طباعة هذه الصفحة

الرئيس تبون يرافع لمبادرة الجزائر بنيويورك

مكافحة الإرهاب في إفريقيا.. بعلاج الأسباب لا الأعراض

زهراء. ب

تواجه القارة الإفريقية والعالم، تحديات وقف المد الإرهابي والتطرف العنيف المؤدي إليه، ولكن بآليات جديدة ومقاربة شاملة تتجاوز علاج الأعراض لتنصب على الأسباب الجذرية لهذه الآفة والعوامل المغذية لها، تقدمت بها الجزائر ودعت إلى دعمها في مجلس الأمن، لأنها ظاهرة عالمية تستدعي تحمل كل الأطراف الدولية مسؤولياتها.

الجزائر، وانطلاقا من تجربتها المريرة والناجحة في محاربة الإرهاب، قدمت مقاربة جديدة لمكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، رافعت لصالحها بنيويورك، بهدف إضفاء ديناميكية جديدة على جهود مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل والصحراء، وقدمت عدة آليات يراها المراقبون أنها فعالة لاجتثاث هذه الظاهرة، التي أخذت أبعادا مقلقة في السنوات الأخيرة. من بين هذه الآليات، تفعيل الصندوق الإفريقي الخاص بمكافحة الإرهاب، وضع قائمة إفريقية للأشخاص والمجموعات والكيانات المتورطة في أعمال إرهابية، بما في ذلك المقاتلين الإرهابيين الأجانب، تجسيد مشروع الأمر بالقبض الإفريقي.
ويسهل هذا الأمر، بحسب مراقبين، ملاحقة التنظيمات والمنظمات الإرهابية، أينما كانت، كما يصبح ملزما لكل الدول تسليم المطلوبين كلما تواجدوا على أراضيها، بالإضافة إلى التنسيق العملياتي وتبادل المعلومات الاستخباراتية في إطار رصد ومتابعة الجماعات الإرهابية والمتطرفة النشطة في مجال الجريمة المنظمة.
أما الصندوق الإفريقي الخاص بمكافحة الإرهاب، فسيساهم بإلغاء الفوارق الموجودة بين الدول الإفريقية على مستوى التمويل والقدرات المالية، بحيث يوفر الموارد المالية لدعم وتمويل مختلف البرامج المتعلقة بالإرهاب والتطرف العنيف، مع إلزام المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته في دعم ورفع قدرات الدول الإفريقية في هذا المجال.
وقد أكد رئيس الجمهورية، في كلمته للمجتمعين بمجلس الأمن، أن الجهود الكبيرة التي تبذلها الدول الإفريقية بصفة جماعية في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، على قدر أهميتها، تظل بحاجة إلى دعم ومساندة المجموعة الدولية، لأن ما تواجهه إفريقيا هو تهديد عالمي لا يعترف بالحدود ولا يرتبط بأي دين أو عرق أو جنسية.
وقال الرئيس: «قناعتنا تبقى راسخة أنه في مواجهة آفة الإرهاب، لابد من إعمال التضامن والتعاون الدوليين ضمن مقاربة شاملة تتجاوز علاج الأعراض لتنصب على الأسباب الجذرية لهذه الآفة والعوامل المغذية لها»، داعيا الشركاء الدوليين إلى العمل بصفة ثنائية وجماعية في إطار الأمم المتحدة على دعم الجهود الإفريقية في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، لاسيما الخاصة بتعزيز قدرات الدول الإفريقية، ومنع استخدام أراضي الشركاء الدوليين كمنصات للتحريض أو دعم أنشطة إرهابية في دول أخرى، مع مضاعفة الجهود لتفادي المساهمة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في تمويل الإرهاب، ودعم الآليات والعمليات المشتركة المفوضة من قبل الاتحاد الإفريقي لمكافحة الإرهاب، خاصة عبر الفصل في مسألة تمويلها باللجوء إلى ميزانية الأمم المتحدة، وكذلك العمل على بلورة جيل جديد لعمليات حفظ السلام بحكم أن النموذج التقليدي لهذه العمليات لم يعد يتماشى مع الواقع والتهديدات الجديدة، لاسيما مواجهة الإرهاب والجريمة المنظمة، لأن الوقاية منهما تستدعي درجة عالية من اليقظة والتعبئة والتعاون الدولي.
من جهة أخرى، تنطلق مقاربة الجزائر لمكافحة الإرهاب والتطرف في إفريقيا، من عامل «أمن- تنمية»، حيث أنه لا يمكن تحقيق استقرار مستدام دون تنمية، والتحدي الآني والمستقبلي هو وقف امتداد واتساع الرقعة الجغرافية للآفة الإرهابية إلى وجهات كانت آمنة من شر الإرهاب، لأن تنامي حدة هذه الآفة في العديد من المناطق الإفريقية، وبالخصوص في منطقة الساحل والصحراء، أضحت تشكل الخطر الأبرز على أمن واستقرار القارة، فضلا عن تقويض جهود التنمية الاقتصادية وتجسيد أهداف أجندة 2063.