طباعة هذه الصفحة

تسابيح راقية في مهرجان الأغواط

السّماع الصّوفي..حقل للتّربية الرّوحية والرّقي الأخلاقي

أمينة جابالله

 تختتم اليوم بدار الثقافة “التخي عبد الله بن كريو” وبإشراف كل من ممثل وزيرة الثقافة والفنون رئيس الديوان محمد سيدي موسى ووالي ولاية الأغواط فضيل ضويفي، الطبعة التاسعة للمهرجان الثقافي الدولي للسماع الصوفي بالأغواط، تحت شعار “ألحان الجزائر دعوة للتسامح وسمو الروح”، باسم الشيخ أبي العباس سيدي أحمد التجاني، والتي جرت مراسيمها من 12 إلى 15 أفريل الجاري، حيث عرفت الفعالية حضورا شرفيا لنجل الخليفة العام للطريقة التيجانية سيدي عمار التجاني ابن سيدي الحاج علي بلعرابي، واتسمت بمشاركات دولية متمثلة في ثلاث عشرة دولة من مختلف القارات.

 نوّهت وزيرة الثقافة والفنون صورية مولوجي في كلمتها التي ألقاها نيابة عنها رئيس الديوان محمد سيدي موسى، عن الحدث الهام الذي تحياه الجزائر بمشاركة ضيوفها الكرام، في رحاب الأغواط، هذه المدينة العامرة بأصالة تاريخها وثراء إبداعاتها، والشامخة برجالها الصالحين وأوليائها الفالحين، نوهت ببرنامج الندوات الفكرية المرافقة للسهرات الذوقية الراقية، خاصة على المقاربة الوظيفية للسماع وكيف يكون حقلا للتربية الروحية والرقي الأخلاقي وسمو الروح، ونشر فضيلة المحبة والتسامح، قائلة بأنها “القيم الكبرى التي نحتاجها جميعا اليوم في عالم عاصف بالماديات والحروب والشحناء”.
كما أثنت الوزيرة على كل من شارك في الحضرة المباركة المعبقة بفيوضات من المعرفة والإحسان، وأصفى الألحان وهي تصدح بمحبة الله جل في علاه، وبمحبة حبيبه ومصطفاه سيدنا ﷺ، وبسيرة رجال الله الصالحين من كل الربوع وفي كل العصور، لاسيما مساهمته في معارج هذا الارتقاء الروحي على بساط الأنغام المقدسة في الوجدان في العشر الأواخر من الشهر الفضيل، ليحيي ـ تقول ـ حالة من السمو والتسامي في الطبعة التاسعة من المهرجان الثقافي الدولي للسماع الصوفي الموسومة بـ “سيدي الشيخ أبي العباس أحمد التجاني”، وهو ــ سيدي أحمد التجاني ــ على غرار كبار متصوفة بلادنا من مفاخر التصوف الجزائري منذ قرون خلت، والتي لاتزال أنواره تعم أرجاء العالم في كل القارات إلى يوم الناس هذا.
وجاء في كلمتها أيضا إنّ “وزارة الثقافة والفنون لتولي هذا الموعد الثقافي المعرفي والفني بامتياز القدر الكبير من الأهمية اعتبارا بأنّ السماع الصوفي من الفنون الروحية الأصيلة،  والمتجذرة في التربية الإسلامية بشكل عام، وفي الثقافة الشعبية العربية المسلمة والجزائرية، وقد ساهم السماع كونه رافدا تربويا أساس السماح لأهل التصوف، ومع كل النخبوية التي تسم التجربة الصوفية في مستويات كثيرة، أن يعيدوا للمديح وللغناء الروحي نضارته، وروحه الشعبية المتوهجة ليكون فنا من فنون الشعب يتداولونه في المساجد والأسواق وفي الأفراح والأحزان”، وأضافت “من هذه الثروة الشعبية والشعورية الكبرى كانت العناية به وتضاعف باستمرار ما جعله في الغالب الأعم مرتبطا بحضرة الذكر والعلم، بل صار أحد مقامات التصوف مسلكا نبيلا، وشرفا عزيز المرام”.  
أجواء روحية..
 كان المهرجان الذي اختير لدورته التاسعة رمز “الحضرة المولوية (الدراويش)، ملونا بالألوان الوطنية ومطرزا بشعار الدورة التاسعة “ألحان الجزائر دعوة التسامح وسمو الروح”، كان فرصة حقيقية لتفعيل الجو الرمضاني وإشاعة الأجواء الروحية للتسامح من خلال الألحان والأمداح والأذكار التي تنافست الفرق الحاضرة في ترنيمها للجمهور الأغواطي، لاسيما الندوات الفكرية التي نشطها ثلة من الباحثين والدكاترة خير مجسد للتحاور العالمي المفيد في مجال السماع الصوفي.
وحسب ما صرح به محافظ المهرجان الدكتور أحمد بن الصغير لـ “الشعب”، فإن الحدث عرف مشاركات الدولية من ثلاث عشرة دولة من القارات الثلاث هي كبانيا، مصر، السودان، ليبيا موريتانيا، فلسطین، روسیا، سوريا، تونس، تركيا، أوزباكستان، اليمن، الجمهورية العربية الصحراوية، بالإضافة إلى المشاركات الوطنية من عدة ولايات لباحثين وفرق للسماع الصوفي، حيث قدر عدد المشاركين من الخارج بـ 92 مشاركا، ومن الداخل بـ 120 مشارك من باحثين وفرق وطنية ومحلية، مضيفا أن برنامج التظاهرة توزع على نشاطين، نشاط للندوات الفكرية بمركز البحث في العلوم الإسلامية والحضارة، لمدة يومين نشطها 34  باحثا من 16 مؤسسة بحثية وجامعية وطنية ودولية، تم خلالها تناول أربع محاور حول السماع الصوفي، بينما نشط السهرات الفنية ـ يقول ـ سبع فرق دولية وست فرق وطنية وأربع فرق محلية، في السماع والمدائح الصوفية بدار الثقافة عبد الله بن كريو، بالإضافة إلى أنشطة جوارية  تمثلت في معارض جزائرية وأجنبية المنظمة في عدة بلديات من الولاية كأفلو وحاسي الرمل، حيث تم من خلالها التعريف بما جادت به أيادي الحرفيين المبدعين للصناعة التقليدية.
ّماع الصّوفي..رسالة التّسامح
 تم التطرق في الندوة الفكرية التي نشطها أكثر من 34  باحثا من 16 مؤسسة بحثية وجامعية وطنية ودولية إلى أربعة محاور وهي “السماع الصوفي والتربية الروحية”، “السماع الصوفي والترقي الأخلاقي”، “السماع الصوفي وخلق ثقافة التسامح”، إلى جانب السماع الصوفي نحو سمو الروح والكمال في المعرفة”، ترأّسها الدكتور “نور الدين بن نعيجة، حيث سارت مجرياتها على مدار يومين (صبيحة أول أمس الخميس وصبيحة اليوم السبت) بـ “مركز البحث في العلوم الاسلامية والحضارة بالأغواط” لدعم للفن الراقي والثقافة الأصيلة.
عروض وسهرات فنيّة جوارية
 شارك في السهرات الفنية المنظمة في دار الثقافة عبدالله بوكريو التخي، كل من مجموعة الأغواط، فرقة “القوقاز بقازان” من فيدرالية روسيا المتحدة، فرقة “بحور المداحين للمالوف والموشحات والقصائد والأذكار” من ليبيا، فرقة “القنادسة العامة، الفردة” من ولاية بشار، فرقة “قونيا للموسيقي الصوفية” من تركيا، “رابطة مجالس الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم” من جمهورية مصر العربية، إضافة إلى “الفرقة السماعية الصوفية” من السودان، فرقة الأنوار للمدائح والموشحات من تلمسان، والفرقة القادرية من سوريا.
ومن جانب آخر، عرف المهرجان سهرات جوارية ببلدية أفلو، وعروض لكل من الفرقة القادرية للسماع الصوفي فرقة الحضرة الكيلانية لأنوار القادرية - قفصة - من تونس وفرقة جمال العمري، وذلك على غرار الوصلات الشيقة التي قدمته للجمهور الأفلاوي كل من رابطة مجالس الصلاة على النبي ﷺ وفرقة قرنيا للموسيقى الصوفية.
للإشارة، عرفت الفعالية تكريم شيخ المداحين بالأغواط “المقدم ابراهيم التخي”، ومداخلة للشيخ تاج الدين الطيبي، إلى جانب عرض فيديو حول الطبعات السابقة للمهرجان الثقافي الدولي للسماع الصوفي بالأغواط، كما نشّط السهرات الثلاث الماضية، سبع فرق فنية دولية، وست فرق وطنية، وأربع فرق محلية، ومن المرتقب أن يسدل الستار على الفعالية خلال سهرة اليوم، وذلك بمشاركة 05 فرق منها اثنتين من دولة الجزائر (الأغواط وبشار)، و03 فرق من فدرالية روسيا المتحدة، ليبيا وتركيا.