هل هناك ما يستحق الصمت؟ جرح غزة نازف، وشهداؤها يتسابقون إلى طابور الشهادة. أين أنتم؟ وماذا يفيد صمتكم العازف على جراحهم؟
ماذا سأقول للتحقيق إن سألوني: من قتل مريم؟ وإن سألوا: لماذا قُتلت سلمى؟
نعتذر؟! أيفيد الاعتذار بعد كل هذا الدمار؟
اغتصبوا الحرمة، وهدموا الديار، وجوّعوا الأطفال... ماذا بعد؟
ماذا أقول في التحقيق إن سُئلت عن صمتكم؟ وإن سألوا عنكم، ماذا تقولون أمام ربكم يوم الحساب؟
تقفون وتعتذرون، وأنتم من حفلة إلى أخرى ترقصون، وتتبادلون الابتسامات، وتأكلون الحلوى، وتقودون المركبات، وتعودون إلى بيوتكم لتناموا في سبات.
آسفون شهداءنا، أنتم أكرم منا جميعًا.
آسفون أطفالنا، أنتم أجمل منا جميعًا.
أنا لن أعتذر، بل أنا أقوى من عزيمتكم، وأقوى من صبركم، وأشدّ على أيديكم، وأقبّل الأرض تحت نعالكم.
هناك حشد من الناس... أهناك شهداء جدد، أم هناك عروس تُهيّئ نفسها لحفل زفافها؟
بل هناك زفّة شهيد، قُتل أمس بدم بارد، إلى أنس الشريف، صحفي غزة والعين الساهرة، وإلى صحفيي غزة، وإلى جرح غزة النازف إلى ما لا نهاية، أكتب بدمائكم قصيدتي.
أعلّم صبركم طفلتي، وأقرأ أمام الجماهير وصيتكم، وأعلم أنهم صمّ بكم، لا يتكلمون ولا يسمعون.
أعلم أن الدنيا أصبحت في عالم آخر، وأنتم في عالم بعيد عنهم.
لا أقوى على إقناعهم، لأن قلوبهم أصبحت مثل صخر الصوان.
لا ألوم أحدًا ولا أعلّم أحدًا، لأن كما يقولون في العامية: كل واحد عقله برأسه يعرف خلاصه.