طباعة هذه الصفحة

الرئيس تبون وضع كل الآليات الكفيلة بإنجاح المسار

إطلاق نهضة اقتصادية مستدامة بالجزائر

جمال الدين بوراس

هادف لـ “الشعب”: الالتحاق بركب الدول الناشئة خلال السنوات القليلة القادمة

عاد رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، في كلمته خلال أشغال قمة روسيا-إفريقيا بسانت بطرسبورغ، التي قرأها نيابة عنه الوزير الأول أيمن بن عبد الرحمان، إلى سلسلة الإصلاحات الاقتصادية المعمقة التي أطلقتها الجزائر، والتي يعتليها قانون الاستثمار الجديد الذي يهدف إلى تحسين مناخ الأعمال وتشجيع الاستثمار وتحديد القواعد التي تنظم الاستثمار وحقوق المستثمرين والتزاماتهم، وهو ما ساهم في بعث تنمية شاملة، يرتقب أن يسجل بفضلها الاقتصاد الجزائري نسبة نمو تتجاوز 5٪ في أواخر 2023.

يؤكد الدكتور عبد الرحمن هادف، الخبير الاقتصادي والمستشار في التنمية الاقتصادية، في حديث لـ«الشعب”، أن كلمة رئيس الجمهورية خلال أشغال قمة روسيا-إفريقيا، بسانت بطرسبورغ، هي رسالة تحمل دلالات على التوجه الجديد للجزائر، خاصة وهي تباشر مشروع تحول اقتصادي، يهدف إلى وضع الأسس لنهضة اقتصادية مستدامة والالتحاق بركب الدول الناشئة في غضون السنوات القادمة، وبالتالي فإن المؤشرات التي ذكرها رئيس الجمهورية في كلمته والمتعلقة بالاقتصاد الكلي، مثل ارتفاع الناتج الداخلي الخام إلى 225 مليار دولار ورفع الدخل الفردي إلى أكثر من 4800 دولار، تدل على أن البلاد تعيش ديناميكية ونشاطاً جديداً، بفعل الإصلاحات التي باشرتها الحكومة الجزائرية، والتي تهدف إلى تطوير وتحسين أداء المنظومة الاقتصادية بصفة عامة، وبالأخص التأسيس لنموذج تنموي متنوع ومستدام، يمكن كل القطاعات الأساسية في المساهمة الفعلية في الحياة الاقتصادية، مع التركيز على قطاعات الصناعة والزراعة والخدمات، وكذا اقتصاد المعرفة البارز حديثاً في المزيج الاقتصادي الوطني، والمسعى هو إنتاج الثروة وتنويع الاقتصاد، للتقليل من الاعتماد والتبعية لقطاع المحروقات في مداخيل الجزائر، وفي نفس الوقت الاندماج في سلسلة القيم العالمية.
ويواصل الدكتور هادف قائلا، إن الجزائر باتت تنتهج توجهاً جديداً لتعزيز شراكاتها مع دول مثل الصين وروسيا، إيطاليا وتركيا، وغيرها من الدول، وهو ما سمح ببعث أسس تعاون جديد مبني على الندية والربحية المتبادلة.. هذه الشراكات أضحت تبنى وفق أولويات اقتصادية، مثل تلك المبرمة مع الصين وروسيا في مجال البنى التحتية والمشاريع المهيكلة، وإيطاليا وتركيا في مجالات الصناعة والزراعة. هذا التنوع في الشراكات، هو ما يجعل الاقتصاد الجزائري أكثر فعالية. ويضيف المتحدث، أن الرئيس أخذ على عاتقه رسم توجه جديد للجزائر، يرمي إلى الالتحاق بتكتلات وتجمعات اقتصادية عالمية، على غرار “بريكس” ومنظمة “شانغهاي للتعاون”، وكذا السعي لتفعيل اتفاقيات التبادل الحر مع الدول العربية والقارة الإفريقية، والتوجه لإعادة النظر - بالمقابل - في اتفاقيات الشراكة التي تربط البلاد بتكتلات تقليدية، على رأسها الاتحاد الأوروبي.
كل هذه المعطيات –يفيد الخبير هادف- تسمح للجزائر بأن تحجز مكانة كفاعل جيد على مستوى المنظومة الاقتصادية إقليميا في مرحلة أولى، والاندماج بصفة تدريجية في مرحلة ثانية مع سلسلة القيم العالمية، ما سيسمح لها بالارتقاء إلى مستويات أعلى والالتحاق بمصاف الدول النامية، والتي يتجاوز ناتجها المحلي الخام 800 مليار دولار سنوياً، فيما يفوق مستوى الدخل الفردي في بعضها 16 ألف دولار، وهو ما يصبُو إليه مشروع النهضة الاقتصادية الذي تعمل عليه الحكومة حالياً، والذي ينتظر أن تظهر نتائجه وملامحه جلياً ابتداءً من العام القادم.
ويضيف المتحدث، أن الجزائر ترافع –كما جاء في كلمة الرئيس- مع كل الشركاء والدول التي تتقاسم معها الرؤى على وضع أسس لنظام دولي جديد، يكون أكثر عدلا وتوازنا ويعطي الفرصة لدول الجنوب، خاصة الإفريقية، كي تلتحق بمصاف الدول المتقدمة، وأخذ نصيبها من التنمية، وفق مقاربة جديدة تحترم سيادة الدول وتتماشى وتطلعاتها، خصوصاً بعد الإجحاف الممارس من المنظومة المالية الدولية ضدها، وهو ما يملي عليها اليوم رفقة الشريك الروسي التعاون لخلق نظام جديد، يسمح لها بتجسيد أولوياتها المتعلقة أساساً بالأمن الغذائي والطاقوي والصحي والتعليمي، من خلال استحداث ميكانيزمات وآليات وهيئات جديدة لتمويل مختلف المشاريع التنموية التي تصب في الأولويات المذكورة، وهو ما تعمل عليه الجزائر منذ سنوات، حيث بذلت جهوداً كبيرة لدعم التنمية في العديد من البلدان الإفريقية، وكذا لتحسين الاندماج الاقتصادي الإفريقي، من خلال منطقة التبادل الحر الإفريقي، وهذا تجسيداً لأجندة الاتحاد الإفريقي لسنة 2063، التي تطمح لرفع التبادلات التجارية البينية بين دول القارة من 15٪ إلى مستوى 50٪.