طباعة هذه الصفحة

لبنان ..الحفاظ على الاستقرار والمؤسسات

جمال أوكيلي

تعمل القيادة اللبنانية على الجبهتين السياسية والأمنية من أجل التحكم في كل الأحداث الناجمة عن الإنزلاقات في البلدان المجاورة وغياب الإجماع حول منصب رئيس الجمهورية. وفي خضم كل هذا المسعى طرأ عنصر جديد ألا وهو مسألة التمديد.
ففي وقت قياسي أغلق اللبنانيون ملف مجلس النواب الذي كاد أن يعصف مرة أخرى باستقرار البلد، ويولد أزمة تضاف إلى ما تشهده رئاسة الجمهورية وهذا باستمرار نشاط النواب إلى غاية ٢٠ جوان ٢٠١٧ وذلك كله من أجل القضاء على ما يعرف بالفراغ المؤسساتي واستكمال السير الحسن لدواليب الدولة، خاصة مع الأوضاع الأمنية الخطيرة في منطقة عرسال، وفي البعض من الأماكن الداخلية.
وبالرغم من تأسف المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان ديريك بلامبلي لهذا القرار يضاف إلى ذلك موقف الاتحاد الأوروبي الذي طالب بالإسراع في إعداد قانون إنتخابي جديد، لتطبيع الحياة السياسية في لبنان، وفي مقابل ذلك سارع النائب إبراهيم كنعان أمين سر تكتل التغيير والإصلاح الذي يتزعمه ميشال عون إلى القول بأن هناك طعنا ضد التمديد.
هذه الحركية الموجودة على الساحة اللبنانية تترجم القلق الذي ينتاب العديد من الفاعلين سواء داخليا أو خارجيا، إلا أن حكمة القيادة اللبنانية وبعد نظرها هو الذي حتم الذهاب إلى هذا الخيار الصعب حفاظا على استقرار لبنان، من هموم أخرى هو في غنى عنها في الوقت الراهن، إذ يكفيه الفراغ على مستوى الرئاسة والذي طال أمده منذ ٢٥ ماي ٢٠١٤، وعليه من الضروري إبقاء آليات إنتخاب هذا الرئيس قائمة منها خاصة مجلس النواب الذي للأسف لم يتمكن من الحسم في هذا المنصب قرابة ١٤ مرة على التوالي وحوّلت مهامه إلى الحكومة لتسيير الشؤون العامة، والفصل في مسائل معينة كتوقيع المراسيم والتعيينات وغيرها.
هذا كله من أجل حماية الموسسات من أي طارئ. وهذا في الوقت الذي تبدي كل الأطراف اللبنانية قلقها من تدهور الأوضاع الأمنية في عرسال، وفي نقاط معينة، جراء ظهور مسلحين بالإضافة إلى العمل الدؤوب من أجل إطلاق سراح العسكريين المختطفين.
والطرف الأكثر إنشغالا بهذا الوضع هو جزب الله الذي أدرج هذه التجاذبات الأمنية ضمن استراتيجيته كل إهتماماته منصبة على هذا الجانب مستعملا أوصافا معينة “كالتكفريين وعصابات داعش وغيرها”.
وانطلاقا من وجود كتائبه في سوريا، يريد أن يضهر بمضهر الأكثر حرصا على المشهد الأمني.
ولا يخلو خطاب نصر الله من الإشارة إلى ما يجري بداخل لبنان وخارجه، كما أن وسائل إعلام هذا الحزب تتابع بانتظام ما يقع في سوريا ومن خلال المؤشرات الميدانية فإن حزب الله يعمل من أجل أن لا تنتقل عدى اللاأمن إلى لبنان، بتوقيف والتصدي لكل الأحداث على مستوى الحدود لإبعاد أي تهديد عن الضاحية وترك الصدامات في عرسال والمناطق المتاخمة لسوريا.
لذلك فإن القيادة اللبنانية فضلت أن تكون الأولوية للمؤسسات التي تحمي البلد من الفراغ وكذلك التخلص من كل ما هو مؤقت على “أسس متينة” تسمح مستقبلا بالعمل وفق رؤية شاملة في انتخاب المؤسسات.