طباعة هذه الصفحة

جبال الأوراس لا ترحل أبداً

بقلم : يحيي رباح

ثورة الجزائر.. ثورة الشعب الجزائري، التي انطلقت في نوفمبر عام 1954، وحققت انتصارها التاريخي في الخامس من يونيو عام 1962، تضيء اليوم شمعة انتصارها الـ 61، ثورة الجزائر، شكّلت حالة شاملة من الإلهام ليس فقط في محيطها العربي، وخاصة في فلسطين التي استلهمت في مسيرتها الصعبة روح الثورة الجزائرية!! بل أن هذا الإلهام الجزائري إمتد إلى الوطن العربي من المحيط إلى الخليج، وامتد إلى أفريقيا من شمالها إلى جنوبها، وإمتد إلى كل مكان في هذه الدنيا الواسعة، حيث يحلم الناس بأن ترسم أصابعهم علامة النصر التي رسمها الجزائريون، بكفاحهم البطولي، وملاحمهم الخارقة، وإبداعاتهم العليا، وصبرهم النبيل، وطموحاتهم التي يستحقونها بأنهم أمة تعلو هامتها وهمّتها لتصل إلى ذرى جبال الآوراس السامقة. هل هناك حركة تحرّر بالعالم لم تقرأ التجربة الجزائرية، ولم تردّد النشيد الجزائري، ولم تسلتهم الروح الجزائرية، ولم تستند في مسيرتها إلى اليد الجزائرية الشجاعة؟؟ بالنسبة لنا في فلسطين، فإن الجزائر هي التي أطلقت النداء الخالد، على لسان الرئيس الشهيد هواري بو مدين، بأن الجزائر مع فلسطين ظالمة أو مظلومة!!، لأن الجزائريين اللذين خاضوا غمار الكفاح في أقسى حلقاته، وفي اعنف أطواره، وفي أغلى ضحاياها، تعلموا الحكمة المقدسة، بأن من يخوض مرارة الكفاح ليس مثل من يتفرّج عليه!!، ولذلك ظلت الجزائر دوماً حضناً دافئاً لفلسطين، وسنداً قوياً لفلسطين، وساحة أمان وعون لفلسطين، ومصدر إلهام للفلسطينيين بأنه مهما إدلهم الخطب، وتضاعفت صعوبات الطريق، فأن الفجر آت لا محال وإن النصر يتلألأ هناك في نهاية الطريق. لم تكن الجزائر منكفئة على نفسها ذات يوم، لأن جبال الأوراس أعلى هامه من الانحناء أو الانكفاء!!، بالجزائر في كفاحها البطولي في سنوات الثورة كانت منارة للآخرين، وفي إنتصارها كانت عوناً وعطاءً ونموذجاً يحتذي، وحلماً يضيء القلوب. ولهذا كان خوف الأعداء منها كبيراً، وتوجسات القوى المعادية لحرية الشعوب لا تهدأ عند حد، فأنفتح في لحظة صادمة من الزمن جرحها الكبير الذي نزف أطهر الدماء، ولكن الشعب الجزائري بروح الثورة المتغلغلة فيه، كان هو الأقوى، والجيش الوطني الجزائري أبن الثورة الشرعي، كان هو السياج الأقوى الذي يحمل حديقة الوطن المقدسة، بل إن ميراث الثورة ظلّ هو الحاضر دوماً في العقول والقلوب، وروح الوحدة الوطنية، ظلت هي لحمة النسيج الوطني، والإيمان بالجزائر القوية القائدة هو أول الكلام آخر الكلام. نفرح بالجزائر التي تلهمنا مشهدنا القيامة المتجدّدة، وتجدّد إنتصارها بأكثر من معنا، وتتعاقد مع المستقبل، وترسل لأمتها العربية والإسلامية، محيطها الإفريقي، وأفقها العالمي رسالة أمل، وبناء ورفاهية، رسالة مصالحة ووحدة متينة، رسالة إنفتاح بأن الشعب الذي أنجز الثورة العظيمة وحقق إنتصار خالد لا يمكن ابدأ أن يغرق بالظلام، رسالة ندية وإعتزاز بأن الأمة التي قدمت على مذبح الثورة مليون ونصف المليون من الشهداء، لا يملى عليها أحد، أين تقف أو كيف تفتح نوافذها على الزمن القادم. تحية للشعب الجزائري في ذكرى إنتصار ثورته الكبرى ملهمه الثورات في بقاع الأرض، الروح القوية التي ساندت كل طامح من أجل الحرية، وفي ذكرى إنتصار الثورة الجزائرية، نصعد إلى قمم الآوراس، نرفع علم الجزائر، ونرى حين نفعل ذلك أن العالم يصبح أفضل.