اهتمــام أمريكي بالتجربـة الجزائريـــة فـي الزراعــة الصحراويـة
الخبـير سعودي لـ”الشعـــب”: الجزائـر مفتــاح علاقات جيّـدة مــع دول إفريقيا
حجـــم التبـادل التجاري وصل 4 مليـار دولار بــين الدولتين في انتظـار مضاعفتـه
تعمل الجزائر والولايات المتحدة الأمريكية في السنوات الأخيرة على الدفع بالعلاقات الثنائية بين البلدين، سيما ما تعلق بتعزيز الحوار الاستراتيجي والتعاون الثنائي المتعدد الأبعاد في المجالات الاقتصادية والتي تعرف حركية متجددة، حيث تصدرت قطاعات الدفاع، الطاقة، الفلاحة، العلوم والتكنولوجيا قائمة المجالات ذات الأولوية ضمن رغبة ثنائية لتوطيد العلاقات بين الجانبين.
تعدّ علاقة الجزائر بالولايات المتحدة الأمريكية متعددة الأوجه والأبعاد قابلة للتوسيع والتعميق، وذلك انطلاقا من رغبة وإرادة الطرفين في تجسيد ذلك من خلال تعزيز تعاونهما التجاري والاقتصادي، علما أن حجم التبادل التجاري وصل حوالي 4 مليار دولار بين الجزائر والولايات المتحدة، 3 مليار دولار صادرات الجزائر إلى أمريكا من بترول، غاز مسال، حديد، إسمنت وتمور، في مقابل 1 مليار دولار واردات أمريكا إلى الجزائر.
وتسعى الجزائر للبحث عن شركاء أقوياء للرفع من تنافسيتها بما يتماشى الخطط الجديدة التي رسمها رئيس الجمهورية لبلدنا من أجل خلق المزيد من فرص العمل وتنويع الاقتصاد الجزائري في قطاعات استراتيجية، كالزراعة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والطاقة النظيفة وهي مجالات يمكن للشركات الأمريكية أن تعمل فيها بشكل وثيق مع الجزائر خدمة لمصالحهما المشتركة.
في هذا الإطار عرفت الجزائر زيارات متكررة لعدة مسؤولين أمريكيين للجزائر أبدت رغبتها في تعميق التعامل الثنائي بين البلدين وترجمة ذلك من خلال الارتقاء بالعلاقات الاقتصادية للبلدين، علما أن أهم ما تجسّد في هذا الإطار توقيع وزارة الطاقة الجزائرية اتفاقية مع شركة شيفرون الأمريكية لتقييم موارد النفط والغاز البحرية في الجزائر بهدف تمهيد الطريق لمشاريع استكشاف وتطوير مستقبلية تهدف إلى تثمين موارد المحروقات الجزائرية.
من جهة أخرى تعتبر الجزائر موردا رئيسيا للطاقة لأوروبا، وتسعى لتعزيز انخراطها مع الولايات المتحدة في هذا المجال، ما يعني فرص استثمارية متجددة في سوق مفتوحة وفي حاجة مستمرة للمنتجات الطاقوية، يقابله جهود الجزائر الساعية وراء تعزيز التنويع الاقتصادي وتقليل الاعتماد على المحروقات، ما يجعلها تبحث عن شركاء ذوي خبرة يشاركونها في هذا المسعى لتحقيق أهدافها في هذا المجال.
وشكل المنتدى الجزائري الأمريكي للطاقة 2025، فرصة جيدة للطرفين وإن كانت الطاقة أهم قطاع يغري الأمريكيين بالاستثمار في الجزائر، وهو ما ترجم من خلال توقيع شركة سوناطراك وشركة أوكسيدنتال بتروليوم كوربوريشن الأمريكية، مذكرتي تفاهم على هامش المنتدى، بهدف تعزيز وتوسيع تعاونهما في مجال استكشاف وانتاج المحروقات في الجزائر.
وتتعلق مذكرة التفاهم الأولى، بتحديد إطار المناقشات المتعلقة بدراسة إمكانيات التعاون في تطوير المكامن الكربونية، أما المذكرة الثانية، فتتعلق بتطبيق تقنيات الاستخراج المعزز للنفط، بغرض رفع الإنتاج وتعزيز عوامل الاسترجاع النهائي.
في المقابل يجب التذكير بأن الجزائر من خلال قانون المحروقات تقدم عدة مزايا وتحفيزات كبيرة للمستثمرين، ما يبرز رغبة الطرف الوطني في استكشاف آفاق استثمارية جديدة خصوصا في المجالات المتعلقة بالمحروقات، الطاقات المتجددة، الهيدروجين وكفاءة الطاقة إلى جانب الحد من البصمة الكربونية.
..الجزائـــر ثالـــث اقتصــــاد إفريقيـــا..
ويرى أستاذ المالية والتحليل الاقتصادي عبد الصمد سعودي في تصريح لـ«الشعب”، أن العلاقات الجزائرية الأمريكية شهدت وتيرة متسارعة منذ تولي دونالد ترامب رئاسة الولايات المتحدة، حيث سعى الأخير إلى فتح أسواق جديدة وتطوير علاقات مغايرة عن تلك التي كانت قائمة سابقا، في ظل المنافسة الشديدة بين الصين والولايات المتحدة على الساحة العالمية، حيث أصبحت الأسواق التقليدية لأمريكا، مثل الدول الأوروبية وبعض دول آسيا والخليج، غير قادرة على تلبية احتياجاتها بسبب التقلبات الجيوسياسية والتوترات الكبيرة التي تشهدها منطقة الخليج، خاصة بعد الأزمة الروسية الأوكرانية.
وبحسب سعودي فإنه نتيجة لذلك تتجه الأنظار نحو أفريقيا، والجزائر تعد من الدول ذات الأولوية في هذا التوجه من أجل الدخول للقارة السمراء، حيث تحتل حاليا المرتبة الثالثة اقتصاديا في أفريقيا من حيث الناتج المحلي الإجمالي الذي يقدر بـ 266 مليار دولار، مع توقعات بأن يصل إلى حوالي 400 مليار دولار خلال العامين المقبلين، مما يجعلها الاقتصاد الثاني في القارة، بالإضافة إلى الإمدادات الطاقوية الموثوقة التي تتمتع بها الجزائر، خاصة النفط والغاز، وهو ما يعزز مكانتها كمورد استراتيجي، ما جعلها أيضا محط أنظار عديد الشركات الأمريكية على غرار “شوفرولي” من أجل نيل حصة في السوق الجزائرية، سيما مع تواجد استثمارات صينية كبيرة في الجزائر، خاصة في قطاعات الحديد والطاقة، مما يعكس أهمية الجزائر كموقع استراتيجي للاستثمارات الأجنبية.
حليـــف استراتيجـــي في المنطقـة
وأكد الخبير الاقتصادي أن الولايات المتحدة تسعى لتعزيز المبادرات التجارية مع الجزائر، التي تعتبر مصدرا موثوقا سياسيا وعسكريا في الاتحاد الأفريقي، مما يعزز من مكانتها كحليف استراتيجي في المنطقة.
في المقابل أشار سعودي إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية تظهر اهتماما كبيرا بالتجربة الزراعية الصحراوية في الجزائر، وما تمتلكه من موارد طبيعية هائلة، خاصة في القطاع الفلاحي والطاقة الشمسية، ناهيك عن الإمكانيات الأخرى كالطاقة الشمسية، الغاز الصخري والمواد الطاقوية، حيث تسعى الولايات المتحدة للاستثمار في العديد من المنتجات في الجزائر، مذكرا التنسيق الأمني الكبير بين الجزائر والولايات المتحدة، خاصة في دول الساحل الإفريقي، حيث تعتبر الجزائر ذات امتداد جغرافي واستراتيجي كبير في المنطقة، مما يعزز استقرار المنطقة بشكل عام.
.. قانـون الاستثمار يُتيــح فرص للشركـاء الاقتصاديــين..
ومن جهة أخرى أوضح المتحدث أن الجزائر تتجّه نحو تنويع اقتصادها بعيدا عن قطاع المحروقات، وهو ما ترجم في ارتفاع مساهمة القطاع الفلاحي الذي بلغ 38 مليار دولار، ليصبح ثاني أكبر مساهمة بعد قطاع النفط والغاز، كما تسعى الجزائر لرفع نسبة مساهمة القطاع الصناعي في الصادرات إلى 65%، مع التركيز على الصناعات التحويلية والمنتجات المختلفة، مما يفتح فرصا استثمارية كبيرة – بحسبه-أمام الشركات الأمريكية، خاصة مع وجود قانون استثمار جديد يتيح فرصا للشركاء الاقتصاديين.
وفي سياق العلاقات الدولية، عاد المختص في التحليل الاقتصادي إلى خطاب الرئيس الجزائري، الذي أكد فيه أن الجزائر تحافظ على علاقات جيدة مع كل الدول، بما في ذلك روسيا والصين والولايات المتحدة، حيث أظهرت الرسالة الأخيرة من الرئاسة الأمريكية أن واشنطن منفتحة على التعاون مع الجزائر، وأن الجزائر أيضا منفتحة على الاقتصاد الأمريكي، مما يعكس تطورا إيجابيا في العلاقات الثنائية بين البلدين.