طباعة هذه الصفحة

مسح شامل لأراضي بوعينان لإعداد خبرة جديدة

مـشاكل العقار ترهن مــــشاريع التّنمـية بالبلــيـدة

البليدة: أحمد حفاف

تعتبر المشكلات العقارية أهم العراقيل التي تعترض تجسيد مشاريع تنموية في ولاية البليدة، والتي تعيش حالة من التشبع بفعل نمو عمراني متسارع شهدته في العقود الثلاثة الأخيرة، وتخصيص بعض أراضيها لإنشاء مجمعات سكنية لفائدة ولاية الجزائر العاصمة المجاورة لها.

 تتمثل العراقيل العقارية في اعتراضات الخواص عن استغلال أراضيهم لإنجاز مرافق عمومية، على الرغم من أن كثيرين منهم يحوز على عقود عرفية لا تثبت حقوق الملكية، وهذا ما وقع في بلدية بوعرفة باعتراض مواطنين عن الانطلاق في أشغال مجمع سكني في القطب الحضري الذي تنجزه الوكالة الوطنية لتحسين السكن وتطويره (عدل).
أكّدت مديرية تنظيم الشؤون العامة في الولاية بأن العقود التي قدمها المعترضون غير شرعية، وحدث هذا قبل قرابة شهر ونصف بحسب ما بلغنا من رئيس المجلس الشعبي الولائي عبد المؤمن داود، والذي أشار إلى أنّ الأقطاب السكنية الجديدة في بلدية مفتاح (الصفصاف وحوش الريح) عرفت أيضا اعتراض مواطنين عن استغلال أراض ليست ملكا لهم، وهي غير مسجلة على مستوى مديرية الحفظ العقاري.
تتمثل العراقيل الإدارية أيضا في اعتراض بعض المواطنين عن قرار نزع الملكية لإنجاز مرافق عمومية، ذلك أن القانون يقضي بتعويضهم بمبالغ منخفضة جدا مقارنة بالأسعار المتداولة للعقار، وهو ما جعل سكان منطقة عمروصة يعترضون على تمرير قنوات غاز المدينة بأراضيهم، فاضطرت ولاية البليدة إلى اتباع مسار على حواف الغابة لتوصيل هذه الطاقة إلى القطب الحضري سيدي سرحان التابع إداريا لبلدية بوعينان.
كما اعترض سكان عمروصة على مشروع توسعة الطريق الوطني رقم 29و وطلبوا التعويض مقابل أمتار قليلة تم استغلالها لهذا المشروع، ومؤخرا تم تعيين فريق خبراء جديد من قبل مديرية أملاك الدولة والمحافظة العقارية لعدم جدوى خبرة عقارية أنجزت من قبل بالمدينة الجديدة بوعينان لأنها لم تكن شاملة.
ومن شأن الدراسة الجديدة التي سيقوم بها فريق الخبراء بمسح شامل لأراضي بلدية بوعينان وبالأخص عمروصة، التي تعد مركز المدينة الجديدة، ومن شأن تقرير الخبرة أن يسهل مهام السلطات القضائية للفصل بشكل نهائي في النزاعات المطروحة أمامها، ومن ثمَّ يمكن الإسراع في تجسيد بعض التجهيزات العمومية.
وفي وقت سابق، تم اختيار قطع أرضية لبناء مركب بريدي والمسجد الكبير، ومرافق أخرى في غاية الأهمية بناء على مخطط المدينة الذي تم إعداده سابقا، والذي تقوم المصالح الخاصة بتحيينه، وستأخذ بعين الاعتبار الخبرة العقارية الجديدة قبل التوطين النهائي للمشاريع المراد إنجازها.
وتعتبر العراقيل الإدارية هاجسا حقيقيا أمام تجسيد المشاريع، رغم أن الإدارة هي الأخرى تجد صعوبات كبيرة في تنفيذ الصفقات العموميةو خاصة عند وقوع نزاع مع الشركات المقاولة أو فسخ عقودها، فغالبا ما تكون الإدارة هي الخاسرة في القضاء الإداري بحسب دراسة أعدّها مختصون.
من بين العراقيل الإدارية التأخر في تطبيق القانون فيما يخص نزع الملكية، وهذا ما يواجه مشروع إنجاز طريق اجتنابي لفائدة المدينة الجديدة بوعينان، بالرغم من صدور المرسوم التنفيذي الذي يأمر بنزع الملكية والتعويض، كما تأخرت هيئة مراقبة البناء في البليدة بالإمضاء على مخطط تصحيح مشروع مدرسة ابتدائية في القطب الحضري سيدي سرحان.
فيما يخص العراقيل التقنية، كشف رئيس المجلس الشعبي الولائي بأن بعض المشاريع تشهد مشاكل تقنية، وحلها يتطلب إقامة دراسة جديدة، كما حدث مع الطريق الازدواجية الذي يربط القطب الحضري الصفصاف في مفتاح بسبب انزلاق التربة، وأشار المتحدث إلى أن المشاكل التقنية أصبح من السهل مجابهتها بسبب تطور الأجهزة والمعدات المستعملة في البناء والأشغال العمومية، كما يمكن تصحيح المخططات عند اكتشاف هذه العراقيل التقنية.

العقار الصّناعي..مشكلة أخرى

 من بين الملفات الشائكة في البليدة أيضا، عدم توفر العقار الصناعي مما جعل الاستجابة لآلاف الطلبات المودعة على مستوى مديرية الصناعة تبقى حبيسة الأدراج، ومن الضروري التوجه نحو ولايات مجاورة لإقامة منطقة نشاطات للراغبين في توسيع استثماراتهم، وهو الملف الذي سيفصل فيه الشباك اللامركزي التابع للوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار.
واللافت مؤخرا أن الجهاز التنفيذي لولاية البليدة ركّز جهوده على الجانب الاقتصادي، باستقبال بعض وفود الدول الإفريقية على أمل تسويق المنتجات المحلية بها، لكن النظام البيئي للاستثمار في عاصمة المتيجة يستدعي تطويره ليتناسب مع إقحام الشركات الناشئة واقتصاد المعرفية في تحقيق الثروة.

النّفايات والنّقل..مشاكل متراكمة
 
 ملفات شائكة أخرى تنتظر حلولا مستعجلة بولاية البليدة، خاصة في الجهة الشرقية التي عرفت نموا عمرانيا وسكانيا كبيرا، دون أن يرافقها نموا اقتصاديا واجتماعيا، ولعل من أبرزها تسيير النفايات بالاعتماد على تدويرها، وهذا بعدما أصبحت مراكز الردم التي تعرفها المدينة في حالة تشبع، وأصبح من الصعب على مديرية البيئة إيجاد مناطق ملائمة لاستغلالها في ردم النفايات وحرقها.
وتأمل ولاية البليدة أن تستفيد من وحدة لرسكلة النفايات المنزلية، أي المواد العضوية مثل بقايا الخضروات والفواكه التي يمكن تحويلها إلى أسمدة طبيعية، مع استحداث مراكز للفرز الانتقائية التي ستسهل المؤسسات الناشطة في مجال تدوير مختلف المواد مثل البلاستيك، الزجاج والألمنيوم، وتحويل النفايات الهامدة المتمثلة في الأتربة المتراكمة وسط مدينة بوعينان.
وبفعل استحداث أقطاب سكنية جديدة خلال العقدين الأخيرين في الجهة الشرقية التي تضم بلديات مفتاح، بوقرة، الأربعاء وبوعينان، ارتفعت نسبة النفايات في هذه الجهة التي أصبح من الضروري تدعيمها بمركز للفرز الانتقائي، مع تشجيع استحداث مؤسسات عمومية أو خاصة لتثمين هذه النفايات، كما تفعل وحدة متخصصة في تدوير نفايات بقايا مذابح الدجاج في بلدية بن خليل، والتي تحول إلى أغذية للحيوانات الأليفة وتصدّر إلى الخارج.
وأدّى النمو العمراني بإنجاز مئات الآلاف من الوحدات السكنية في البلديات الشرقية للبليدة إلى تفاقم مشاكل النقل، حتى إن بعض المستفيدين من السكن في القطب الحضري الصفصاف في مفتاح، وكذا القطب الجديد سيدي سرحان في بوعينان، لم يشغلوا سكناتهم لصعوبة الالتحاق بأماكن عملهم.
ويتعين على الوالي الجديد أن يضع حدا لمعضلة السكن الاجتماعي بالنسبة لبلدية البليدة، وإنعاش الحركة الرياضية التي عرفت ركودا مع تشييد مركب رياضي في بوعينان، والعمل على توفير مرافق ثقافية التي تفتقر لها الولاية، وبسببها لم يحصل نموا ثقافيا على الرغم من المواهب الكثيرة في المنطقة، كما يستوجب أيضا استحداث مركز استشفائي جامعي جديدة في المدينة الجديدة بوعينان في المجال الصحي.