طباعة هذه الصفحة

النائب العام لمجلس قضاء البليدة:

القانون يعاقب من يُروّج للمخدرات بـ”الغناء”

أحمد حفاف

توعد النائب العام لمجلس قضاء البليدة، عبد المجيد جباري، بتحريك الدعوى العمومية ضد من يُروج لتعاطي المخدرات والمؤثرات العقلية بـ«الغناء” في قاعة الحفلات أو الملاهي، ذلك أن القانون الجديد لمكافحة هذه الآفة الاجتماعية نص صراحة على معاقبة الترويج بأية وسيلة على حد تعبيره.

خلال يوم تحسيسي نظمه المرفق القضائي الأربعاء المنصرم، أوضح جباري بأن عقاب مدمني المخدرات ليس حلا، مستحضرا النظرية الفلسفية التي تتطلب ضرورة القضاء على الأسباب التي تؤدي إلى الجريمة بدلا من معاقبة المجرم.
في هذا الصدد، قال المتحدث إن “معاقبة متعاطي المخدرات ليست حلا، ومن الضروري على كل مؤسسات المجتمع العمل سويا لتشكيل حصن منيع أمام وقوع الشباب في براثن هذه الآفة، فالكل مسؤول وليس فقط الأسرة أو المدرسة أو الشرطة والدرك والقضاء.”
 وتابع بالقول: “يجب أن ندق ناقوس الخطر ما دام استهلاك المخدرات يهدد تماسك المجتمع، ففي الوسط التربوي مثلا، يجب علينا - على الأقل - تبليغ الأولياء بأن أبناءهم يتعاطون المخدرات، ومن ثمة يمكن إخضاع هؤلاء التلاميذ لعلاج نفسي وفي حالة الإدمان سيخضعون لتأهيل اجتماعي”.
 وتدخل النائب العام بلهجة صارمة، بعد الاستماع لمحاضرة رئيسة غرفة بالمجلس الموقر قائلا: “سمعتم بأن المادة 17 من القانون السابق 04-18 قد تم تعديلها في القانون الجديد 23-05 وأصبحت تنُص على معاقبة سلوكيات الترويج لتعاطي المخدرات والمهلوسات مهما اختلفت، وبالتالي لن نتسامح مع هؤلاء الذين يستعملون الغناء للترويج للمخدرات بألفاظ متداولة وسط المدمنين، وسنعاقبهم لأنهم يشكلون خطرا حقيقيا على المجتمع”.
واللافت أن النائب العام أكد بأن الجزائر لم تعرف أية قضية مخدرات منذ الاستقلال حتى سنة 1973 التي شهدت أول عملية تهريب لكمية من القنب الهندي عبر الحدود من المغرب، وذلك لانشغال الجزائريين آنذاك بثورة البناء بجيل مميز انتصر على أكبر قوة عسكرية في العالم؛ فطبيعة المجتمع القوي غداة الاستقلال، جعلت من الرئيس يأمر بإصدار مرسوم تنفيذي لسد الفراغ التشريعي الذي يصف جرائم المخدرات وعقوباتها لمعالجة القضية الأولى التي تم معالجتها سنة 1974، مع العلم أن الجزائر لم تكن مستهدفة كسوق أو منطقة استهلاك، بل كانت تعتبر منطقة عبور نحو دول إفريقية مستهلكة.
ولم تنتشر المخدرات في الجزائر إلا مع مطلع الألفية الثالثة لأسباب اجتماعية، ولو أن فترة التسعينيات عرفت ترويجا معتبرا لهذه السموم، لكن بأقل حدة، حيث استغل المروجون انشغال الجهات الأمنية بمحاربة الإرهاب لتهريب سلعهم، علما أن أول قانون لمكافحة المخدرات في الجزائر كان سنة 2004 والذي يحمل رقم 04-18.

حماية قانونية للصيادلة والمجتمع
 من خلال محاضرة ألقتها فوزية بن علي، رئيسة غرفة لدى مجلس قضاء البليدة، أكدت بأن المشرع الجزائري سعى لتدارك النقائص والاختلالات التي عرفها القانون 04-18، حيث جاء القانون الجديد 23-05 الصادر في السابع ماي الجاري بتدابير وقائية وأخرى عقابية والتي توفر الحماية للصيادلة المرخص لهم بيع الأدوية التي تستغل كمخدرات (الإتجار المشروع لها كأدوية) وكذا المجتمع الذي تغلغل فيه داء المخدرات بشكل مقلق في العقدين الأخيرين.
ومن بين أهم التدابير الوقائية التي تم التطرق إليها في المحاضرة، وضع فهرس إلكتروني للصيادلة مع ضرورة استحضار وصفة طبية متخصصة لبيع الأدوية، ويعتبر هذا الإجراء حماية لأصحاب الصيدليات الذين كانوا يتعرضون لتهديدات، حتى إن بعضهم تعرض للقتل من قبل مدمني ومروجي المخدرات الذين لا همّ لهم سوى ربح الأموال.
ويعتبر استحداث الديوان الوطني لمكافحة المخدرات من بين التدابير الوقائية أيضا، والذي سيقوم بوضع استراتيجية كل سنة لمكافحة هذه الآفة للمصادقة عليها من قبل مجلس الوزراء، ويقدم تقارير سنوية لرئيس الجمهورية حول مدى تنفيذ سياسة الدولة لمجابهة في هذا الإطار.
 ولحماية المجتمع، حمل القانون الجديد تدابير عقابية تتمثل في تشديد العقاب على الترويج العمدي باستعمال الأطفال بالسجن بين 20 إلى 30 سنة، والذي من شأنه أن يضع حدا لتغلغل المخدرات والمهلوسات في الوسط التربوي كما حدث مؤخرا، مما أثر على تربية وتنشئة جيل المستقبل رغم الجهود الكبيرة التي يبذلها إطارات المؤسسات التربوية لحمايتهم.
ومن بين تدابير الحماية التي أقرها المشرع في القانون الجديد، عدم تحريك الدعوى العمومية ضد من تتم معالجتهم بالأدوية المخدرة، وتعديل إجراء المثول لفائدة الأحداث أي القُصّر، بالإضافة إلى إنشاء مراكز لعلاج المدمنين مع توسيع طرق الكشف عن المخدرات، الأمر الذي يُسهل عمل الجهات الأمنية.