طباعة هذه الصفحة

مسـاعٍ جزائرية وسط تهديدات “إيكواس”

الحل الدبلوماسي في مواجهـة الخيار العسكري

سيف الدين قداش

 تقود الجزائر جولات عديدة في نطاق دول غرب إفريقيا لحشد الدعم لمبادرتها الرامية لدرء التدخل العسكري في نيامي، وتسوية الأزمة النيجرية وفق الحلول الدبلوماسية، بعيدا عن الرصاص. وقد وجّه رئيس الجمهورية في هذا الصدد، وزير الخارجية والجالية بالخارج أحمد عطاف، رفقة الأمين العام للوزارة، لقيادة مساعي خفض التصعيد بين إكواس والنيجر وداعميها، ورأب الصدع بين القوى المختلفة بغية الوصول لتسوية مقبولة لجميع الأطراف، تحمي النيجر وجوارها الإقليمي من أي مخاطر غير معروف النتائج والتحديات.

يؤكد الدكتور مخلوف وديع، أن منطقة الساحل تشكّل أحد أكبر التحديات والاهتمامات الإقليمية بالنسبة للجزائر بفعل الجغرافيا والحدود المشتركة التي تبلغ أكثر من ألف كيلومتر مع كل من مالي والنيجر، زيادة على الارتباطات الاجتماعية والنشاطات الاقتصادية في المناطق الحدودية، والأهم المخاطر الأمنية المتعلقة بالتهريب والجماعات الإرهابية.
غير أن سلسلة الانقلابات العسكرية بالمنطقة، زادت من تعقيد تحديات الجوار الجزائري، خصوصا مع الانقلاب العسكري الأخير في النيجر، وما تلاه من تداعيات على السلم الإقليمي والمتعلق أساسا بتهديدات إيكواس بالتدخل العسكري تحت حجج متعلقة بالممارسة الديمقراطية والدعوات للرجوع للشرعية الدستورية. فرغم الطابع الاقتصادي لمنظمة إيكواس، إلا أنها تعتمد على البعد العسكري في تفاعلها مع محيطها، خصوصا في مجال نشر قوات سلام، كما كانت الحال في كوت ديفوار وليبيريا في 2003، غينيا بيساو 2012 ومالي في 2013 وكان أول تهديد بالتدخل العسكري المباشر في 2017 في غامبيا، واليوم يبرز في النيجر.
ويؤكد مخلوف، أن المساعي الجزائرية تبرز في اعتماد التسوية السياسية بدل اللجوء للحل العسكري في الأزمة النيجرية، حيث تشكل التسوية السلمية للنزاعات والأزمات ضمن مبادئ السياسة الخارجية للجزائر منطلق المبادرة الجزائرية في النيجر، حيث تحمل مساعي للوساطة بين الأطراف المتنازعة في الملف النيجري قصد رأب الصدع ومحاولة تقريب وجهات النظر.
وبالرجوع إلى توقيت المبادرة الجزائرية، نجد أن إيكواس استنفدت كثيرا من أوراقها، وعلى رأسها تاريخ 6 أوت الماضي كآخر أجل للرجوع إلى الشرعية الدستورية في النيجر، غير أن السلطات الانقلابية في النيجر لم تنصع لتهديد إيكواس.
وبحسب المتحدث ذاته، فإن التحدي هو جذب مختلف الأطراف الفاعلة للحل السياسي، بدل الاعتماد على التدخل العسكري، من ثم فإن سياق بداية التفاوض يتطلب خطوات لبناء الثقة أو بوادر حسن نية والاعتقاد السائد أن تقليص مدة المرحلة الانتقالية التي اقترحتها السلطات الانقلابية في النيجر زيادة على ضمانات أمنية لمصالح الدول وحتى إطلاق سراح الرئيس النيجري “محمد بازوم”.
ولا يمكن تجاوز البعد الاقتصادي، فمن خلال ارتداد العقوبات التي فُرضت في الأزمة النيجرية على دول إيكواس (56.3 مليون دولار خسائر في ثلاثة أسابيع في نيجيريا حسب الغارديان النيجيرية)، فإن إبراز المزايا الاقتصادية للحل السياسي بدل الإنفاق على التدخل العسكري، يُشكل أحد أهم مساعي التأثير في الأطراف المتنازعة في الملف النيجري، زيادة على اعتماد مقاربة تنموية جزائرية كإجابة على مختلف تحديات منطقة الساحل وغرب إفريقيا.
وفي هذا الصدد، جاءت مبادرة الرئيس عبد المجيد تبون، في القمة 36 لرؤساء دول وحكومات الاتحاد الإفريقي والمتعلقة بتخصيص مليار ونصف دولار لتنمية إفريقيا، وشكّلت هذه المبادرة منطلقا لاعتماد عمل مشترك في إفريقيا بدل قرع طبول الحرب، زيادة على مسعى الدول للاستفادة من المبادرة الجزائرية، ما يعطي وزنا أكبر للمساعي الجزائرية في الاعتماد على الحل السياسي بدل التدخل العسكري في أزمة النيجر.