قالت حركة حماس، أمس الأحد، إن وصول الغذاء والدواء وتدفق المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة بشكل عاجل حق طبيعي، وإن الخطة الصهيونية لعمليات الإنزال الجوي تمثّل سياسة لإدارة التجويع.
أكّدت الحركة، في بيان، أن لجوء الاحتلال إلى إنزال بعض من المساعدات جوا، فوق مناطق من قطاع غزة، “ليس إلاّ خطوة شكلية ومخادعة لذر الرماد في العيون، تهدف إلى تبييض صورته أمام العالم، ومحاولة للالتفاف على حقوق الشعب الفلسطيني برفع الحصار، ومطالبات المجتمع الدولي والشعوب الحرة بوقف سياسة التجويع التي تديرها الحكومة الصهيونية “.
وأضافت حماس: “إنّ خطة الاحتلال لعمليات الإنزال الجوي والتحكم بما يُسمّى بالممرات الإنسانية، تمثّل سياسة مكشوفة لإدارة التجويع، لا لإنهائه”. وتابعت: “نؤكد أن الطريق الوحيد لإنهاء جريمة التجويع الوحشية في قطاع غزة؛ هو وقف العدوان وكسر الحصار الإجرامي المفروض عليه، وفتح المعابر البرية بشكل كامل ودائم أمام المساعدات الإنسانية، وضمان تدفقها وإيصالها إلى المواطنين، وفق الآليات المعتمدة لدى الأمم المتحدة”.
إنهـــاء التّجويــــع لا إدارتـه
وأكّدت حركة المقاومة الفلسطينية أنّ “خطوات الحكومة الصهيونية لفرض واقعٍ وآلياتٍ لا إنسانية للتحكم بالمساعدات وإدارة التجويع، والتي تسببت بارتقاء أكثر من ألفٍ وجرح نحو 6 آلافٍ من المدنيين؛ تمثّل جرائم حرب موصوفة”.
هذا، وبدأ صباح أمس سريان ما ادعى الجيش الصهيوني أنه “تعليق تكتيكي محلي للأنشطة العسكرية” بمناطق محددة في قطاع غزة، للسماح بمرور المساعدات الإنسانية، وذلك في خطوة وصفها كثيرون بأنّها مجرّد خدعة مكشوفة من الكيان الصهيوني الذي لا يهمّه بالمرّة إنقاذ الفلسطينيين بقدر ما يهمّه تبييض صورته المشوّهة، والدليل أنه وفي الوقت الذي أعلن فيه فتح معبر رفح أمام شاحنات المساعدات والقى بمؤن غذائية جوّا، فقد واصل غاراته وقصفه الذي فتك بعشرات الغزّيين ،كما واصلت المجاعة حصد أرواح الأبرياء.
وأعلن الجيش الصهيوني، وقفا مؤقتا للعمليات العسكرية في 3 مناطق محددة بغزة، هي دير البلح والمواصي ومدينة غزة، وذلك بعد وقت قصير من زعمه إنه اتخذ عدة خطوات لتخفيف الأزمة الإنسانية في القطاع.
وقال إنّ وقف العمليات سيكون يوميا في المواصي ودير البلح ومدينة غزة، من الساعة العاشرة صباحا حتى الساعة الثامنة ليلا بالتوقيت المحلي حتى إشعار آخر.
دخــــول شاحـــــنات الإمــــــدادات
وقالت هيئة البث الصهيونية إنّه تقرّر تنفيذ “هدنة إنسانية تستمر لساعات طويلة” في قطاع غزة بدءًا من أمس الأحد، وذلك استجابةً للانتقادات الدولية المتزايدة حول الوضع الإنساني في القطاع، وعقب جلسة مشاورات مصغّرة عقدها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو مساء السبت.
كما زعمت أنّه تقرّر تفعيل ممرات إنسانية آمنة لضمان مرور قوافل المساعدات التابعة للأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية، وإيصال الغذاء والدواء للسكان.
وبدأت أمس الأحد شاحنات محمّلة بالمساعدات بالعبور إلى قطاع غزة عبر معبر رفح المصري.
وفي وقت سابق من مساء السبت، استأنف الجيش الصهيوني عمليات الإسقاط الجوي للإمدادات الإنسانية فوق قطاع غزة، لكن هذه الخطوة تعرّضت للكثير من التهكّم والشجب ،على اعتبار أن إسقاط الغذاء لن يكون له أي أثر مع استمرار القصف والقنص، وارتفعت النداءات تطالب بوقف العدوان وفكّ الحصار وإدخال المساعدات بشكل جديّ وليس وفق خطّة مكشوفة لتجميل صورة الاحتلال على حساب الضحايا الأبرياء.
تنفيــــس الضّغـط الدولــي
كما أثار إعلان جيش الاحتلال الصهيوني عن “ممرات إنسانية”، ووقف مؤقت لإطلاق النار في مناطق محددة بقطاع غزة، جدلا واسعا عبر منصات التواصل الاجتماعي، وسط تحذيرات من التماهي مع ما وصفه نشطاء بـ “اللعبة السياسية القذرة” لتجميل صورة الاحتلال وتنفيس الضغط الدولي المتزايد بسبب المجاعة المتفشية.
وقوبلت الإجراءات الصهيونية بتشكيك واسع من قبل النشطاء والمغردين، الذين اعتبروا أن الخطوة لا تنبع من أي مراجعة أخلاقية أو إنسانية، بل جاءت نتيجة لضغوط أمريكية غير مسبوقة، وتراكم الإدانات الدولية في تقارير صادرة عن الأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية، التي بدأت تتحدث بصراحة عن استخدام المجاعة كأداة حرب وانتهاك جسيم للقانون الدولي الإنساني.
وأشار مغردون إلى أنّ الاحتلال يحاول من خلال هذه الخطوة تحسين صورته المشوهة، عبر الترويج لإنزال جوي للمساعدات وحديث عن دخول مئات الشاحنات، ووقف مؤقت لإطلاق النار دون أن يمس ذلك جوهر سياسة العقاب الجماعي أو يضع حدا لحالة الإبادة المتواصلة.
امتصاص غضب الرأي العام العالمي
ورأى آخرون أنّ إدخال المساعدات لا يعدو كونه محاولة لامتصاص غضب الرأي العام العالمي وتهدئته مؤقتا، تمهيدا لاستئناف الحرب بوتيرة أشد.
وأشاروا إلى أنّ صور الأطفال الهزلى، والعائلات التي تبحث عن الطعام بين النفايات، والتي تسرّبت مؤخرا، شكّلت صدمة حتى في أكثر الدوائر الغربية دعما للكيان، مما استدعى هذه المناورة الإعلامية والسياسية.
وأكّد النشطاء أن ما جرى لا يمثّل تحوّلا إنسانيا، بل هو مجرد “إدارة للأزمة”، مشدّدين على أن فتح المعابر جزئيا، وتوزيع المساعدات وسط الدمار دون خطة متكاملة لوقف العدوان أو رفع الحصار، لا يعالج المأساة بل يطيل أمدها.