طباعة هذه الصفحة

نحو ارتفاع الإنتاج إلى 800 ألف م٣ يوميا في 2024

وهران.. من ولاية محتاجة لـ«الماء» إلى أهمّ مموّن للغرب الجزائري

وهران: براهمية مسعودة

يحظى قطاع الموارد المائية بعاصمة الغرب الجزائري، وهران، باهتمام بالغ، تعكسه الجهود الكبيرة التي بذلتها الدولة، وما حققته من إنجازات هامة في مجالات التعبئة والنقل والتخزين في سياق المساعي الرامية لتلبية الطلب الحالي والمستقبلي، وتحقيق الاكتفاء الذاتي من المياه.

تطوّر هذا القطاع الحسّاس على مرّ السنين للنهوض بالأمن المائي والغذائي، هذين المتلازمين، اللذين يأتيان في صدارة أولويات البلاد، تقابلهما تحديات التغير المناخي وتهديدات الشحّ المائي.
وعلى الرغم من التقدّم الذي أحرزته وهران في مجال المياه، ما تزال هناك تحديات ملّحة، تنتظر الجهات الرسمية المنظمة للقطاع، وحتى المواطن، سيما إذا علمنا أن الاستهلاك الحالي للماء - حسب المديرية الولائية للموارد المائية وتحليلها للعجز - يتراوح بين 450 ألف و500 ألف متر مكعب في اليوم، إلى 600 ألف متر مكعب في موسم الاصطياف، فيما يتراوح الإنتاج بين 570 ألف و580 ألف م³، منها 80 ألف متر مكعب، توجّه للمجال الاقتصادي.
ونذكر هنا بإيجاز بعض المناطق التي ما تزال تعاني من شحّ المياه، ومنها الجهة الشرقية الجنوبية، وبالأخص بلدية طافراوي، وكذا الجهة الشمالية الغربية، وعلى رأسها عين الترك ومرسى الحجاج، فيما تتميز المياه الجوفية ببلدية بوتليليس بالملوحة المرتفعة؛ ما دفع إلى إنجاز محطة لنزع الملوحة بمنطقة بريدية، والتي يتراوح إنتاجها بين 15 ألف و16 ألف متر مكعب في اليوم.
 وأفاد رئيس مصلحة تزويد المياه الصالحة للشرب بمديرية الموارد المائية، بختيار رابح، في تصريح لـ»الشعب» أنه «لتكون وهران، التي تحتل المرتبة الثالثة، بعد العاصمة وسطيف من حيث عدد السكان، في أريحية وتعود لبرنامج توزيع بـ24 ساعة يوميا لـ90 بالمائة من سكانها، لابد من السعي لتحقيق متوسط إنتاج، لا يقل عن 620 ألف متر مكعب من المياه يوميا».

الهدف.. الأمن المائي..

وقد حرص بختيار في البداية على الإشادة بالجهود المتواصلة والحثيثة في مجال تطوير مصادر المياه غير التقليدية، الموجهة للاستعمال المنزلي والاقتصادي، وعلى رأسها محطات تحلية مياه البحر، ومحطات نزع الملوحة، وإعادة استعمال المياه المعالجة في الزراعة.
قال محدثنا: «لا يمكن إغفال التطورات التي شهدتها عملية التزويد بالمياه الصالحة للشرب خلال السنوات الأخيرة، لاسيما بعد وضع حيز الاستغلال نظام الماء، ومحطة تحلية مياه البحر بالمقطع؛ كأهم مرحلة لبداية انتعاش أزمة مياه حادة، بسبب نقص الموارد المائية، وخاصة الجوفية، وحتى من جانب النوعية، عرفت بالملوحة، فيما كانت كل مصادر المياه، خارج الولاية، وتتموّن من تلمسان، معسكر، غليزان، مستغانم».
 واعتبر محدثنا أن «وهران تكتسي أهمية بالغة، تجسّدت في زيارة رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون الذي أعطى إشارة انطلاق مشروع إنجاز محطة تحلية مياه البحر بالرأس الأبيض بسعة 300 ألف متر مكعب يوميا ببلدية عين الكرمة (غرب الولاية)، وذلك في إطار زيارة العمل والتفقد لهذه الولاية، شهر جوان الماضي».
وتتواصل أشغال الصيانة على مستوى محطة المقطع (شرق الولاية) التي تعتبر مكسبا هاما للجهة الغربية للوطن، من أجل بلوغ الطاقة النظرية، المقدر بـ500 ألف متر مكعب يوميا في السنة القادمة 2024، فيما يقدّر الإنتاج الحالي بـ300 ألف متر مكعب.
وأوضح المسؤول ذاته، أن «دخول هذه المشاريع حيز الخدمة، سيرفع الإنتاج إلى 800 ألف متر مكعب يوميا، ما يسمح بالاستغناء عن 100 ألف متر مكعب، تتزود بها وهران من محطة شط الهلال، المتواجدة بإقليم عين تموشنت، لتخصص بذلك فقط للولاية».
واستنادا إلى التوضيحات المقدمة، تجلب الاحتياجات المحلية اليومية من أربع محطات لتحلية المياه التالية، وهي: المقطع في مرسى الحجاج التي تنتج حاليا 300 ألف متر مكعب، وتمول 90 بالمائة من احتياجات ولاية معسكر، ومحطة كهرماء في أرزيو بطاقة 80 ألف متر مكعب، يستغل منها 50 ألف للاستعمال المنزلي، والباقي يوجّه للمنطقة الصناعية، بالإضافة إلى محطة شط الهلال المتواجد بإقليم عين تموشنت، والتي تعتبر الممول الرئيسي للجهة الغربية بـ100 ألف متر مكعب، وكذا المحطتين الصغيرتين، المتواجدتين على مستوى إيدين، المقدرة سعتها بـ540 متر مكعب، وبوسفر ببلدة عيون الترك بطاقة 450 متر مكعب.
ومن نقاط التعبئة غير التقليدية، نجد أيضا محطة نزع الملوحة «بريدية»، بمعدل 15 ألف متر مكعب، مع ضبط برنامج خاص لرفع الإنتاج إلى 20 ألف و25 ألف متر مكعب، وكذا حوض التخزين بمنطقة «دزيوة»، التي تراجعت قدرة إنتاجه من 13 مليون إلى 1 مليون متر مكعب، بسبب الجفاف، وهو بمثابة محطة تخزين طبيعية، تعمل على تمويل ولايتي عين تموشنت ووهران بالمياه الصالحة للشرب.

نحو القضاء على النقاط السوداء بشبكة التوزيع

وفيما يتعلق بمشكل قدم واهتراء شبكات التزود بالمياه الشروب، كشف رئيس مصلحة تزويد المياه الصالحة للشرب، بختيار رابح، عن «مشروع هام، استفادت منه المديرية في إطار ميزانية الولاية للقضاء وامتصاص النقاط السوداء بشبكة التوزيع عبر الولاية، وذلك بتركيبة مالية قدرها 10 ملايير سنتيم».
و»يجري تجسيد المشروع عبر ست عمليات، انطلاقا من بلدية وهران الأم، والتي انطلقت الأشغال على مستواها، مع التركيز خاصة على الأحياء القديمة، على غرار المقري، ابن سينا، العثمانية، حي البدر، تليها بلديات السانية وبئر الجير وعين الترك، يضيف بختيار، معتبرا أن «مشكل الهدر المائي، وعجز الموارد المائي، يشكل تحديا كبيرا للتنمية ككل، ما يستدعي تكاثف الجهود لدفع عجلة التطوير، وإدارة الاستخدام الأمثل للموارد المائية».
وكانت «الشعب»، قد تطرّقت، إلى موضوع الهدر الكبير للماء من شبكات التوزيع بوهران دائما، والتي قدّرتها الوصاية بزهاء 228 ألف متر مكعب من المياه الشروب، تضيع يوميا، جراء التسربات والسرقة، وهو ما يمثل 40 بالمائة من المياه المنتجة بالولاية.
وتبقى سلوكيات بسيطة من قبل المواطن والجهات الرسمية، كفيلة بترشيد استهلاك هذه المادة الحيوية وإدارتها على نحو تموين مستدام، بما يضمن تغطية الطلب الحالي والمستقبلي وضمان الأمن الغذائي، المرتبط بالأمن المائي، ثم الزراعة باعتبارها العمود الفقري للاقتصاد الوطني.