلل، مما يضمن بقاءها في حالة جيدة حتى تتم معالجتها.
وتعد سماكة ومرونة الجلود من معايير الجودة أيضا ـ حسب ما لفت إليه المتحدث ـ إذ يجب أن تكون الجلود ذات سمك موحد وتحتفظ بمرونتها، كما أن الاختلافات في السمك يمكن أن تؤدي إلى نتائج معالجة غير متسقة، في حين أن المرونة ضرورية لمراحل التصنيع اللاحقة، وبالإضافة إلى ذلك، يجب أن تكون الجلود خالية من الثقوب والجروح وغيرها من الأضرار المادية، حيث يمكن أن تؤثر هذه العيوب على سلامتها وصلاحيتها للتحويل.
بالنسبة للخبير ومان فإنّ توفر حظيرة صناعية تحويلية لجلود الأغنام، تصبح ضرورة ملحة، والتي تضمن طلبا دائما وكبيرا على هذه المادة الخام، مشيرا إلى أن عدم وجود منظومة ذبح تتماشى والمتطلبات التقنية السالفة الذكر وعدم نجاعة الطريقة الحالية لجمع الجلود يشكّلان كلاهما عائقا كبيراً للاستغلال الأمثل لهذه المادة.
بالنظر الى قيمتها الاقتصادية، تحتاج صناعة جلود الغنم في الجزائر الى التطوير باستخدام التكنولوجيات الحديثة - يقول ومان - ويمكن للشركات الناشئة أن تقتحم هذا المجال، والمساهمة لإيجاد حلول للذبح التقليدي كتصميم ونشر أسطول من المسالخ الجوارية والمتنقلة، بالإضافة الى مزايا تحفيزية لتشجيع المزارعين والمصنعين على الاستثمار في صناعة جلود الأغنام.
ويمكن أن تشمل هذه الحوافز الإعانات والإعفاءات الضريبية والقروض منخفضة الفائدة، ومن شأن هذه التدابير أن تحفز الاستثمار وتعزز الصناعة التحويلية، ويعتقد ومان أنه من خلال تنفيذ هذه المتطلبات، يمكن للجزائر أن تعزز مكانتها في صناعة جلود الغنم فحسب، وأيضا خلق فرص اقتصادية واجتماعية جديدة وتحسين استدامة هذا القطاع الحيوي.
ويرى الخبير ومان أنّه من الضروري رسم خارطة طريق مستدامة، ووضع حوكمة مناسبة لإدارة شعبة جلود الأغنام، دون أن تتعارض مع العادات والتقاليد، ومن خلال اعتماد هذه الخارطة حول هذه المحاور الاستراتيجية، يمكن تحويل إدارة جلود الأغنام إلى نشاط مجد اقتصاديا، ومن شأن هذا النهج أن يتيح تعزيز وتخفيف مهمة البلديات في مجال النظافة العمومية، والاستجابة للمعايير التقنية لمؤسسات تدوير الجلود دون أن يتعارض مع تقاليد وعادات المجتمع، كما أكّد في هذا الصدد على أهمية الجانب التحسيسي الذي يضطلع به المسجد بشكل أساسي، وكذا الجمعيات المعنية.
استغلّوا تطبيق «مستفيد»
من جهته، كشف صاحب مؤسسة ناشئة تنشط في جمع وفرز النفايات، وصاحب تطبيق «مستفيد»، إسماعيل كحلوش، أنه يمكن لعملية استرجاع الجلود خلق ثروة بقيمة 7 ملايين دولار من خلال تصديرها للخارج، واستحداث مناصب شغل دائمة وغير دائمة.
أبرز إسماعيل كحلوش صاحب مؤسسة ناشئة تسيير النفايات، الأهمية الاقتصادية والبيئة لعملية الجمع والفرز لجلود الاضاحي، وقال في تصريح لـ «الشعب»، إن تطبيق «مستفيد» يعمل على المساهمة في استرجاع هذه الجلود من «المتبرعين «، موضحا أن عملية الجمع تتم عبر الجامعين المعتمدين من طرف هذا التطبيق.
فيما يتعلق بكيفية سير العملية، أوضح كحلوش أنها تتم من خلال تسجيل المتبرعين بجلود أضاحيهم سلفا عبر التطبيق، مشيرا الى هذه التجربة الأولى مكّنت من تسجيل الراغبين في التبرع من المواطنين، ويتوقع أن يرتفع عددهم ويبلغ الذروة ثلاثة أيام قبل العيد ويوم الاحتفال بالمناسبة.
تحدّث كحلوش عن الأهمية البيئية للعملية، حيث تسمح بالتخلص من الجلود التي تتعفن بمجرد تركها في الأماكن التي تتم فيها عملية الذبح، ولديها أهمية كبيرة من الناحية الاقتصادية، لأن الشباب إذا ما حققت له عملية الجمع فائدة، وربحا ماليا، فإنه سينخرط في العملية تلقائيا، غير أن الإشكال المطروح هو في جهات استقبال هذا الكم الهائل من الجلود الذي يتجاوز 4 ملايين قطعة جلد ناتجة فقط عن كباش الأضحية في يوم واحد.
بالنظر الى الكمية الكبيرة لجلود الأضاحي، يرى كحلوش ضرورة توسيع العملية للقطاع الخاص، وفتحها للمستخدمين كنشاط موسمي شهر أو شهرين، يقومون خلالها باستقبال الجلود وتثمينها وفرزها وتخزينها في ظروف لائقة، وهذا العمل سيخلق ثروة تتعدى سبعة ملايين دولار، ويخلق مناصب شغل موسمية وأخرى دائمة، مشيرا إلى أن الجلود الجزائرية من أفضل الجلود وهي المطلوبة بكثرة خاصة إيطاليا.
ويمكن توسيع تصدير الجلود لدول أخرى كتركيا والصين، ستشكل موردا هاما من العملة الصعبة خاصة إذا تم تصديرها كمادة نصف مصنعة وليست كمادة خام، وهذا بعد تحقيق الاكتفاء الذاتي، يعتقد المتحدث أنه إذا تمت هذه العملية بالشكل اللازم، يمكن للشاب صاحب الشاحنة الذي يقوم بعملية الجمع أن يحصل على مدخول من 20 إلى 30 ألف دينار في يوم واحد، وذلك بجمع 200 الى 300 جلدة أضحية صالحة للاستغلال والتثمين.
ولإنجاح هذه العملية، يقترح كحلوش توفير هياكل وفضاءات وهيئات الاستقبال، ولا بد كذلك من وجود عقود تضمن أخذ هذه الجلود من قبل المؤسسات المسترجعة، والاتفاق على سعر مناسب يرضي كل الأطراف.